مكتبة الإسكندرية وتمثال رودس، من الآثار التي دُمرت بالكامل أو جزئياً على مر العصور.
عندما نُفكر في وسائل التخزين أو الحفظ في يومنا هذا لا يُمكننا سوى أن نشعر بالأمان، ففي حال قام أيٌّ منا برسم لوحة أو كتابة كتاب فهناك وسائل متعددة ورائعة لتخزين نتاجه سواءً مادياً أم حتى إلكترونياً، لكن الأمر كان مُختلفاً جداً في العصور السابقة، حيث كان على الفنانين والكتاب القلق حول مصير أعمالهم مُستقبلاً، فبينما كانت هذه الأعمال تتطلب سنيناً طويلة لإنجازها، لم نكن نمتلك وسائل تضمن سلامة هذه الأعمال لسنواتٍ طويلة .
وبينما نمتلك اليوم العديد من الأعمال الفنية العظيمة التي استطاعت الصمود إلى عصرنا هذا، إلا أنّنا فقدنا العديد من الأعمال الأخرى التي لا نستطيع اليوم سوى تخيل كيف كانت أو مدى عظمتها، وهذا ما سنتحدث عنه في هذا المقال، سنتحدث عن 20 عملٍ فني فقدناه للأبد :
1. مسرحيتا Love’s Labour’s Won و The History of Cardenio للكاتب الأسطوري الشهير (ويليام شكسبير).
صورة شخصية لـ(شكسبير)، تُعرف أيضاً باسم «لوحة شاندوس»، نسبة إلى مالكها السابق (جيمس بريدجز) دوق شاندوس الأول.
صورة: Wikimedia Commons
إنّ مسرحية Love’s Labour’s Won هي مسرحية ضائعة تُنسب إلى (ويليام شكسبير)، حيث يُعتقد أنّه كتبها قبل عام 1598 ونُشرت عام 1603. لكن للأسف، فُقدت هذه المسرحية للأبد بسبب ضياع كل نسخها، وأول ذكر لهذه المسرحية كان في كتاب الكاتب الإنكليزي (فرنسيس ميريس) الذي ذكر فيه مسرحيات (شكسبير).
إنّ الجدل ما بين الباحثين ما زال مستمراً إلى يومنا هذا، فبينما يعتقد الكثيرون أنّ هذه المسرحية هي حقاً مسرحية مستقلة ضائعة قد تكون جزءاً مُتمماً لمسرحية (شكسبير) الشهيرة Love’s Labour’s Lost، إلا أنّ آخرين يعتقدون أنّ هذه المسرحية لم تُفقد بل سميت باسمٍ آخر، حيث اعتقد العديد من الباحثين في البداية أنّ المسرحية هي في الحقيقة مسرحية The Taming of the Shrew، لكن هذه النظرية دُحضت، ويعتقد البعض اليوم أنّ المسرحية هي ذاتها مسرحية Much Ado About Nothing.
مسرحية The History of Cardenio هي مسرحية ضائعة أخرى تُنسب إلى (شكسبير)، حيث نعلم اليوم أنّ شركة العرض والتمثيل المُسماة بـ (رجال الملك)، والتي كان (شكسبير) ينتمي إليها، قامت بتأدية هذه المسرحية في عام 1613، لكن أظهرت إحدى الوثائق التاريخية أنّ هذه المسرحية هي في الحقيقة عمل مشترك بين (شكسبير) والكاتب (جون فلتشر)، ويُعتقد أنّ بطل هذه المسرحية هو البطل الشهير (دون كيشوت) الذي ابتدعه الأديب الإسباني الشهير (ميغيل دي ثيربانتس).
قال بعض الباحثين أنّ الشركة قامت بنسب هذه المسرحية إلى (شكسبير) لزيادة إقبال المشاهدين، إلا أنّ معظم الباحثين ينفون هذه النظيرة ويرون أنّ هذه المسرحية هي بالفعل أحد الأعمال الضائعة لـ (شكسبير).
2- حدائق بابل المعلقة التي وُصفت بكونها تحفة متقدمة تقنياً بالإضافة لكونها من أجمل المباني التي بناها الإنسان على الإطلاق.
رسم تخيلي لما كانت عليه حدائق بابل المعلقة.
صورة: Bettmann
كانت حدائق بابل المعلقة واحدة من عجائب العالم السبع، وكانت تحفة هندسية مذهلة وذلك لاستخدام تقنية بناءٍ تسبق عصرها بكثير، ويعتقد أنها كانت مبنية في مدينة بابل القديمة الشهيرة الواقعة حالياً بالقرب من مدينة حلة العراقية. وبحسب الأساطير، فهذه الحدائق كانت مبنية بالقرب من قصرٍ ضخم جداً.
وفقاً للأسطورة، بُنيت هذه الحدائق بطلبٍ من الملك البابلي (نبوخذنصّر الثاني) الذي حكم المملكة البابلية بين عام 605 و562 قبل الميلاد، حيث أراد الملك بناء هذه الحدائق الجميلة كهديةٍ لزوجته، لكن بعض الأساطير الأخرى تنسب هذه الحدائق إلى الملكة الآشورية (سميراميس) التي حكمت في القرن التاسع قبل الميلاد.
