علاوي : المالكي على خطأ.. ويجب أن يفهم أنه لا أحد سيبقى في الحكم بالعراق إلى الأبد
زعيم القائمة العراقية في حديث لـ «الشرق الأوسط»: لا يمكن أن نستبدل بنظام ديكتاتوري باغ كنظام صدام آخر مثله ومثل ممارساته
إياد علاوي يتحدث لـ«الشرق الأوسط» )
معد فياض
يكتسب الحوار مع الدكتور إياد علاوي، زعيم ائتلاف العراقية، ورئيس أول حكومة عراقية بعد تغيير نظام صدام حسين، أهمية خاصة، لكونه سياسيا ورجل دولة متفهما لقضايا بلده وشعبه وتعقيدات مشكلات المنطقة ككل، كما أن علاقاته المتميزة بشعبه ومع قادة الدول العربية والغربية أتاحت له رؤية واضحة لما يريد، كما أنه يتحدث عن أهداف قائمته بعيدا عن الشعارات الرنانة، فهو مثلا يرى أن «مشكلة العراق الراهنة لا تتعلق بموضوع المناصب، بل بوجود خارطة عمل صحيحة للحكومة، بعيدا عن المحاصصات الطائفية».. في هذا الحوار الذي خص به علاوي «الشرق الأوسط» خلال وجوده في لندن، يتحدث زعيم ائتلاف العراقية، الذي فاز بالمرتبة الأولى (91 مقعدا) في الانتخابات التشريعية الأخيرة بكل صراحة عن تعقيدات الوضع العراقي، وعما دار من أحاديث بينه وبين منافسه نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الحكومة المنتهية ولايته، ومع جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، كاشفا عن أن رئيسا عربيا، بعث مؤخرا برسالة إلى إيران تتعلق بالموقف من «العراقية» ومنه.. وفيما يلي نص الحوار:
* هل تعتقدون أن القائمة العراقية فقدت فرصتها لتشكيل الحكومة؟
- كلا.. بل على العكس تماما، وفي حال أن «العراقية» فقدت فرصتها فسينتج عن هذا مناخ معاد للديمقراطية بشكل كامل، وبالتالي إذا سلبت حقوق «العراقية» بهذه الطريقة، فهذا يعني أن نقرأ السلام على الديمقراطية في العراق، فكل من رفع شعار الديمقراطية ويحاربنا اليوم هو خارج الواقع، وأي توجه ضد «العراقية» بهذا الشكل وسلب الاستحقاق الجماهيري بذرائع مختلفة وتفسيرات للدستور بالشكل الذي يروق للبعض، هو معاداة للوضع الديمقراطي في العراق الذي حاولنا نحن جميعا سابقا كمعارضة أن نطرحه، كهدف في صميم المستقبل العراقي، إذ كنا نقول، حين كنا في المعارضة، إن الشعب العراقي يحدد من يرتأي لحكم العراق، وإذا بنا نتفاجأ عندما تفوز «العراقية» فوزا مهما، ليس بعدد المقاعد فقط، بل إن «العراقية» تمثل الطيف العراقي بالكامل، وبالتالي هي تحمل رمزية هذا الجانب، لكن للأسف يحصل هذا الشيء في العراق.
