على المربّي أن يميّز في إصلاح الفرد وتقويم اعوجاجه بين عمرين، وأن يفرّق في تعويده وتأديبه بين سنين. فالكبار لهم منهجهم وطريقتهم، والصغار لهم كذلك منهجهم وطريقتهم.
فمنهج الإسلام وطريقته في إصلاح الكبار (وهو سن ما بعد البلوغ) يعتمد على أمور أساسية ثلاثة، وهي: الربط بالعقيدة وتعرية الشرّ وتغيير البيئة. أمّا الربط بالعقيدة فهو من أعظم الأسس في استمرار المؤمن على مراقبة اللّه تعالى. ولا شك أنّ العبادات بكليّتها والأذكار والأوراد بجملتها وتلاوة القرآن وتدبّره آناء اللّيل وأطراف النّهار، واستشعار العظمة الإلهية، في كلّ الظروف والأحوال، والإيقان بالموت وما بعده والإيمان بعذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين فيه، والاعتقاد بعوالم الآخرة وأهوال يوم القيامة.. كلّ ذلك يوَلِّد، في المؤمن، استمرارية المراقبة للّه عزّ وجلّ، وتجعل منه الإنسان المستقيم المتوازن الّذي يبني توازنه في الحياة على التوفيق بين مطالب الروح ومطالب الجسد. وبين العمل للدّنيا والعمل للآخرة، وشعاره في كلّ ذلك قوله عليه الصّلاة والسّلام: ''إنّ للّه عليك حقًّا ولنفسك عليك حقًّا ولأهلك عليك حقًّا فأعط كلّ ذي حقّ حقّه''.
أمّا تعرية الشرّ فهو من أعظم السّبُل في إقناع الكبار على ترك المنكر والنّفور من الفساد والآثام. وهذه التعرية للشرّ والانفضاح للباطل هي الطريقة الّتي اتّبعها القرآن الكريم في إقناع الجاهلية بنبذ تقاليدها وعاداتها وهجر شرورها وآثامها، قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رٍجسٌ من عمل الشّيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون. إنّما يُريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذِكْر اللّه وعن الصّلاة فهَلْ أنتم منتهون} المائدة:90-91.
الشيخ طاهر بدوي