من أدنی کلمة أبكي
هل تعلم
كم أسي حالي
من أدنی کلمة أبكي
هل تعلم
كم أسي حالي
قساوة كلامك كسهام الذي تخرق القلب و تفعل بالجسد ما لم تفعله أربع رصاصات.
ماذا بعد
أيها الراقد
على أكمة الجراح
والتيهِ الأبدي
ماذا بعد .... وأنت تطوي كل الوجوه
التي قبلتها بوداعٍ اخضر
علَّك تحيا من جديد بين خيوط الشمس
وهي تعانق الندى من عمرك الخريفي
وفصول أضلاعِكَ الملتوية
حول عصافير الظلام
وهي تنقرُ على شغافِ الرماد
لتنبت
أخر غصة
أخر دمعه
أخر شمعه قبيل الفناء
يا ابنَ أيوب الشرعي
وأبوك الألم بالتبني
ولدتكَ البلاد مترعاً بالضياع
ومتوجا بآخر الياويل
أرثك الوحيد وجعٌ وبندقية
فتعال كي تمسح الخيبات
وحبر البصمات
عن طينك الحرّي
وهي تغازل الندم
كي تهمس للغيوم
انا ابنُ ملح الأرض
للنوارس العابرة
للعيون التي صدّعها الانتظار
لدموع الفرسان الخجولة
لهم ....
وهم يقضمونَ الربيع
من حزنكَ الممزق والعاري
كي يرموا الملائكة بالفراشات
ويكبلوا الأحلام بالورود
فلماذا تمد يديك جسراً للهواء المهاجر
من أقصى الزوايا الميتة
إلى أقصى الزوايا الميتة
للزمنِ المتحجر في دمعةِ شاعر لفراشة قد غادرتك قصيدة
أيها المتأرجح
بين الآه
بين الملحِ بين الجرح بين الله
ماذا بعد ....
ماذا بعد..
اعتمدت علي نبض قلبي و تخليت عن عقلي
منذ لقائك
... هنیاً بجنونی ....
أتذكرين تلك النجمة التي كانت تشبهُكِ والتي كنّا نرمي لها بقايا القُبل الطويلة ، شاهدتها اليوم ذابلة كروحي لحظة حزنكِ
انثرت قمح حبي في ارض قلبك ولا كنت اعلم انها قاحلة كصحرا
مثقف الطائفة
الإنسان ليس هويته، بداهة كبداهة أن الاسم غير المسمّى. ومن يسوقه الوهمُ إلى رؤية ذاته وهويته بوصفهما شيئاً واحداً يغامر في جعل نفسه متطرفاً مدافعاً عن اسم اختاره له متنفذون أقوياء نصبوا أنفسهم سدنة للهوية وحراساً لها. ذلك أنّ تاريخ كلّ فكرة وقيمتها هو تاريخ من يستثمرها ويصرفها ويستفيد منها، وقد تكون فكرتك المقدسة هي كل رأسمالك الرمزيّ لكنها في ذات الوقت الرأسمال الماديّ لمن يوجهك ويوجهها حيث يريد.
الثقافة هي الخطوة التي يتعيّن على المرء أن يخطوها ليعبر آمناً من أرض الهويات هذه، أرض الفخاخ التي ينصبها السدنة المستعدون لتحويل كل مقدس إلى حساب مصرفيّ.
لا يستحق المثقف اسمه إلا حين يكون بينه وهويته الجمعية مساحة للتأمل وإعمال النظر والانتقاد وكشف خداع وزيف المسلّمات. المثقف ليس متماهياً مع هويته ولا هائماً بها، قد يكون صديقاً لها، بالمعنى الذي تحدث عنه دولوز حين تحدث عن "صداقة المفهوم" لا عن حبه، باعتبار أن الصداقة هي المحبة التي تبقي مكاناً للانتقاد ولاختلاف الرأي.
من هنا خطر أن يصبح المثقف سادناً لهوية جمعية، كالهوية الطائفية مثلاً، إنه يستثمر كل عدته المعرفية لتكثير وتعظيم رأسمال السياسيّ الذي أصبح، بفضل ماله وإعلامه، الممثل الحصري والوحيد للطائفة.
يكثر هذه الأيام عدد المثقفين الذابين عن طوائفهم، ممن أصبح يُعلي اسم طائفته فوق الاسم الوطني، مقدماً خدمته لممثلي الطوائف الذين جرجروا أتباعهم من فشل إلى فشل.
سيعلم هؤلاء، وربما بعد فوات الأوان، أن نقد الهوية اسم آخر للثقافة لأن به، وبه وحده، يمكن أن ننزه المقدس عن أن يكون رقماً في حساب مصرفيّ.
احمد عبد الحسين