* إذا فرض التحالف الوطني، المشكل من الائتلاف الوطني العراقي، بزعامة عمار الحكيم، وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته، كواقع حال، وشكل الحكومة، ماذا ستكون خياراتكم؟
- هذا يعني التفافا على إرادة الشعب العراقي والعملية الديمقراطية، ويعني أن القوة هي التي تفرض إرادتها على الدستور، أيا كانت هذه الكتل سواء كانت من كتل تحمل نفسا طائفيا أو كتل سياسية أخرى لا تحمل هذا النفس، وهذا يعني في كل الأحوال أن القضية ستخضع لإرادة التجمعات التي تحصل في العراق، ونحن بالتأكيد كقيادات «العراقية»، في حال حصول مثل هذا الشيء، سوف نجتمع ونقرر الموقف اللازم، لكن المفروض أن يكف الإخوة في الحديث عن التحالف، حيث يكفي أننا تأخرنا ستة أشهر ودخلنا في الشهر السابع، نتيجة الخلاف وعدم تحديد، من وما التحالف الوطني؟، هل هو تحالف للقوى التي تؤمن بتسييس الدين؟ أم هو تحالف لإعادة العراق إلى المربع الأول؟ فيجب على الشعب العراقي أن يفهم ماهية هذا التحالف، كما يجب أيضا أن يفهم أن هذا التأخير ليس بسبب «العراقية» ولا بسبب التحالف الكردستاني أو وحدة العراق أو التوافق وإنما بسبب الإخوان في ائتلافي دولة القانون والوطني، الذين راحوا يفسرون الدستور كما يروق لهم ويدعون أنهم توحدوا في تحالف وطني، وهذا التحالف لم ير النور حتى الآن.
* هل تعتقدون أن هناك مؤامرة على القائمة العراقية أم على إياد علاوي؟
- الاثنان معا، هي ليست مؤامرة بقدر ما هي محاولة لمصادرة حقوق الشعب العراقي بعد أن رأى العجب من تصرفات القوى التي آمنت بالطائفية السياسية واعتمدت سياسات الترهيب والإبعاد والتهميش والإقصاء، ناهيك عن قلة الخدمات وتسييس الدين بالشكل الذي تم خلال السنوات الست الماضية، والحقيقة أن الشعب العراقي خرج وانتخب من رأى أنه الأصلح لقيادة الحكومة في العراق ولتمثيله، وعمت الاحتفالات في أجزاء كثيرة من العراق في كل المحافظات، وهذه الفرحة كانت مرتبطة بإرادة الشعب بتغيير الواقع، لكن للأسف بسبب ظروف وضغوط إقليمية وبسبب رؤية من بعض القوى السياسية التي تريد بناء سياسة المحاصصة الطائفية السياسية بشكل واقعي في العراق وتحولها من قضية نظرية إلى ممارسة عملية، هذه القوى ارتأت أن تحارب «العراقية» وتحاول أن تصادر حقوقها بهذا الشكل، وتصادر أيضا إرادتها باختيار المرشحين، ولهذا أنا قلت وأقول إذا كان هؤلاء الإخوة في الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون، يرون أن هناك مشكلة في إياد علاوي، ويقنعوننا بهذه المشكلة ويشرحونها لنا، حين ذاك وبعد قناعتنا، يمكن لأي شخص في القائمة العراقية أن يستلم رئاسة الوزراء، وهي قائمة تتميز عن القوائم الأخرى بكون أعضائها، كلهم، من ذوي الكفاءات العالية، وأسهموا في قيادة العراق، ولديهم تاريخ نضالي في مقارعة الأنظمة الديكتاتورية السابقة، لكن ليس هناك سوى المؤامرات والاتهامات، فتارة يقولون عنا قائمة بعثية ومرة إنها قائمة سنية أو قائمة فيها إرهابيون، وكل هذا كذب (مسفط)، وهذا لا يجوز، حيث القبول بهذه التسميات التي تعكس اضطرابا لدى مطلقيها، واضطرابا بالتفكير السياسي، واضطرابا في الوضوح واضطرابا لكونهم فقدوا القاعدة الشعبية، لذلك اضطرب وضعهم بعد أن تأكدوا أن الشعب رفضهم بهذا الشكل الذي عبر عنه في الانتخابات، وكلنا عانينا الأمرين من الطائفية السياسية وتوقف الخدمات وانهيار الأوضاع الأمنية والاقتصادية، وفي حال تجدد هذه الأوضاع لأربع سنوات أخرى، يعني انتهاء البلد، حيث سيتحول إلى بؤرة صراعات عنيفة، لا سامح الله.
