النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

العراقي في التمرين على الموت: «ستساق إلى ما أنت لاق»

الزوار من محركات البحث: 47 المشاهدات : 888 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    Jeanne d'Arc
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 16,465 المواضيع: 8,043
    صوتيات: 10 سوالف عراقية: 0
    مقالات المدونة: 27

    العراقي في التمرين على الموت: «ستساق إلى ما أنت لاق»

    TODAY - 19 September, 2010
    العراقي في التمرين على الموت: «ستساق إلى ما أنت لاق»
    د.إسماعيل نوري الربيعي

    ( احنه خلانه وكتنه تراب بحلوك الرحيل)
    عريان سيد خلف
    عينان تلتمعان في الفقد المغمس باللظى، لأتون رحلتنا المعطلة الشقية، آهاتنا الثكلى ينز الشوق فيها، كم تستحي العبرات منا، تنجلي فيها ابتهالات العجائز، و المٌدّي، صنعت من الطين المدمى بالغضون، لشغاف راعفة من الهمسات تدنو كلما حل الشتاء، لي قبرات الوجد في الذكرى، أنا وحدي، ولا شيء سوى نزف الرحيل. وحدي أنا، و ألوكها الصدمات كالغادي على بيت التمائم، ينحني ظل المدى فوق المنايا، يرتدي ثوبا ترتقه الحتوف، ويعتلي بعضا من الجمرات أولها انثيالا للمسرات التي لا بوح فيه.

    في ما يشبه الرثاء
    لي أول الصدمات تترى عابسات الفقد في الشح المرين، هي لوثة الأحزان أنشدها تراتيلا وآهات يقطعها البكاء على الطريق. يا حاسرات الوجد ينكيء وجدنا بعض من العبرات، والآهات تسلبنا بقايانا. كم عابس فينا توقدت المحاجر فيه، لا يرجو سوى جمع البقايا من جثامين تقطعها التياثات العقول. لي في الشوارع صحبة ملوا من الحسرات، صاروا كالدخان. لرهافة الوقد المزنر بالرقائق والحبور، صمت المرايا داعبت أوتاره الغضنات، ملت حاديات العيس ترنو، والسماء تعطرت من فيئها المحموم بالنذر الأصيل.
    ظلان و افترقا على العبرات، ندما لـ (آدابا) يعض الأصبع المقطوع، من فقد طعم الخلد، يا هذا الذي يمتاح من عطر الخليقة، باسما فجرا تجلى. الآن حين تحط حمامة فوق المياه، صفحا توسده المكنى بالهناءة والسرور. لحبور(بونيني) يقود مراكب الشمس العظيمة . الآن تذوي الروح، ينبلج الصباح وخيلنا ضاعت أعنتها، مواقد جمرنا انطفأت، وما ندري نفارق أهلنا، أم نستريح على الطريق. وجع تفرى في الحشاش، يقضّه هذا الحطام.

    موت ما بعد حداثي؟
    كيف تريد أن تموت؟ أم كيف تريد أن تحيا؟ كأنك أمام عامل مطعم، وهو يسألك عن وجبتك المفضلة، (فد نفر موت عوازة؟)، هكذا يتم تقريب المعنى في روع العراقي، إنه (نص الحياة والموت)، حيث المسعى نحو حل شفرتهما، باعتبار محاولة الوقوف على طريقة التعاطي مع الواقع، هل الأمر ذاتيا أم جمعيا؟ هل هي قضية فردية أم مجتمعية قابلة للتعميم؟
    في ظل الغيبوبة الجماعية التي تحط بكلكلها على رأس أم العراقيين طرا، تجد الأمر وقد أوغل بالذاتية، حتى لترى أنه من الصعوبة بمكان، أن تقف على معنى يميز الآخر. هذا إذا كان ثمة آخر يمكن التفكير فيه، في ظل القيامة التي يستعر أوارها في الواقع العراقي. حتى لتجد أن الجميع بات يفكر (بروحه العزيزة). في زمن لا عزيز فيه ولا غالي ولا مهم ولا مركزي ولا أساسي، حيث الفراغ والإبهام والتشاؤم. وإذا كان المبحث يقوم على البحث عن معنى، فإن الأصل هنا إنما يقوم على البحث عن النقائض التي يتم اقترانها بها. فحياة بلا كرامة ورديفتها موت بلا كرامة، حياة كالموت، و موت شديد الموت، موت لا شيء فيه سوى هذا الموت العابث المدمدم الثقيل البليد. لا شيء غير الموت المنقى والمصفى، يفرد بقلوعه على الواقع العراقي. الحياة بلون الموت، الكهرباء بطعم الموت، البطالة تأتيك بنكهة الموت، الوطن يجلله الموت، المواطن أدمن الموت، علم الوطن صار غطاء لتوابيت الموت، والعراقيون أدمنوا الرقص مع الموت، فهل ثمة تانغو أخير للعراقيين مع الموت؟
    موت حسب الطلب، تقطيع أشلاء، قطع رقاب، قتل بكاتم الصوت، يذهب نصف جسدك بمفخخة، يضيع كلك عبر تجليات طهراني أراد الصعود إلى السماء، من أجل لقاء الحور العين. فيما تبقى أنت وحيدا وسط هذه اللجة من العماء

