حَدِيثُ غَرَامِي فِي هَوَاكَ قَدِيمُ
وفرطُ عذابِي فِي هواكَ نَعِيمُ
بِمَا شِئتَ عَذِّب غَيرَ سُخطِكَ إنَّهُ
وَصَدِّق وَلَائِي فِي هَوَاكَ ألِيمُ
تُمَثِّلُكَ الأشواقُ وهماً لخاطِري
فَيُدرِكُنِي بالخَوفِ مِنكَ وُجُومُ
وتقنعُ منكَ الرُّوحُ لَمحَ توَهُّمٍ
فَتَحيَا بِهَا الأَعضَاءُ وَهيَ رَمِيمُ
هنيئاً لطرفٍ فيكَ لَا يعرِفُ الكَرَى
وَتَبَّاً لِقَلبٍ فِيكَ لَيسَ يَهِيمُ
ولمَّا جَلاكَ الفِكرُ يَا غَايَةَ المُنَى
فظلَّ بِقَلبِي مُقعِدٌ وَمُقِيمُ
وَمَا الكَونُ إلَّا صُورَةً أنتَ رُوحُهَا
وجِسمٌ بغيرِ الرُّوحِ كَيفَ يَقُومُ
تَوًهَّمَ صَحبِي أَنَّ بِي مَسُّ جِنَّةٍ
وأنكرَ حَالِي صَاحِبٌ وَحَمِيمُ
فَبُحتُ بِمَا ألقاهُ مِنكَ مُصَرِّحَاً
وَمَا نالَ لَذَّاتِ الغَرَامِ كَتُومُ
أَغُصنَ النَّقَا إنِّي أغارُ إذَا غَدَا
يُلَاعِبُ عِطفَيكَ الرِّشَاقَ نَسِيمُ
وَلَمَّا بَدَت فِي طَورِ خَدِّكَ جَذوَةٌ
وَلَاحَت لِقَلبِي عَادَ وَهُوَ كَلِيمُ
يَلِذُّ لِقَلبِي فِي هَوَاكَ عَذَابُهُ
وَلِمْ لَا وبالأَحوالِ أَنتَ عَلِيمُ
يميناً بأصواتِ الحَجِيجِ علَى مِنَىً
وَصَحبٍ لَهُم بِالمِأزَمِينَ زَمِيمُ
لَأَنتَ وإن أَصبَحتَ بالوَصلِ بِاخِلَاً
عَلَيَّ احتِقَارَاً بِي لَدَيَّ كَرِيمُ
وَيَا شَرَفِي لَمَّا غَدَوتَ وَلِلهَوَى
عَلَى جَسَدِي المُضنَى النَّحِيل رُسُومُ
وَيَا سائِقاً يُضنِي الرَّكَائِبَ طَلَّحَاً
لَهَا فٍي الرُّسُومِ المُقفِرَاتِ رَسِيمُ
إذَا عَايَنَت عَينَاكَ بَارِقَ أَبرَقٍ
يَلُوحُ كَمَا فِي الأُفُقِ لَاحَ نُجُومُ
وَبَاحَت بِأَسرَارِ الرُّبَا نَسمَةُ الصَّبَا
وَعَطَّرَ أقطارَ القِفَارِ شَمِيمُ
وَعَايَنتَ سَلعَاً قِف وَسَائِل أَحِبَّتِي
فهَذَا الَّذِي أصبَحتُ مِنكَ أَرُومُ
فَثَمَّ رَشَاً شَوقِي إليهِ مُبَرِّحٌ
وَرِيمُ فُؤَادِي عَنهُ لَيسَ يَرِيمُ
أَغَالِطُ عَنهُ بِالكَلَامِ مُجَالِسِي
وَفِي القَلبِ مِن ذِكرِي سِوَاهُ كُلُومُ
لَهُ مِن سُوَيدَاءِ الفُؤَادِ مَعَاهِدٌ
وبَينَ سَوادِ المُقلَتَينِ رُسُومُ
وقُل يَا غريبَ الحُسنِ رِقَّ لِنَازِحٍ
غَريبٍ لَهُ قَلبٌ لَدَيكَ مُقِيمُ
تَرَحَّلَ عنهُ مُذ تَرَحَّلتَ نَافِرَاً
فليسَ لهُ حتَّى القُدُومِ قُدُومُ
عَلَيكَ سَلَامٌ مِن كَئِيبٍ مُتَيَّمٍ
تَظَلُّ سَلِيمَاً وَهُوَ مِنكَ سَلِيمُ