حديثُ النبي محمد وعترته
لا يتحمله إلا عبدٌ امتحن الله قلبه للإيمان
*
عَنْ صَالِحِ بْنِ مِيثَمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
بَيْنَمَا أَنَا فِي السُّوقِ إِذْ أَتَانِي أَصْبَغُ بْنُ نُبَاتَةَ فَقَالَ وَيْحَكَ يَا مِيثَمُ ، لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) حَدِيثاً صَعْباً شَدِيداً فَأَيُّنَا نَكُونُ كَذَلِكَ .
قُلْتُ : وَ مَا هُوَ ؟
قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ إِنَّ حَدِيثَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لَا يَحْتَمِلُهُ إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ عَبْدٌ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ .
فَقُمْتُ مِنْ فَوْرَتِي فَأَتَيْتُ عَلِيّاً (عليه السلام) .
فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، حَدِيثٌ أَخْبَرَنِي بِهِ الْأَصْبَغُ عَنْكَ قَدْ ضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً .
قَالَ (عليه السلام) : وَ مَا هُوَ ؟
فَأَخْبَرْتُهُ .
فَتَبَسَّمَ (عليه السلام) ثُمَّ قَالَ : اجْلِسْ يَا مِيثَمُ ، أَ وَ كُلُّ عِلْمٍ يَحْتَمِلُهُ عَالِمٌ ! إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمَلَائِكَتِهِ ﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ فَهَلْ رَأَيْتَ الْمَلَائِكَةَ احْتَمَلُوا الْعِلْمَ ؟!
قُلْتُ : هَذِهِ وَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ .
قَالَ (عليه السلام) : وَ الْأُخْرَى أَنَّ مُوسَى (عليه السلام) أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ فَظَنَّ أَنْ لَا أَحَدَ أَعْلَمُ مِنْهُ ، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ فِي خَلْقِي مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ، وَ ذَاكَ إِذْ خَافَ عَلَى نَبِيِّهِ الْعُجْبَ ، فَدَعَا رَبَّهُ أَنْ يُرْشِدَهُ إِلَى الْعَالِمِ ، فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْخَضِرِ فَخَرَقَ السَّفِينَةَ فَلَمْ يَحْتَمِلْ ذَاكَ مُوسَى وَ قَتَلَ الْغُلَامَ فَلَمْ يَحْتَمِلْهُ وَ أَقَامَ الْجِدَارَ فَلَمْ يَحْتَمِلْهُ ... وَ أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَإِنَّ نَبِيَّنَا (صلى الله عليه وآله وسلم) أَخَذَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ بِيَدِي قَالَ : (اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ عَلِيّاً مَوْلَاهُ) فَهَلْ رَأَيْتَ احْتَمَلُوا ذَلِكَ ؟! إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ . فَأَبْشِرُوا ثُمَّ أَبْشِرُوا ... فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَصَّكُمْ بِمَا لَمْ يَخُصَّ بِهِ الْمَلَائِكَةَ وَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ فِيمَا احْتَمَلْتُمْ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) وَ عِلْمِهِ .
*
المصادر : (بشارة المصطفى . ، بحار الأنوار .)