حدائق بابل المعلقة هي الوحيدة من عجائب العالم السبع التي لم يتم تحديد موقعها الجغرافي بدقة حتى الآن، كما لم يتم إيجاد أي دليل خلال الحفريات الأثرية على وجودها، كما أنّ النصوص القديمة التي نمتلكها اليوم لا تقدم أدلة واضحة حول مكان هذه الحدائق، وقد اعتبر بعض المؤرخون عدم إيجاد أي دليل يُثبت وجود هذه الحدائق إشارة إلى كونها مجرد أسطورة، لكن معظم المؤرخين يعتقدون أنّ منسوب نهر الفرات المتغير قام بالقضاء على الموقع الأثري .
تُوصف حدائق بابل المعلقة بكونها جميلةط جداً ومُدهشة في الوقت ذاته من ناحية الهندسة الزراعية، حيث تقول الأساطير أنّ هذه الحدائق كان تتألف من مجموعة من الحدائق المتعددة المستويات، وكان كل مستوى يضم أنواعاً مختلفة من الأشجار والشجيرات والنباتات، حيث اعتبرت هذه الحدائق كجنة عدن جديدة .
3- كانت موسوعة (يونغل) تتكون من أكثر من 23 ألف فصل، لكننا لم يتبقّ منها سوى 800 فصل.
ما تبقى من موسوعة يونغل
صورة : Wikimedia Commons
عُرف الإمبراطور (يونغل) –الذي حكم الصين منذ عام 1402 حتى عام 1424– بحملاته العسكرية، لكنه كان أيضاً رجلاً مثقفاً شغوفاً، فبعد أنّ تقلد مقاليد الحكم، طلب إعداد مخطوطة ضخمة تحت عنوان A Complete Work of Literature، وحين انتهى الكُتّاب من إعدادها وقدموها له في عام 1404، رفض الإمبراطور العمل قائلاً أنّه غير كافٍ، وطالبهم بإضافة أجزاء أخرى إلى المخطوطة.
قام الإمبراطور بزيادة عدد الكُتّاب من مئة كاتب إلى أكثر من ألفي كاتب، حيث قضى هؤلاء الباحثون أربع سنوات جمعوا فيها المعلومات من كافة أنحاء الإمبراطورية ثم دوّنوها في مخطوطة واحدة، حتى انتهوا من إعدادها عام 1408 وأصبحت تُعرف باسم موسوعة (يونغل).
وُصفت هذه الموسوعة بكونها العمل الأدبي الأكثر شمولية في تاريخ البشرية، حيث تضم هذه الموسوعة نحو 23 ألف فصل، وتذكر أكثر من 370 مليون شخص، وبلغت مساحة هذه الموسوعة حوالي أربعين متر مربع، حيث ضمت كل المعرفة البشرية الموجودة في القرن الخامس عشر.
نجت هذه الموسوعة من حريقٍ نشب لأسبابٍ غير معروفة عام 1557، لكن النص الأصلي لم ينج إلى الأبد، حيث فُقد عبر التاريخ في فترةٍ لاحقة، ولم يتبق اليوم سوى أقل من 400 نسخة عن هذه الموسوعة تضم فقط 800 فصل.
4- لوحة معركة (أنغياري) كانت تحفة من تحف عصر النهضة حتى تم تدميرها خلال أعمال إعادة الترميم.
نسخة عن لوحة معركة أنغياري للفنان العظيم (دافنشي).
صورة: Wikimedia Commons
في عام 1504، أمر (بييرو سودريني) بتزيين القاعة الشهيرة المُسماة «قاعة الخمسمئة» الواقعة في قصر (فيكيو) في فلورنسا، وكانت هذه المناسبة هي المناسبة الوحيدة التي عمل فيها الفنانان الأسطوريان (مايكل أنجلو) و(ليوناردو دافنشي) سوياً، ومن المفترض أن يقوم كلٍ منهما برسم لوحةٍ على أحد جدران القاعة، وكان الجداران مُتقابلين.
لم يقم (مايكل أنجلو) بإكمال تحفته الفنية التي تُصور معركة (كاسكينا) وذلك لأنه اختار العودة إلى روما بعد عام لتصميم قبر البابا، أما (ليوناردو دافنشي) فقام، بدون قصد، بإفساد عمله، حيث كان يعمل على عملٍ ضخم كرسه لتمثيل معركة (أنغياري)، وكان من المفترض أن يكون هذا العمل أكبر أعماله على الإطلاق، ولكن أثناء العمل، اكتشف (دافنشي) أنّ بعض الطلاء الذي استعمله كطلاءٍ تحتاني تسرب قبل أن يجف.
