لماذا تتشابه الروبوتات مع البشر والحيوانات؟
سيكون الروبوت (SpotMini) الخاص بشركة (Boston Dynamic) والشبيه بالكلب متاح بالأسواق في عام 2019، هذا الروبوت اللطيف، الواقعي للغاية والشبيه بالكلب ليس إلا أحد العديد من الروبوتات المستوحاه من العالم الطبيعي، حيثُ يتطلع المهندسون بشكل متزايد إلى الأنظمة الحيّة لتقديم حلول لتصميمات جيدة، سواء كانت كمحاكاة لقدرة دماغ الحشرات على التنقل والطيران أو صناعة روبوتات ذات مَعِدَة بكتيرية لتوليد الكهرباء.
في الفيديو أعلاه، تستطيع مشاهدة (SpotMini) وهو يتكأ للخلف على أرجل تشبه أرجل الطيور، موازنًا كتلة الباب الثقيلة ومن ثم قام بسلاسة بفتح الباب، هذا الفعل قد تم بنوع من فطرة حيوانية، وللحظة تشعر وكأن أصله الاصطناعي قد تلاشى، ولكن لماذا يضع مهندسو الروبوتات الكثير من التصميمات بناء على الحيوانات؟ هل فعلًا الروبوت شبيه الكلب هو الطريق الأنسب لإنجاز المهام التي صُمم (SpotMini) من أجلها، أم أننا فقط نأخذ طرق مختصرة ونسرق من الطبيعة.
بالفعل الإجابة هي الاثنين؛ ولفهم هذا يجب أن نفكر كيف نشأت تصميمات الطبيعة، وأن نعرف أيضًا ماذا نريد من الروبوتات الخاصة بنا أن تفعل؟
يعتبر جسد الحيوانات المعياري والمتناسق أيقونة مميزة من التصميم الطبيعي، وهذا التصميم هو الذي أتاح –خلال انفجار كامبري (the Cambrian explosion) منذ 500 مليون عام مضى- هذا التنوع الهائل من الأنماط الحيوانية التي نراها اليوم.
أعطت الفائدة التطورية للأجسام الثنائية -أي المتماثلة بشكل طولي- الحيوانات التي تمتلك تلك الهيئة ميزات تكيفية عن أغلب الهيئات المناظرة الأخرى، فسمات كالاتزان وإدراك الأمام من الخلف ماهي إلا سمات متأصلة في هذا التصميم، حيثُ تعد الأرجل ذات الأرداف والركبتين إضافات صغيرة نسبيًا لكنها تزيد المدى والقدرة بشكل كبير جدًّا.
هذه السمات تعطي الحيوانات تحكم بالغ الدقة، وتعتبر هي أساس الإدراك العام الذي يتيح لتلك المخلوقات التنقل واستكشاف بيئات جديدة وتضاريس صعبة، لذلك في يومنا هذا ستجد كل حيوان تقريبًا متوافق مع البيئة المحيطة(conforms to the plan).
وتعتبر كفائة الطبيعة من الموحدات العظيمة الأخرى لها، فكل تكيف من الممكن أن يُحسن استهلاك الطاقة لأحد الأجناس تم اكتشافه، أمّا الأصناف المقاربة المسرفة خرجت سريعًا من المنافسة عن طريق ابن عمومة أكثر اقتصادية… ومن الممكن ملاحظة ذلك في اتزان قفزة الهرة ودقة الحركة الرمحية للسمك، حتى في الارتداد والإيقاع في مشيتنا نفسها.
الحيوانات فعالة بشكل كبير ملفت للنظر، وقابلة للتكيف مع المواقف والظروف الجديدة، لذا يرغب مصممو الروبوتات أن تصبح إبدعاتهم لديها هذه القدرة على نحو مماثل.. على كلٍ، فإن القيود الأساسية التي عملت بها الطبيعة لمليارات السنوات مازلت سارية وقائمة، بغض النظر عن الغرض من الروبوتات الذي نقوم بصناعته.
التنقل عبر عالم البشر
على خلاف أغلب الحيوانات، نريد أن تكون الروبوتات الخاصة بنا ليست فقط فعالة في الطبيعية وإنما في المجال البشري أيضًا، وهذا معناه أن نصمم روبوتات ملائمة لعالم صمم بواسطة البشر.
البشر ماهم إلا حيوانات، حيث أننا نعمل وفقًا لخواص أجسادنا، فقد شَكَلنا العالم ما قبل التاريخ، فقد فضل الانتخاب الطبيعي أطرافنا، أعيننا، أيدينا وأيضًا فضل حسنا التوجيهي على منافسينا المنقرضين منذ زمن سحيق.
اليوم، يعكس العالم الذي شيدناه هذا التاريخ. فنادرًا ما يتوقف البشر ليفكرون حيال الأمر، ولكن تراثنا التطوري موجود بالفعل في صورة مشفرة بالأبواب ودرجات السلم من حولنا، اللافتات والإشارات، في الخزائن والأروقة… لقد قمنا بتصميم تلك الأشياء بشكل يلائم خصائصنا البدنية، فكلما كان شكل الجسد أقرب لجسد الإنسان؛ كلما زادت كفائة التنقل والتعامل في العالم البشري.
أوجه الشبه الجليّة بين الروبوتات والكائنات الحية في التصميم البدني والسلوكيات تدعونا للتساؤل: لماذا يجب أن تكون تلك الآلات مشابه للأحياء بهذه الدرجة؟ فيجب أن نتذكر أنه بينما نحاول بناء آلات ستعمل في عالم الثقافة والأبدية الخاص بنا، أننا نفرض عليهم ذات القيود التي فرضها علينا العالم، تلك القيود تركت المهندسين يركبون الأمواج في أعقاب الطبيعة، متعجبين من إعجازها ومدى كفاءته، وبما أننا نطالب بالمزيد من الآلات في عالم البشر؛ فيجب ألّا يكون مفاجئًا أنْ يصبحوا في أغلب الأمر شبهنا أكثر وأكثر، فسواء أخذنا قرارًا أن ننقل من الطبيعة بكامل وعينا أو أن نحاول تصميم آلات فعالة بناء على المبادئ الأولى؛ ستكون النتائج متشابهة في كلتا الحالتين.
وبينما ينزلق (SpotMini) في قشرة موزة في مشهد كوميدي، ضحكت وتعاطفت معه بنفس المقدار… في بعض الأحيان تبدو الروبوتات الخاصة بنا كغش بسيط تم سرقته ونقله بشكل أعمى، أو حتى مُعَارَضَة أدبية سطحية من الصورة البيئية سُرقت بغرض جمالي بحت، لكن المحاكاة تلك هي أصدق أشكال الإطراء وفي حالة الروبوتات: إنه اعتراف حقيقي أنّ أسلوب الطبيعة صعب أن يُهزَم في أي ظرف من الظروف.