فَرَضَ الحَبيبُ دَلالَهُ وتَمَنَّعا
وأبى بِغَيرِ عذابِنا أنْ، يَقْنَعا
ما حِيلَتي، وأنا المُكَبَّلُ بالهَوى
نادَيْتُهُ فأصَرَّ ألاّ يَسْمَعا
وعَجِبْتُ مِن قَلبي،يَرِقُّ لظالِمٍ
ويُطيقُ رَغمَ إبائِه،ِ أن يَخْضَعا
فأجابَ قلبي: لا تَلُمْني،فالهَوى
قَدَرٌ وليسَ بأمْرِنا أن يُرْفَعا
والظُّلْمُ في شَرْعِ الحَبيبِ، عَدالَةٌ
مهما جَفا، كنتُ المُحِبَّ المولَعا
ولقّدْ طَرِبْتُ لِصَوتِهِ ودَلالِهِ
واحْتَلَّتِ اللفَتاتُ منّي الأَضْلُعا
البدرُ مِن وَجْهِ الحَبيبِ ضِياؤُهُ
والعِطْرُ مِن وَرْدِ الخُدودِ تَضَوَّعا
والفَجْرُ يَبْزُغُ مِن بهاءِ جَبينِهِ
والشّمسُ ذابَتْ في العيونِ لِتَسْطَعا
يا رَبُّ، هذا الكَونُ أنتَ خَلَقْتَه
وكَسَوْتَهُ حُسْناً، فكنتَ المُبْدِعا
وجَعَلتَهُ مُلْكاً لقلبي، سَيِّداً
لمّا على عَرشِ الجَمالِ تَرَبَّعا
سارَتْ سَفينَةُ حُبِّنا في بَحْرِهِ
والقلبُ كان شِراعَها، فَتَلَوَّعا
لَعِبَتْ بها ريحُ الهوى فَتَمايَلَتْ
ميناؤها المَنْشودُ باتَ مُضَيَّعا
والمَوجُ تحتَ شِراعِها مُتَلاطِمٌ
ما صانَ وُدَّ العاشِقينَ وما رَعا
يا مَوجُ رِفْقاً بالسَّفينِ وأَهْلِهِ
ما كان ظَنِّي أن تكونَ مُرَوِّعا
يا مَوجُ، ناداني الهوى فأطَعْتُهُ
فاهْدَأْ وقُلْ لِسَفينَتي أن تُسْرِعا
فالوَصْلُ غايَةُ ما أُريدُ، ومَطْمَعي
ومُبَرَّرٌ لكَ في الهوى أن تَطْمَعا
يا صاحبي، خُذْ للحبيبِ رِسالَتي
فَعَسى يَرى بينَ السّطورِ الأدْمُعا
بَلِّغْهُ أنّي في الغَرام، مُتَيَّمٌما فيه
والقلبُ مِن حَرِّ الفِراقِ، تَصَدَّعا
ما في النَّوى خيرٌ، لِنَرضى بالنَّوى
بلْ إنّ كلّ الخَيرِ أن نَحْيا معا
د. مانع سعيد العتيبة