كان توماس كرومويل المسؤول عن تحول إنجلترا من إحدى بلاد العصور الوسطى إلى إنجلترا الحديثة. هذا هو رأى العلماء الذين يعزون إليه فضل التخطيط الإصلاحى فى إنجلترا، و إنشاء الخدمة المدنية و فرض سياسة القانون التشريعى إزاء الإعلان الملكى.
وهذه الأعمال كانت كفيلة بأن تجعل من كرومويل واحداً من أهم رجال التاريخ. ولا شك بأن حياته كانت تدعو إلى الإعجاب، و إن كانت الفترة الأولى منها لا يعرف عنها شئ واضح، فيما عادا إنه ولد فى بوتنى عام 1485. و فى عام 1520 كان يعمل فى خدمة الكاردينال وولسى، و أستخدم بصفة رمزية لإلغاء العديد من الأديرة القليلة الأهمية.
وبعد الفضيحة التى لحقت بوولسى فى عام 1529، دخل كرومويل البرلمان الذى أنعقد فى (نوفمبر) و أنخرط بحماسة فى معترك الأزمة التى شغلت الأوساط السياسية، و التى قويت بعد طلاق الملك و وقوع الخلاف مع الباباوية.
يرجع التأثير الفعلى على مجرد الإصلاح إلى عام 1532، عندما تسلم أول وظيفة له، هى وظيفة أمين المجوهرات. و كانت تلك الفترة عرض فيها كرومويل على الملك هنرى خطة كاملة تهدف إلى الفصل بين الكنيستين الإنجليزية و الرومانية، و فرض السيادة الملكية ، وتلك كانت الطريقة التى أستطاع فيها هنرى أن يتحدى البابا بزواجه من آن بولين و الأحتفاظ بولاء رعاياه.
وقد بدأ كرومويل الهجمات الأولى على الباباوية عام 1532 و عمل على وضع التشريعات الكبرى للإصلاح، مثل قانون الحوليات عام 1533 الذى حرم بموجبه البابا من إيرادته الإنجليزية، و قانون تقييد رفع الدعاوى 1533. و قانون السياسة 1534. و قد أدت القوة الدافعة لسياسة كرومويل الخاصة إلى أن يصبح فى مركز القلب من الحكومة. وفى عام 1543 أصبح كبيراً للأمناء، ثم حامل أختام الملك و نائب الرئيس الأعلى للكنيسة عام 1536. و فى العام نفسه بدء بإلغاء الأديرة مستخدماً سلطته كنائب دينى للملك. وقد أستمرت حركة الإلغاء هذه حتى عام 1540.
خلال سنوات قليلة وصل كرومويل إلى ذروة النجاح، ولكن سنوات قليلة كانت أيضاً كافية للإنحدار به من عليائه بالسرعة نفسها التى صعد بها، فكيف حدث ذلك؟؟؟
يجب أن نتذكر ان الإصلاح، فى بداية الأمر، كان إصلاحاً سياسياً و ليس عقائدياً. فقد كان يهدف إلى رفض السلطة الباباوية مع الأحتفاظ بالعقائد و التقاليد الكاثوليكية. و سرعان ما أخذت التأثيرات تنتشر،و أصبح أسم كرومويل مقترناً بها.
فبصفته نائب الرئيس الأعلى للكنيسة كانت التعاليم التى أصدرها كرومويل فى عامى 1536 و 1538 قد ساعدت على بدء التحرك نحو البروتستانتية. وذلك لمهاجمته المغالاة فى عبادة الصور، وفى رحلات الحج. وكانت ميول كرومويل البروتستانتية (وإن كانت معتقداته الدينية الشخصية ماتزال مثار جدل) جزءاً من مخطط محدد للسياسة الخارجية. فمع أحتمالات الحرب مع الدولتين الكاثوليكتين، فرنسا و أسبانيا، أراد كرومويل أن يضمن صداقة الأمراء اللوثريين فى غير أن الملك هنرى لم يكن شديد الرغبة فى أن يقترن أسمه بالحركة البروتستانتية، فبدأ يسمع لأعداء كرومويل، و أصبحت مجموعة "المواد الكاثولوكية الست" التى صدرت عام 1539 حجر عثرة فى سبيل تنفيذ سياسة كرومويل. ومع ذلك تمكن من إسترجاع مكانته، و فى عام 1540 تمكن من إقناع الملك من الزواج من آن آوف كليف، إلا ان هنرى كان يكرهه منذ البداية، فأصبح من الواضح ان ايام كرومويل باتت معدودة، و مع ذلك ففى عام 1540 منح كرومويل لقب إيرل، إلا ان الملك قد ضاق ذرعاً ،و فى العاشر من (يونيو) حين صدر الأمر بالقبض على كرومويل،وصدر بحقه الحكم بدون محاكمة، بتهمة العصيان و الخيانة و تم إعدامه 28 (يوليو) من عام 1540.
و ترتكز شهرة كرومويل على الدور الذى قام به فى تنفيذ الإصلاح، وسواء كان كرومويل يقصد ذلك أم لم يقصده، فإن الإصلاح الذى قام به كان بمثابة الدعامة للدستور الإنجليزى، إذ أن معظم بنوده المهمة كانت عبارة عن تشريعات برلمانية.