(1)
إن "حركة فتح" بقضها وقضيضها – لم تحد عن الصور التنظيمية المتآكلة والاكثر ايجابية (حسب المرحلة الزمنية ومعطياتها او مُقدَراتها) في حركات التحرر من جانب – وفي الأحزاب العاملة في الدول المستقلة من جانب آخر ..، وتمر من أمامي على سبيل المثال الأوضاع التنظيمية السوفياتية..، فلقد نجحت القيادة الجماعية (ولو إسمياَ- في مرحلة ما بعد جوزيف ستالين) .. لأنها حافظت على رونقها (أمين عام الحزب الشيوعي ورئيس مجلس السوفيات ورئيس الوزراء .. الترويكا) أُوَضِح (أمين عام الحزب وليس رئيس الحزب)..، وكمنت الطامة الكبرى حين تولى غورباتشوف الأمانة العامة .. وفجأة خرج علينا بفكرة الجلاسنوست (المكاشفة)، وعاجلها بطرح أفكاره حول" البيروسترويكا"، ولم يتم تنفيذ أي من طروحاته، وبدأ الانهيار يضرب أطنابه في جذور النظام السياسي والاجتماعي والثقافي والعقائدي السوفياني..، .، هكذا هو دور القائد الأول .. إما أن يُحيى الوضع الوطني القومي وربما الوعي الأممي وهو رميم، كما كان الدور المناط ثورياً بلينين وعرفات و"هو شي منه" وماو وغيرهم.. أو يأخذ على عاتقه ومسئوليته دور غورباتشوف بأن يقتُل الوضع الوطني القومي القائم /أي (.. يخربها ويقعد على تلها)، ويُعْتَبَر أنه الزعيم الأوحد .."وحيد قرنه" ولأننا في غابة السياسة فيصبح "وحيد القرن" . حقاً هناك أفراد تأخذ سماتهم صفة الانهيار /يُعْرَفون بسيماءهم.، كما هو الأمر في ساحات العالم الثالث عامة، وبعض ساحات حركات التحرر الوطني العالمية، وبخطورة قضيتنا وتداخلاتها وأوضاعها الخاصة .. فلقد أنجبنا في السنوات الأخيرة أفضل نموذج سلبي وقوة مثال على ذلك.،
(2)
أستغرب كم يمكن أن يتأتى إقدام كادر سياسي / مهما علت مرتبته التنظيمية في أي حركة من حركات التحرر الوطني .. أن يتقدم الصفوف / صفوف الثوار الميدانيين، ليتبوأ الموقع الأول مسئولاً للثورة، التي لم يطلق في مسيرتها حتى تاريخ إعتلائه لموقع المسئولية .. ولو طلقة واحدة يتيمة، يُخزي فيها عين العدو أو الحسود أو الشيطان، وطبعا لن يُطلقها بعد إختلاسه وإحتلاله الموقع. وهذا النفر لم يتعامل مع الذراع العسكري (الكفاح المسلح) وبالتالي حاقد عليه وعلى أصحابه..، وٌيجهد نفسه في كيفية محاصرته و التقليل من أهميته وقيمته النضالية تمهيداً لإقصائه تحت مسميات متنوعة و بإغراءات وهمية- علي غرار تقاعد مبكر أو لقد تم إنجاز الأهداف ...الخ-كل هذا ليتم إستئصال الأفكار والرجال..، .، وهذه المسألة تخلق لدى الدكتاتور( المسئول الأول-الرئيس)، عقدة نفسية.. ألا وهي الحقد على كل لابسي الكاكي- يوماً من الأيام – وكذلك الحقد على كل من حمل بندقية أو قاتل في خندق دفاعاً أو هجوماً، وعلى كل من وضع على ذراعه أو على كتفه رتبة عسكرية .. أو شاء حظه التعس والنحس أن قاد أو شارك في دورية داخل الأرض المحتلة .. أو دعا يوماً بالنصر للثورة المسلحة بضمير مستريح وقلب مفتوح.، هنا يصبح قدر الشعب .. قدراً عاثراً، خاصة إذا كان العدو المركزي / تِنِح .. لا يعرف التنازل.. بالتي هي أحسن عن جغرافيا أو سيادة، وهما حالتي التقدم او الوأد للعلاقة ما بين الأعداء على مائدة المفاوضات .. لإحراز اتفاق يسري على الطرفين.
(3)
إن هذا النوع من القيادة، يتشدق وهو خارج الملعب.. بالتنظير الموغل في الايجابية .. وبأنه " صاحب" مدرسة الديمقراطية، مكرراً أن بيت التنظيم ( خَرِبَ) من التعيينات البراشوتية، ويؤكد بأنه أبو الشفافية وأنه ضد الفساد..، وبأن السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة..، ويكرر إعلانه جازماً على ضرورة وحتمية الشروع فوراً في اللملمة الوطنية.. مترافقاً على التوازي أو لاحقاَ ترتيب البيت التنظيمي ليتسنى للظاهرة النضالية أن تأخذ مساقاتها ومساراتها المتوجبة للنهوض الكفاحي ورفع وتيرته صعوداً على السلم البياني.، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد .. بل تَعْمَد هذه النوعية الديكتاتورية لاختيار بطانة، تكون من أفسد خلق الله .. لايهمها إلا مصالحها الذاتية الأنانية الضيقة والقزمة والتافهة، ولهذا الأمر سببا مهماً..، أن هذا النفر من هذه البطانة.. تُظهر "الزعيم الديكتاتور" بأنه الأفضل بين أقرانه من أهل الوعي والرأي ولا راد لإرادته، إنه الفرعون ولا بديل له وعلى الجميع تنفيذ أوامره ورغباته، هكذا نصنع فرعون (الاله).. أوعلى الاقل ظل الله في الارض وليس أمام الجماهير إلا تنفيذ رغبات هذا النوع من " الديكتاتورية- الفرعونية" الذى لو كان على رأس حضارات وادي النيل وأرض الشام وبلاد ما بين الرافدين وفارس وبلاد الهند والسند والصين والواق واق وغيرها مجتمعة تحت زعامته الفرعونية .. لدمرها (وقعد على تَلها).
(4)
لعل أخطر ممارسات الديكتاتور الرئيس تكمن في الإيغال والإفراط في فرديته الكارهة لكل ما هو ديمقراطي .. خاصة أية نتائج لصندوق الاقتراع الديمقراطي، وإن اُكره على حالات معينة .. فلا حول ولا قوة/ ويُذعن بالقبول الظاهري .. وبكل ما في الكون من باطنية يعمد إلى أمرين:-، أولاً: التلاعب بالنتائج ما أمكن .. وإذا أُجبر على قبول بعض الأسماء الناجحة صاروخياً فلا مانع من قبولها مرحلياً لحين الاقتدار على سحقها تحت أنيابه السوداء مستقبلاً .. مستعيناً بما حاز من قدارت معنوية ومادية، متوهماً أنه قد أصبح قدر الشعب وقدر مصيره .. من خلال شعوره وكونه أنه أصبح قدر لقمة عيشه !.، ثانياً: ليس لديه مقدس في بطانته من المؤيدين .. مساعدين أو مستشارين وصولاً للخدم والحشم.، فالجميع تحت مقصلة مزاجه وأنانيته، ولا راد لقراره، على صعيد الإقصاء .. والإبعاد .. والطمس وقديما كان الاستئصال هو أنجع العلاجات لحالات المعارضة، ولكن الظروف الراهنة أخذت بإستبعاد هذه الشاكلة للطرد من الحياة. ويارب إستر.،