* ماذا ستكون النتائج إذا أصر المالكي على البقاء في السلطة؟
- إذا أصر المالكي على البقاء، فأعتقد أن الأمور ستتجه نحو الاضطراب الشديد في البلد، وأتوقع، لا سامح الله، ردود أفعال ضد المبادئ الديمقراطية وسياساتها، ولا أعتقد أن الشعب العراقي سوف يؤمن بالذهاب إلى صناديق الاقتراع في المستقبل، وستحدث انقسامات أكثر في الشارع العراقي. المشكلة ليست في المالكي فقط، لكن المشكلة في بقاء نظام المحاصصة الطائفية والتوتر، نتيجة انعدام المصالحة الوطنية، ثم إن بقاء المالكي وغير المالكي بغير الاستحقاق الديمقراطي، لا يخدم المالكي ولا يخدم التوجه العراقي، بل يفترض الآن ألا يوجد بيننا من يقول سوف أكون زعيم العراق الأبدي، فهذا الموضوع قد ولى، لهذا فإن بقاء الأخ المالكي بهذه الضبابية وبهذه الأوضاع الشائكة وبهذا الجو المفعم بالتوتر لن يخدم العراق.
* العراقيون يتساءلون عن الفرق بين الوضع الحالي، والأوضاع في زمن صدام حسين؟
- عندما كنا في المعارضة، كنا نحلم ونعمل بتجرد واندفاع هائل على تغيير وإسقاط نظام صدام، وخلال هذا الاندفاع كنا نتصور سيناريوهات لما قد يحصل، كطريقة سقوط النظام، وهذه السيناريوهات تتنوع من الجيد جدا إلى السيئ جدا، لكن الذي يحصل الآن لم يخطر ببال أحد، فعلى قدر ما كانت هناك سيناريوهات سيئة مطروحة، فإن ما نعيشه الآن هو الأسوأ، لم نتصور أن يأتي أحد ويقول لا أرضى بفلان لأنه سني أو شيعي أو كردي، أو من يقول أنا أمثل النخبة والخيار، بل صرنا نسمع مصطلحات دينية لا علاقة لها بالعمل السياسي مثل هناك من يقول أنا لدي تكليف شرعي بأن أكون رئيس وزراء، من أين هذا التكليف الشرعي؟ نحن نتكلم عن سياسة وديمقراطية وانتخابات، فمن أين أتى التكليف الشرعي؟ كلمة «تكليف شرعي» نفهمها في الدين والالتزامات الدينية، أما في السياسة فلا يمكن استعمال هذا المصطلح بغرض التسلط على الشعب.
* ألا تعتقدون أن هذا خداع وتمويه لطبقة معينة من الشعب؟
- في الحقيقة هذا خداع للنفس بالدرجة الأولى، وإيهام لها، صدام كان يسمي نفسه المؤمن بالله، ولا نعلم أين الإيمان؟ فهل يمكن للمؤمن بالله أن يغزو الكويت بتلك الطريقة؟
* ألم يشكل مصير صدام الذي أقروه بأنفسهم درسا لهم؟
- من المفترض أن يشكل درسا لكل حليم ونبيه، حيث إن الحياة عبارة عن دروس وعبر، ثم لا يمكن أن نستبدل بنظام ديكتاتوري باغ، كنظام صدام، نظاما آخر مثله ومثل ممارساته، على سبيل المثال بعد الانتخابات شكلوا التحالف الوطني، الذي بدأت فكرته بعد نتائج الانتخابات لسلب حق «العراقية»، بذريعة أنها قائمة سنية، بعدها تراجعوا عن مفردة «سنة» واتهموا القائمة بأنها تضم إرهابيين، وبعد أن تراجعوا عن مفردة «إرهابيين» عادوا وقالوا إنها قائمة تضم بعثيين، كل هذه مصادرة حقوق مثل أي نظام ديكتاتوري في العالم.