    حياة المعنى أم الحقيقة
    وسط هذا الركام المريع من الموت، يكون السؤال حول القواسم المشتركة بين حدي (الحياة) التي استحالت موتا، و(الموت) الذي غدا حياة! أي كوميديا سوداء تلك التي حطت على رؤوسنا. حتى اختلطت جل الألوان في هذا العالم، ليأتي من تمسك بالحقيقة التي يراها هو، ويغدو جزارا بالناس بعد أن يذكر الله ويذبح!
    ترى ما هو العالم؟ هل هو الحقيقة؟ أم المعنى؟ وسط هذه الثنائية تقوم البلايا والرزايا، والصراعات والاجتثاث والتطهيرات العرقية والمذهبية التي تعم العالم. هوتسي وتوتسي في راوندا، أرثوذكس ومسلمين في يوغسلافيا، إسلاميون وعلمانيون في الجزائر وأفغانستان، سنة وشيعة في العراق، كاثوليك بروتستانت في إيرلالندا، شمال وجنوب، أغنياء وفقراء، طوال وقصار، أذكياء وأغبياء، فيما يبقى التوتر يطغى ويسود على العالم برمته، حيث المواجهة في أقصاها بين الحقيقة المطلقة والمعنى النسبي. بين الثابت و المتحول، الكينونة والصيرورة، الأيديولوجي والمعرفي. ثنائيات لا تنتهي، حتى ليطالك شررها أنى يممت وجهك.
    أيها العراقي، أنت متهم بممارسة الحياة!
    لكن هيمنة الموت في العراق له طعم آخر، صار وضعا قائما حاضرا يبث معناه بأريحية لافتة، حتى تعامل معه العراقي بطبع الاعتياد، صار الموت (سواء قوله وبوله)، أداة للتصفية كما هو في معناه الأصلي لا ريب في هذا، لكنه تسلل حتى غدا وسيله هيمنة. المخيف أن الموت في المجال العراقي، غدا وسيلة دفاع وباتت التحولات فيه، تنقله من مجال الحقيقة إلى مجال المعنى، وهذا أس البلاء، ومكمن الخطر. الموت حقيقة لا شك في هذا، لكن أن يتحول إلى أسلوب حياة، فهذا ما ينذر بأن كل شيء صار مآله إلى الاهتزاز والشك واللاجدوى.
    وطّن العراقيون أنفسهم على الموت، بدل أن يوطنوا العقول والأفئدة والأرواح والأنفس على الحياة، صارت أيامهم داميات كلها، لا فرق بين أحاد أو ثلاثاءات أو أربعاءات. موت يراد منه أن يكون أسطورة تستقر في المكبوت الداخلي، حتى ليصار الفخر به والتهليل له، فيما الأصل أن يكون الفخر بالحياة. و( آخ ياروحي).
    * أكاديمي عراقي مقيم في البحرين

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: July-2010
    الدولة: العراق بلد الانبياء
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 5,846 المواضيع: 443
    صوتيات: 0 سوالف عراقية: 4
    التقييم: 883
    مزاجي: متفائل
    المهنة: معلم جامعي
    أكلتي المفضلة: الحلويات
    موبايلي: صيني
    آخر نشاط: 31/August/2022
    الاتصال:
    مشكورة سالي على هذا التميز
    تحياتي

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال