قوله تعالى:1 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن أحمد بن محمد ابن يزيد ، عن سهل بن عامر البجلي ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه) ، وعمرو بن أبي المقدام ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام)[133] ، قال: قال علي (عليه السلام): «كنت عاهدت الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) أنا ، وعمي حمزة ، وأخي جعفر ، وابن عمي عبيدة بن الحارث على أمر وفينا به لله ولرسوله ، فتقدمني أصحابي وخلفت بعدهم لما أراد الله عز وجل ، فأنزل الله سبحانه فينا: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ماعاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) حمزة ، وجعفر ، وعبيدة (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا). فأنا المنتظر ، وما بدلت تبديلا».[134]
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ماعاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا 23 لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً 24)
2 - وعنه ، قال: حدثني علي بن عبد الله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن يحيى بن صالح ، عن مالك بن خالد الأسدي ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن جده عبد الله بن الحسن ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: وعاهد الله علي بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، وجعفر بن أبي طالب[135] (عليهم السلام) أن لا يفروا من زحف أبدا ، فتموا كلهم ، فأنزل الله عز وجل: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ماعاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) حمزة استشهد يوم أحد ، وجعفر استشهد يوم مؤتة (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) يعني علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه) ، (وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) يعني الذي عاهدوا الله عليه.[136]
3 - ابن بابويه ، قال: حدثني أبي ، ومحمد بن الحسن (رضى الله عنهما) ، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد ، قال: حدثني جعفر بن محمد النوفلي ، عن يعقوب بن يزيد ، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الله الكوفي ، قال: حدثنا موسى بن عبيدة ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن محمد بن الحنفية (رضي الله عنه). وعمرو بن أبي المقدام ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «أتى رأس اليهود إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) عند منصرفه من وقعة النهروان ، وهو جالس في مسجد الكوفة ، فقال: يا أمير المؤمنين ، إني أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي ، أو وصي نبي ، فإن شئت سألتك ، وإن شئت أعفيك. قال: سل عما بدا لك ، يا أخا اليهود.قال: إنا نجد في الكتاب أن الله عز وجل إذا بعث نبيا أوحى إليه أن يتخذ من أهل بيته من يقوم بأمر أمته من بعده ، وأن يعهد إليهم فيه عهدا يحتذى عليه ، ويعمل به في أمته من بعده ، وأن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء ، ويمتحنهم بعد وفاتهم ، فأخبرنا: كم يمتحن الله الأوصياء في حياة الأنبياء ، وكم يمتحنهم بعد وفاتهم من مرة ، وإلى ما يصير آخر أمر الأوصياء ، إذا رضي محنتهم؟ فقال له علي (عليه السلام): والله الذي لا إله غيره ، الذي فلق البحر لبني إسرائيل ، وأنزل التوراة على موسى (عليه السلام) لئن أخبرتك بحق عما تسأل عنه ، لتقرن به؟ قال: نعم.قال (عليه السلام): والذي فلق البحر لبني إسرائيل ، وأنزل التوراة على موسى (عليه السلام) ، لئن أجبتك لتسلمن؟ قال:نعم. قال علي (عليه السلام): إن الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم ، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم ، وأوصياء بعد وفاتهم ، وتصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء ، ثم يمتحن الأوصياء بعد وفاة الأنبياء (عليهم السلام) في سبعة مواطن ليبلوا صبرهم ، فإذا رضي محنتهم ختم لهم بالشهادة[137]، ليلحقهم بالأنبياء وقد أكمل لهم السعادة.قال له رأس اليهود: صدقت- يا أمير المؤمنين- فأخبرني ، كم امتحنك الله في حياة محمد من مرة ، وكم امتحنك بعد وفاته من مرة ، وإلى ما يصير أمرك؟ فأخذ علي (عليه السلام) بيده ، وقال: انهض بنا أنبئك بذلك ، يا أخا اليهود. فقام إليه جماعة من أصحابه ، فقالوا: يا أمير المؤمنين ، أنبئنا بذلك معه. فقال: إني أخاف أن لا تحتمله قلوبكم. قالوا: ولم ذلك ، يا أمير المؤمنين؟ قال: لأمور بدت لي من كثير منكم. فقام إليه الأشتر ، فقال: يا أمير المؤمنين ، أنبئنا بذلك ، فوالله إنا لنعلم أنه ما على ظهر الأرض وصي نبي سواك ، وإنا لنعلم أن الله لا يبعث بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) نبيا سواه ، وأن طاعتك لفي أعناقنا موصولة بطاعة نبينا (صلى الله عليه وآله). فجلس علي (عليه السلام) ، فأقبل على اليهودي ، فقال: يا أخا اليهود ، إن الله عز وجل امتحنني في حياة نبينا (صلى الله عليه وآله) في سبعة مواطن ، فوجدني فيهن- من غير تزكية لنفسي- بنعمة الله له مطيعا؟
قال: فيم ، وفيم ، يا أمير المؤمنين؟ قال: أما أولهن- وساق الحديث بذكر الاولى ، والثانية ، والثالثة ، والرابعة ، إلى أن قال-: وأما الخامسة- يا أخا اليهود- فإن قريشا والعرب تجمعت ، وعقدت بينها عقدا وميثاقا لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وتقتلنا معه معاشر بني عبد المطلب ، ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت علينا بالمدينة ، واثقة بأنفسها فيما توجهت له ، فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه و آله) فأنبأه بذلك ، فخندق على نفسه ، ومن معه من المهاجرين والأنصار ، فقدمت قريش ، فأقامت على الخندق محاصرة لنا ، ترى في أنفسها القوة ، وفينا الضعف ، ترعد ، وتبرق ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعوها إلى الله عز وجل ، ويناشدها بالقرابة والرحم ، فتأبى عليه ، ولا يزيدها ذلك إلا عتوا ، فارسها فارس العرب يومئذ عمرو بن عبدود ، يهدر كالبعير المغتلم[138] ، يدعو إلى البراز ، ويرتجز ، ويخطر برمحه مرة ، وبسيفه مرة ، لا يقدم عليه مقدم ، ولا يطمع فيه طامع ، ولا حمية تهيجه ، و لابصيرة تشجعه ، فأنهضني إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعممني بيده ، وأعطاني سيفه هذا- وضرب بيده إلى ذي الفقار- فخرجت إليه ، ونساء أهل المدينة بواكي إشفاقا علي من ابن عبد ود ، فقتله الله عز وجل بيدي ، والعرب لا تعد لها فارسا غيره ، وضربني هذه الضربة- وأومأ بيده إلى هامته- فهزم الله قريشا والعرب بذلك ، وبما كان مني فيهم من النكاية. ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه ، فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى ، يا أمير المؤمنين». ثم ذكر السادسة ، والسابعة ، ثم ذكر أول السبع بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ثم الثانية ، ثم الثالثة ، ثم الرابعة ، وذكرها ، وقال (عليه السلام) فيها: «وأما نفسي ، فقد علم من حضر ممن ترى ، ومن غاب من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدي ، ولقد كنت عاهدت الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله): أنا ، وعمي حمزة ، وأخي جعفر ، وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عز وجل ولرسوله ، فتقدمني أصحابي ، وتخلفت بعدهم لما أراد الله عز وجل ، فأنزل الله فينا: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ماعاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) حمزة ، وجعفر ، وعبيدة ، وأنا - والله- المنتظر».[139]