* ما دور الكتل السياسية الباقية، هل ستلجأون إلى السكوت؟
- كلا نحن لم ولن نسكت، لكن مسألة إعادة العد والفرز بعد الانتخابات، وقضية الاجتثاث والأبعاد أخذت ثلاثة أشهر، وبعد أن حسمت مفوضية الانتخابات، وأكدت النتائج التي أعلنت بدأ الحديث عن أسماء الذين سيشغلون المواقع السيادية، مثل رئاسة الجمهورية والوزراء ومجلس النواب، ونحن في «العراقية» رأينا أن هذا حديث عقيم، لسببين: الأول أن هناك استحقاقا انتخابيا ديمقراطيا دستوريا واضحا، والسبب الثاني هو أن المشكلة في العراق ليست فقط فيمن يحكم، بل هي متعددة الجوانب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، مسألة الدستور وفقراته التي أعطت رئيس الوزراء صلاحيات مطلقة، سواء كان رئيس الوزراء المالكي أو غير المالكي، فنحن بادرنا بطرح مفهوم جديد بالتفاوض الذي ينص على نقاط، مثل يجب الحديث عن معنى الشراكة الوطنية، وطريقة اتخاذ القرار السياسي الاستراتيجي، الذي يتعلق بالوضع العراقي، ونحن حتى الآن عندما نسألهم عن معنى الشراكة الوطنية، يقولون تعالوا بوزير أو وزيرين، أهذه هي الشراكة الوطنية، هذه ليست شراكة وطنية, ثانيا أن توزع الصلاحيات وتعاد مناقشة الصلاحيات، ثالثا أن تكون هناك خارطة طريق واضحة في النقاط الرئيسية، مثلا مسألة المصالحة الوطنية ومسألة الطائفية السياسية والسياسة الأمنية الدفاعية ومسألة السياسات الخارجية ومسألة التوجهات الاقتصادية، ورابعا وضع المقاييس لاختيار الرئاسات التي يجب أن تكون قائمة على النزاهة والكفاءة وعلى أساس رؤية الشارع العراقي وعلى التبادل السلمي للسلطة، هذا ما طرحناه وعندما قدمنا هذا الطرح بدأت تتغير صيغة المحادثات وتنتقل من مسألة مناقشة الأسماء إلى مناقشة الصلاحيات، واصطدمنا مع الإخوان في «دولة القانون»، حيث يقولون إنهم أنجزوا المصالحة الوطنية، ولا نعلم أين هي المصالحة الوطنية وملايين اللاجئين في الخارج وآلاف المعتقلين والمبعدين داخل العراق والموظفين الذين فصلوا من العمل الذين ليس لديهم أي حقوق حتى الآن، سواء في القطاع العسكري أو القطاع المدني، فأين هي المصالحة الوطنية في ظل وجود كل هذه المشكلات؟ عندما طرحنا هذه الأمور اتهمونا بأننا نريد أن نأتي بالبعثيين إلى الحكم، نحن نعتقد أن المصالحة الوطنية هي أن نسمح للمواطن أن يعيش حياة كريمة ضمن حقوق المواطنة الديمقراطية، وألا يقطع رزق المواطن وعائلته، والإخوان في «دولة القانون» لا يريدون أن يفهموا هذه القضية، ونحن نعتقد إذا لم يكن هناك حديث عن هذه المشكلات فلن نتمكن من التوصل إلى نتيجة.
* هناك من يفسر الصراع باعتباره صراعا شخصيا وتنافسا على السلطة؟
- هذا تبسيط للمشكلات، وليس هناك صراع شخصي من أجل السلطة، المشكلة هي أن الدستور عندما أعطى القوة العظمى لرئيس الوزراء في العراق، ولد صراعا على المبادئ والممارسات، ففي السنوات الماضية أفرزت أوضاع دموية قاتلة في العراق وأوضاع اعتمدت على الطائفية السياسية وعلى عزل ومعاقبة الناس بالمجاميع على الهوية والفكر السياسي وعلى مذهبها ودينها، وأنا أتحدث بصراحة، حيث المسيحيون اليوم عوقبوا في العراق وانتهكت حقوقهم، وتم اعتماد المحاصصة الطائفية في التعيين بوظائف حساسة، إذن هناك صراع مبادئ، وهذا الصراع المستمر منذ سنوات أوصلنا لمرحلة من انعدام الثقة بين كثير من اللاعبين السياسيين في العراق، ونتيجة لانعدام الثقة دخلت قوى إقليمية لعرقلة الأمور والضغط واستمالة البعض ضد البعض الآخر، هذه هي حقيقة ما يحصل في العراق، وليست قضية وجود مشكلة بين إياد علاوي وعادل عبد المهدي أو بين إياد علاوي ونوري المالكي، فكل منا يمثل مشربا مختلفا عن الآخر، صحيح تربطنا علاقات شخصية مع الأخ عادل عبد المهدي، لكن هناك اختلافات واضحة في التفكير السياسي مع الآخرين، ومن هذا المنطلق نقول يجب أن تتحقق قضيتان: احترام الديمقراطية، وأن تكون هناك مشاركة حقيقية، حتى نتمكن من خلق الثقة مرة أخرى. إن من حق الإنسان أن يؤمن بالطائفية السياسية، حيث لا نستطيع أن نغير قناعات الآخرين، لكن ليس من حقه أن يفرض رأيه على الآخرين، لهذا من دون وجود تفاهم ووجود جميع الآراء وتفاعلها مع بعض لا يمكن للبلد أن يتقدم، وإذا لم يتقدم البلد في اتجاه الاستقرار والتنمية فسوف ينعكس سلبا على كل المنطقة، وليس فقط على الوضع العراقي، فسينعكس على سورية ولبنان، وحتى على إيران.
* ماذا دار بينكم وبين المالكي خلال لقاءاتكم؟ هل تحدثتم عن هذا الموضوع؟ وهل أوضح لكم عن إصراره على البقاء في المنصب؟
- كلا، لم نتحدث عن المناصب، حيث قلت له الكلام نفسه الذي قلته الآن حول المشكلات المتعلقة بالمصالحة الوطنية والشراكة وتقاسم الصلاحيات والمحاصصة الطائفية، وقلت له إذا لم تتم مناقشة هذه المشكلات بشكل حقيقي ومن دون وضع النقاط على الحروف فلن نتمكن من العمل سوية بأي شكل من الأشكال، حيث سنكون مجرد قوى متناقضة، وهذا عمل ديمقراطي لا ضير فيه، لكن يجب أن نضع النقاط الأساسية، وكان الحديث منفردا بيني وبينه، ووافق الرجل وقال هذا صحيح، ونتج عن هذا الاجتماع اختيار اثنين من «العراقية» واثنين من «دولة القانون»، وكانت نتائج المفاوضات متباينة بين تقدم وتعثر، والقائمتان يمكن لهما أن تشكلا أغلبية برلمانية في ظل امتلاك كل من «العراقية» 91 مقعدا و«دولة القانون» 89 مقعدا، بغض النظر عن خلفية القائمة العراقية، التي أتت من المعارضة، ودولة القانون التي أتت من السلطوية، لكن للأسف الحديث كان متباينا بين تراجع وتقدم.
