العهد نيوز- بغداد- خاص
محمود الحسيني
ان المعارضة في اي بلد ديمقراطي، تمثل المراقب الحقيقي للسلطة، وتتابع تحركاتها وتصطاد أخطائها، اما لتقويمها اولانتزاع السلطة منها، وهذا حق طبيعي اقره العمل البرلماني، وطموح مشروع لاي جهة ترى في نفسها أنها الأكفأ لاعتلاء السلطة.
اما المعارضة في العراق، فانها ليس لها معالم واضحة على الاطلاق، لان اساس انبثاق المعارضة، هو وجود الموالاة للسلطة، وبغياب الموالاة فلا معنى لوجود المعارضة اساسا، وهذا ما ينطبق على حكومة السيد عادل عبدالمهدي التي تفتقد الى الموالاة وتفتقد الى الكتلة الكبيرة التي تدعمها داخل المجلس النيابي العراقي.
وعندما نذهب الى المعارضين ونسألهم عن منطلق اهدافهم، فانهم يرددون قولهم المعتاد : معارضة تقويمية !، وعندما نحاول وضع ايدينا على الملفات التي يحاول المعارضون تقويمها فاننا لا نجدها، باستثناء المطالبة باستجواب وزراء دون الكشف عن الملفات التي يمكن ان يستجوب عليها الوزير او المسؤول، او نعت الحكومة بالفشل .. ووو الخ .
لهذا يمكن القول بان دور المعارضة في "التقويم"، غائب وان ما يجري ليس سوى صراع سياسي ينطبق شكلا ومضمونا مع الصراعات السياسية على السلطة والامتيازات منذ عام 2003 ولحد الان.
ولو اخذنا على سبيل المثال المعارضة التي يتبناها تيار الحكمة، بزعامة السيد عمار الحكيم، لرأينا انه رغم اختيار، طريق المعارضة داخل البرلمان العراقي، إلا أنه ما زال يفاوض للحصول على حصته من الدرجات والمناصب الخاصة في الحكومة كوكلاء الوزراء، والمديرين العامّين والمستشارين والسفراء، وهي الدرجات التي ما زالت محلّ خلاف وتنافس بين مختلف القوى السياسية.
وقال رئيس الهيئة السياسية في "تيار الحكمة" حميد المعلة، في تصريح سابق، إن قياديين بالتيار يتفاوضون مع القوى الأخرى بشأن الدرجات الخاصة، مؤكداً في تصريحات أوردتها وسائل إعلام بأنهم سيدافعون بشراسة عن حصة "الحكمة" من هذه الدرجات.
وبيّن أن تياره لن يطالب بأي منصب بدرجة وزير، ولا برئاسة الهيئات المستقلة، إلا أنه لن يتخلى عن المواقع الأدنى، متوقعاً أن تنضم كتل أخرى إلى المعارضة في حال لم تحصل على حصتها من المناصب".
اذن من الصحيح القول ان الدرجات الخاصة ليست مناصب حكومية انما هي استحقاقات "خدمية" من حق أي طرف يجد في نفسه الكفاءة بتبوئها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه : هل هذا المفهوم سائد في العراق، ام ان الدرجات الخاصة اصبحت جزء من ثقافة المحاصصة السائدة ؟ بالتأكيد انها جزء من المحاصصة وهذا يتعارض مع "جدية المعارضة".
الشيء الثاني الذي يؤاخذ على تيار الحكمة، هو ان هذا التيار يملك سلطات محلية على مستوى محافظ، وهذه المحافظات ما زالت تعاني الاهمال حالها حال باقي المحافظات.
وهنا يمكن ان نخرج باستنتاج بان "المعارضة التي يتبناها السيد الحكيم وتياره" تحتاج الى ثقة الشارع على الاقل في المحافظات التي يرأسها هذا التيار، لتكون منطلقا لمعارضة تقويمية حقيقية، والا فان حمل شعار المعارضة بهذا الشكل دون عمل ملموس فانه لن يجد نفعا.
ولو التفتنا قليلا الى المعارضة التي يتبناها ائتلاف النصر برئاسة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، فلا بد لنا ان نقول انها يحسب اليها ، ان اول خطوة قامت بها هو التخلي عن جميع المناصب ان كانت وزارية او الدرجات الخاصة، وهذا شيء ايجابي بطبيعة الحال، يعبر عن رغبة بالعمل المعارض، لكن المشكلة في هذه المعارضة، انها أيضا تفتقر الى العمل الحقيقي الذي يلفت نظر المواطن العراقي، فلا ملف فساد طرح، ولا مسؤول تم محاسبته، ولا حراك يمكن ان ينسجم مع حجم الفساد الموجود بالبلد والذي اعترف به وبخطورته رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي.
والواضح ان الحكومة نفسها غير قلقة تماما من تيار المعارضة في العراق، ليس لانها تعتمد على الموالاة لها، بل بالعكس فان الحكومة لا تملك أي تيار موالي لها، فهي غير قلقة لعدم تأثير المعارضة عليها وعلى عملها.