كيف انضم عبد الكريم قاسم لتنظيم الضباط الاحرار؟ دور إسماعيل العارف في انضمام عبد الكريم قاسم.



وصف إسماعيل العارف كونه من الضباط النشطين إذ أدى دورا كبيرا في حركة الضباط الأحرار منذ انضمامه سنة 1952 حتى نقله ملحقا عسكريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في كانون الأول سنة 1956 وبذل مجهودا كبيرا في كسب بعض الضباط المهمين الذين كانوا يشغلون مناصب ومراكز مهمة في الجيش العراقي والذين يعد ضمهم إلى الحركة كسب وقوة للتنظيم.


فقام بضم صديقه المقدم نعمان ماهر الكنعاني سنة 1954 عندما كان الأخير يعمل في مديرية التدريب العسكري بوزارة الدفاع ثم انضم إليها الرئيس الأول (الرائد)الخيال شكيب الفضلي وصار الثلاثة يجتمعون في مصيف الخيالة على شاطيء نهر دجلة قرب المستشفى الجمهوري.



وفي عام 1954 عين إسماعيل العارف مديرا لشعبة الحركات العسكرية فاتفق مع المقدم رفعت الحاج سري أن يقترح إسماعيل العارف نقل رفعت الحاج سري إلى مديرية الاستخبارات العسكرية عندما كانت المديرية المذكورة تفتش عن ضابط مهندس ينقل إليها, فرشحه لهذا المكان ليكون عينا للحركة في تلك المديرية المهمة التي تراقب نشاط الضباط السياسي فلاقى الاقتراح قبولا ونقل رفعت إليها..إلا أن رفعت لم ينجح مع مدير الاستخبارات العسكرية العقيد الركن احمد مرعي فاصطدم معه ونقل على اثر ذلك إلى منصب آمر معمل الأحذية العسكرية سنة 1955 فخسروا عضوا مهما ذا فائدة عظيمة للتنظيم.
كما قام إسماعيل العارف في سنة 1955 باستمالة المقدم عبد المجيد جليل الذي كان يعمل ضابط استخبارات في مديرية الاستخبارات العسكرية, ففاتحه بالانتماء إلى التنظيم فقبل بعد تردد فكان انتمائه كسبا كبيرا للحركة إذ كان من ضباط الاستخبارات الفاعلين المختصين بمراقبة نشاط الضباط السياسي, وقد طلب الأخير من إسماعيل العارف عند موافقته على الانضمام إلى الحركة أن لا يخبر أحدا من التنظيم باسمه وان يكون هو الوحيد الذي يعرف به وقد وعده إسماعيل العارف بذلك فلم يخبر أحدا باسمه سوى الزعيم عبد الكريم قاسم وذلك قبيل سفر إسماعيل العارف إلى خارج العراق بعد انكشاف اجتماع الكاظمية عام1956 .
لقد كان انتماء عبد المجيد جليل يتميز بأهمية خاصة فضلا عن خطورة منصبه كضابط استخبارات في مديرية الاستخبارات العسكرية،



فقد كلفه رئيس أركان الجيش الفريق رفيق عارف أن يكتب له تقريرا شخصيا كل يوم يسلمه إلى المرافق عن كل ما يسمعه وما يدور من أحاديث وإشاعات على السنة الضباط في الجيش. وكان رئيس أركان الجيش بالغ الاهتمام بالتقارير التي يكتبها, ولهذا أصبح بالامكان عن هذا الطريق إخفاء ما يصل من إشاعات عن التنظيم إلى السلطات العليا في الجيش وإبعاد آذانهم عما يردهم من معلومات عن نشاط الضباط الأحرار.

وفي سنة 1955 ادخل إسماعيل العارف كذلك المقدم عبد القادر محمود من مدرسة المدفعية إلى التنظيم فشكلوا خلية جانبية وكانوا يجتمعون في دار المقدم عبد المجيد جليل لهذا الغرض .



انضمام عبد الكريم قاسم
أثناء الفيضان الكبير كان إسماعيل العارف يشغل منصب مدير شعبة الحركات في دائرة الأركان العامة سنة 1954 وقد أنيطت مسؤولية الفيضان بمديرية الحركات بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء آنذاك في إعفاء مديرية الري العامة من المسؤولية واناطت مسؤولية درء خطر الفيضان عن بغداد بالجيش وبسبب مسؤولية إسماعيل العارف المباشرة عن القطاعات القائمة بعملية الحماية على السداد كان اتصاله وثيقا بآمري الألوية المسؤولة عن ذلك ومن بينهم آمر اللواء التاسع عشر عبد الكريم قاسم، فتوثقت بينهما الصلة حتى تمت لدى إسماعيل العارف القناعة بمفاتحته للانضمام إلى تنظيم الضباط الأحرار.
وبعد مشاورات مع بقية زملائه في التنظيم تم تكليف إسماعيل العارف بمفاتحته(اختلفت الروايات في اسم الضابط الذي اتصل به فقيل ناجي طالب ووصفي طاهر وقيل أن الذي أجرى الاتصال وصفي طاهر لوحده، كما إن إسماعيل العارف هو الآخر نسب لنفسه عملية ضم عبد الكريم قاسم إلى التنظيم وأيده في ذلك صبحي عبد الحميد).

وجرى ذلك في أواخر صيف 1954، فاستجاب الزعيم عبد الكريم قاسم فورا للفكرة وطلب منه إسماعيل العارف الموافقة على الاجتماع بشخص آخر من الضباط المنتمين إلى التنظيم وبعد طرح بعض الأسماء وافق عبد الكريم قاسم على أن يجتمع برفعت الحاج سري لكي يتم بذلك تأليف خلية جانبية متكونة من هؤلاء الثلاثة وقد تم الاجتماع في محلة العلوية في جنوب بغداد وذلك في شهر أيلول سنة 1954 وتم الاتفاق على المضي في العمل وتأليف الخلية المذكورة ويكون إسماعيل العارف صلة الوصل فيها مع المجموعة الأخرى. وعلى الرغم من معارضة بعض الأعضاء آنذاك على انضمام عبد الكريم قاسم إلا أن مزاياه تغلبت على كل شيء فقد كان من الضباط اللامعين في الجيش العراقي



وقد اثبت شجاعة في جميع الحركات التي شارك فيها ولاسيما خلال المعارك التي جرت في حرب فلسطين عام 1948، فضلا عن ذلك انه كان يتحلى بشخصية محبوبة ومحترمة بين ضباط الجيش لشهرته بالأمانة والذكاء والإخلاص، وفوق كل ذلك كان عبد الكريم قاسم آمرا لأحد الألوية المقاتلة الرابضة على أبواب بغداد ولوجوده على رأس هذه القوة ستكسب الحركة دفعا حقيقيا نحو تنفيذ أغراضها الوطنية إذ لم يكن لدى التنظيم آنذاك قوة ضاربة كبيرة سوى سرية الدبابات المستقلة والموجودة في بغداد التي يقودها صالح عبد المجيد السامرائي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعضهم أشار إلى أن عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف كانا عضوين في مجموعة أخرى من الضباط الأحرار وضمن تلك المجموعة عبد الرحمن عارف وفؤاد عارف، وهـو لـيس شـقيقهما، وناظم الطبقجلي وعبد العزيز العقيلي وخليـل سعيد ونتيجة لحركة التنقلات تلك تم تعليق الاتصالات بين مجموعة عبد الكريم قاسم والهيئة العليا إلى ربيع 1957 عندما توحدت المجموعتان إلا إن عبد الكريم قاسم لما سؤل بعد أدائه القسم عن تنظيمه الذي كان يرأسه أجاب بأن ليس لديه تنظيم.. وان اللواء الذي بإمرته مضمون في كل وقت وقد ذهب البعض إلى إن عبد الكريم قاسم كان يرأس تكتلا سريا للضباط الأحرار في المنصورية ولم يكشف عنه للجنة العليا وظل يحتفظ به لوحده.
عن رسالة (إسماعيل العارف ودوره العسكري والسياسي في العراق)

إسراء خزعل ظاهر