* كيف سيكون الحل؟ هل ستدعمون ترشيح عادل عبد المهدي مرشح الائتلاف الوطني؟ أم ستجدون أنفسكم مجبرين على الموافقة على المالكي؟
- كلا، لا تستطيع أي جهة أن تجبرنا على شيء، ولا حتى الظروف، فالإكراه لا يتناغم، ولا ينسجم مع الهدف الذي نريد أن نتوصل إليه، المتمثل في التغيير وتطبيق الديمقراطية، بل السؤال الذي يجب أن يطرح هو ماذا سيفعلون هم بالنسبة لاستحقاق «العراقية»؟ مثلا ما موقف المالكي وكذلك الإخوة في الائتلاف الوطني من «العراقية» الفائزة في الانتخابات؟ إذا كان لديهم اعتراض على «العراقية» فلماذا ندخل معهم؟ إذا كانوا يرفضون ليس فقط إياد علاوي، بل يرفضون أي شخص من «العراقية» فلماذا أدخل في العملية السياسية؟ فهذا يعني أنني لا أصلح أن أكون في العملية السياسية ولا أصلح أن أكون شريكا لهم، وبالتالي كل واحد يأخذ طريقه. فماذا نعمل حين يمزقون الدستور ويرمونه في سلة المهملات، ويأتون بقيادة جديدة تعتمد على الأغلبية المذهبية وليست الانتخابية والدعم الإقليمي، فلهذا يجب أن يكون السؤال بالعكس مثلا الإخوان في الائتلاف الوطني الذين يمثلون 70 مقعدا ما موقفهم من «العراقية»؟ و«دولة القانون» التي لها 89 مقعدا ما موقفها من «العراقية».. لماذا يرفضون «العراقية»؟ فإذا كانوا لا يقبلون بنا فلماذا نحن نقبل بهم؟ وما مبرراتهم لعدم القبول؟ هل فعلا لأننا نمثل السنة؟ وهل السني ليس له حق المواطنة في العراق؟ وهل يعني أن الشيعي غير الطائفي هو مواطن من الدرجة الثانية؟ هل فعلا نحن بعثيون؟ أنا قارعت نظام صدام على مدى 30 عاما، فهل يعقل أن أسمى بعثيا الآن؟ هل نحن إرهابيون؟ أنا قاتلت الإرهاب بضراوة، ولم يقم أحد بمقاتلة الإرهاب بالضراوة التي قاتلته بها، بل كنت أنا ضحية من ضحايا الإرهاب في محاولات الاغتيال التي تمت ضدي في الخارج والداخل، يجب فهم هذه الأمور حتى نتمكن من تكوين قناعة حول إمكانية أن نكون جزءا من العملية السياسية أم لا.
* في اعتقادكم متى ستنتهي هذه الأزمة؟
- أتوقع أن نشهد طفرة نوعية في الشهر المقبل، عن طريق تشكيل الحكومة.
* هل ستشكلونها أنتم؟
- إذا مشينا على الاستحقاق الانتخابي والدستوري، نعم سنشكلها نحن، وإذا مشينا باستحقاق إرادة الخارج، فغيرنا هم من سيشكلون الحكومة، وعندها ستكون مشكلة، ولن نقبل أن يفرض الأجنبي إرادته علينا.
* هل فعلا أيد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بقاء المالكي؟
- الحديث مع بايدن كان مهما، والجزء الأعظم منه كان حول العراق، والجزء الأقل دار حول المنطقة باعتبار العراق جزءا من المنطقة، وقد دار الحديث حول مسألة تشكيل الحكومة والإسراع في تشكيلها، وأن تكون حكومة تضم كل الطيف السياسي العراقي، وأن يكون هناك تعاون بين «العراقية» ككتلة فائزة وبين «دولة القانون» باعتبارها الكتلة الثانية وأن يدخل الإخوان الأكراد والقوى الأخرى الفائزة في الانتخابات، وأرادوا الإسراع أيضا لأنهم بطبيعة الحال منطلقون من ظروفهم السياسية والاجتماعية والانتخابية في أميركا، وهم لم يؤيدوا أحدا، فعندما تسأل أيا من الوفود الأميركية التي جاءت إلى بغداد عما إذا كان لديهم أي جهة يؤيدونها، فجوابهم سيكون: كلا نحن لا نؤيد جهة، لكن يقولون: نحن تحت ظروف انسحاب القوات الأميركية، ونود أن تشكل الحكومة من دون مشكلات، وهذا ما فسره البعض على أن الأميركيين يريدون المالكي، وهذا تقريبا نفس الذي حصل عندما كان صدام يفكر في اجتياح الكويت، حين قالت له السفيرة الأميركية، آنذاك، إن هذا شأن عربي، ويجب أن تحل المشكلة عربيا، وصدام فهم هذا على أنه دعم له واجتاح الكويت، لكن تصريحات المسؤولين الأميركيين واضحة، خاصة التصريح الرسمي للسفير الأميركي قبل عشرة أيام، حين قال نحن ليس لدينا أي التزام أو دعم لأي طرف.
* ما حقيقة الموقف الإيراني منكم، لا سيما بعد التصريح الإيجابي الأخير للحكومة الإيرانية؟
- حقيقة أنا استغربت الموقف الإيراني تجاه «العراقية» وتجاهي أنا تحديدا، على الرغم من أنني لعبت أدوارا مهمة عندما كنت في الحكم لتقريب الرؤى وتطوير العلاقات مع إيران، وفهمي للعلاقات الخارجية ينطلق من مسألتين: الأولى هي المصالح المشتركة مع أي دولة، والمسألة الثانية هي مسألة السيادة والخصوصية الوطنية، حيث لا يجوز التدخل فيها، وعندما رأينا أن إيران تتخذ موقفا سلبيا قويا تكلمنا مع دول كثيرة وأنا تكلمت مع رؤساء دول كثيرين عرب، ومن دول إسلامية وحتى مع رئيس وزراء روسيا الاتحادية، وكان الحديث مفاده أنه لا توجد لدينا مشكلة مع إيران، حيث قمنا بإرسال وفدين إلى إيران، وأعربنا عن استعدادنا لفتح صفحة تقوم على المصالح المتبادلة واحترام السيادة، وطلبت شخصيا من دول المنطقة كلها، ومن بينها إيران عندما زارني السفير الإيراني، إصدار بيانات تدعم العملية السياسية في العراق، وتدعو لعدم التدخل، وكل دول المنطقة أصدرت مثل هذه البيانات عدا إيران، وآخر ما حصل هو قيام قائد عربي مهم ببعث رسالة إلى إيران مفادها أن «العراقية» مستعدة للحوار مع أي دولة عربية أو إسلامية لما فيه مصلحة العلاقات وعدم التدخل في الشأن الداخلي، وتم إرسال الرسالة قبل نحو عشرين يوما، وسمعت اليوم بصدور تصريح إيراني يقولون فيه لا يوجد لدينا خط أحمر على «العراقية» ونتمنى أن يكون هذا التصريح صحيحا لأن المنطقة لا تتحمل تدخلات في الشؤون الداخلية بسبب التوترات والمخاطر الكثيرة، وتدخل أي دولة في شؤون دولة أخرى سيكون مضرا بالمنطقة ككل.
* هل هناك موقف واضح مع الأكراد؟
- لقد قام الإخوة الأكراد بتقديم ورقة من 19 نقطة، وقالوا هذه إن النقاط تحدد موقفنا، والأخ مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، الذي تربطني به علاقات متينة، صرح بأحاديث مهمة في أكثر من مناسبة، حين قال إن «العراقية» هي صاحبة الاستحقاق الانتخابي، لهذا الموقف الكردي الآن مرتبط بهذه النقاط التي قالوا عنها إنها قابلة للتفاوض، حتى إنني لا أرى أي مشكلة في جزء كبير من هذه النقاط، وتوجد نقطتان أو ثلاث يمكن التوصل إلى حل بشأنها، أنا أعتقد أن واحدا من الأمور الجوهرية في العراق، سواء فيما يتعلق بالوضع الكردي أو بالوضع العراقي بشكل عام هو مسألة توزيع الثروات، ففي حالة إيجاد حلول لهذه المسألة سوف تتراجع الكثير من المطالبات والملاحظات، وسيتم توزيع الثروات على عموم العراق، وحتى هذا الكلام الذي نسمعه ويحمل نزعة التطرف، سوف يتراجع بقوة، وأعتقد أن عدالة تقسيم الثروات ضمن قوانين واضحة مرتبطة بالدستور هي عامل أساسي لبناء جزء مهم من مفهوم الشراكة الحقيقية في العراق، حيث سيشعر المواطن العراقي في أي محافظة في العراق بامتلاك حق في ثرواته، ولهذا نحن نصر على توضيح مفهوم الشراكة، وجزء من الذي نقصده هو توزيع ثروات البلد بالتساوي، على جميع محافظات العراق، وبالطبع ليست هناك جهة سوف تكون راضية عن كل شيء، لكن في مجتمع يضم كل الأطياف سوف يكون هناك نوع من القبول، إذا لم يكن 100 في المائة، فسيكون 90 في المائة، وبالتالي تتعزز وحدة البلاد.
* هل تعتقدون أن قيام المالكي بإرسال وفود إلى سورية والكويت لتحسين الملفات هو صحوة متأخرة، أم مناورة لكسب ود هذه الدول من أجل البقاء في السلطة؟
- حقيقة لا أعلم ما يجول في خاطر المالكي، لكني شخصيا أرحب بأي علاقة بين أي سياسي عراقي ودول الجوار من دون استثناء، خاصة الجوار العربي، لا سيما أن سورية آوت المالكي وغير المالكي، حين كانوا لاجئين، حتى نحن كانت لنا مكاتب في سورية، فلا يجب نسيان هذا الموضوع، لهذا أنا أشجع اللقاء لكني أستغرب في الوقت نفسه إصدار بيان من قبل المالكي يتهم فيه سورية بالضلوع في تفجيرات الأربعاء الدامي، والآن يبعث بوفود لسورية. لا أعلم ما دافعه، وليست عندي فكرة عما دار بينه وبين السوريين، لكني أعرف أنه ليس أول وفد يبعثه المالكي، حيث قام بإرسال ثلاثة أو أربعة وفود إلى سورية وإيران ودول مختلفة، ولا أعرف لماذا بعث هذه الوفود، وهل تتعلق مهماتها بعمل حكومي أم بوعود أم برغبته الشخصية؟ لكن بشكل عام التواصل بين السياسيين العراقيين ودول المنطقة والعالم مسألة مهمة وضرورية.
* ما حقيقة عقد مؤتمر في دمشق، على شاكلة مؤتمر الطائف للقوى السياسية العراقية؟
- ليس لدي علم بخصوص هذا الموضوع، ورأيي الشخصي، ومع احترامي واعتزازي ومحبتي لدمشق والقيادة السورية والدول العربية وقياداتها، لا أعتقد أن الوضع العراقي يشبه الوضع اللبناني، حيث لا يمكن حل المشكلات العالقة بمجرد الجلوس في عاصمة عربية أو إسلامية ومناقشة المشكلات. أعتقد أن الدول جميعها تستطيع أن تساعد العراق بطرق كثيرة، مثل عدم تدخلها في الشأن العراقي، ومنع الآخرين من التدخل، فعندما تتدخل دولة في الشأن العراقي يجب على الدول الأخرى النهوض لمنع مثل هذا التدخل، وأن تعمل الدول العربية على إرشاد السياسة الأميركية في الاتجاهات الصحيحة.
* قابلتم وزير الخارجية البريطاني دوغلاس هيغ، مؤخرا في لندن، ماذا دار بينكما؟
- عندما علم وزير الخارجية البريطاني بوجودي في لندن، طلب لقائي وتم هذا اللقاء قبل أيام وقدمت له مجموعة اقتراحات حول الدور البريطاني والأوروبي واقتنع بها، ومن جملة هذه الاقتراحات الحاجة لفهم مشكلة الشرق الأوسط الكبير من أفغانستان إلى الصومال، وهذه المشكلات معقدة جدا لا يمكن حلها بإرسال الجيوش والحروب التقليدية، بل تحتاج إلى سياسة تعتمد على الفهم الثقافي والعادات والتقاليد لشعوب المنطقة، وتركز على الاقتصاد وتحسين المعيشة، وقلت له إنكم أقرب من الأميركيين لهذه الشعوب، باعتبار أن بريطانيا تربطها علاقات تاريخية مع هذه الشعوب، بالإضافة إلى أن بريطانيا أقرب جغرافيا من أميركا للشرق الأوسط، وتربطها مصالح مع المنطقة، وأعربنا عن أملنا في قيام بريطانيا بمساعدة أميركا لتفهم هذه الحقائق، ومن مصلحة الجميع أن يكون لأميركا فهم جيد.
«الشرق الأوسط»