على الرغم من جهود (دافنشي) إلا أنّه لم يتمكن سوى من إنقاذ الجزء السفلي من تحفته الفنية لذا تخلى عن المشروع وهو غاضب جداً، لكن على الرغم من كون هذه التحفة الفنية غير مكتملة، إلا أنّ هذه اللوحة الجدارية أصبحت أحد أشهر لوحات (دافنشي)، ونُظر إليها لعقودٍ من الزمن كدليلٍ على عبقرية الرسام الشهير.
للأسف، وأثناء أعمال إعادة ترميم القاعة الشهيرة خلال منتصف ونهاية القرن السادس عشر، تم تدمير كلا العملين غير المكتملين لكلا الفنانين، ولم يتبقى لنا اليوم سوى بعض النسخ لتحفة (دافنشي) الفنية العبقرية هذه.
5- ملحمة The Margites هي ملحمة كوميدية ضائعة منذ ألاف السنين تُنسب إلى الشاعر الإغريقي الأسطوري (هوميروس).
تمثال لـ (هوميروس).
صورة: Print Collector/Getty Images
تُنسب هذه الملحمة إلى الشاعر الإغريقي الأسطوري (هوميروس)، وأكد على وجود هذه الملحمة وعلى كونها من كتابة (هوميروس) الفيلسوف اليوناني الشهير (أرسطو) وذلك في كتابه فن الشعر، وتتمحور هذه الملحمة حول البطل (مارغيتس) الغبي جداً، والذي لا يعلم من هم أهله.
القليل جداً من هذه الملحمة صمد حتى يومنا هذا، حيث نمتلك اليوم فقط 4 مقاطع من أبيات الشعر خماسية وسداسية التفاعيل، وكتب أحد المعاصرين لـ (هوميروس) هذه الأبيات، وبفضله تمكنا من أخذ فكرة بسيطة على الأقل عن هذا العمل الأسطوري الضائع.
وكانت هذه الملحمة مشهورة بشكلٍ كبير في العصور القديمة. ففي العصر الهيلنستي، هناك قولٌ شعبي لوصف الشخص الغبي أو المجنون: ”مجنون مثل (مارغيتس)“. كما أنّ (أرسطو) وصف هذه الملحمة قائلاً: ”كما تُجسد الإلياذة والأوديسة التراجيديا الخاصة بنا، كذلك تُجسد الـ (مارغيتس) الكوميديا الخاصة بنا“.
نظراً للقيمة الكبيرة لأعمال (هوميروس) الأخرى، خاصةً الإلياذة والأوديسة اللتان تُعدان من أهم أعمال العالم القديم على الإطلاق، فإنّ خسارة ملحمة من كتابة (هوميروس) هي بالتأكيد خسارة كبيرة لا تُعوض للأدب البشري بأكمله.
6- غرفة الكهرمان التي دُمرت في نهاية الحرب العالمية الثانية.
إعادة تشكيل لغرفة الكهرمان التي لا يُعرف اليوم مكانها الحقيقي.
صورة: Alamy
قام المعماري الألماني (أندرياس شلوتر) بتصميم وبناء غرفة الكهرمان في عام 1701، وكان ينوي في الأساس وضعها في قصر (شارلوتنبرغ) في برلين، لكنها وُضعت عوضاً عن ذلك في قصر برلين، لكن وأثناء زيارةٍ قام بها القيصر الروسي (بطرس الأكبر) إلى برلين، نالت الغرفة إعجابه بشدة، لذا قدّم (فريدرش فيلهلم الأول) ملك بروسيا هذه الغرفة إلى القيصر كهديةٍ، وذلك كجزءٍ من التحالف الروسي–البروسي ضد السويد.
لذا تم نفل غرفة الكهرمان إلى روسيا، وهنالك قررت ابنة القيصر (إليزابيث) وضع هذا الكنز الذي لا يُقدر بثمن في قصر (كاثرين)، وتم إعادة العمل على التصميم الأساسي لغرفة الكهرمان وتوسيعها على مدار عقودٍ لاحقة، حيث أصبحت مساحة الغرفة في النهاية نحو 55 متر مربع، وأصبحت تضم أكثر من 6 أطنان من الكهرمان، وقد أصبحت غرفة الكهرمان تُعرف حول العالم بعجيبة العالم الثامنة وذلك لجمالها الأخاذ.
خلال الاجتياح الألماني للاتحاد السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية، حاول الروس تفكيك الغرفة لنقلها والحفاظ عليها، لكنهم لم يتمكنوا من تفكيك الكهرمان بدون التسبب بأضرار جسيمة له، لذا حاولوا عوضاً عن ذلك إخفاء كنوز هذه الغرفة بورق الجدران، لكن للأسف تم اكتشاف هذه الحيلة من قبل مجموعة الجيوش الشمالية الألمانية الذين فككوا الغرفة بأكملها بأقل من 36 ساعة وقاموا بإرسالها إلى مدينة كونيغسبرغ، التي تُعرف اليوم باسم كالينينغراد.
لكن هذه المدينة قُصفت من قبل طيران المملكة المتحدة البريطانية في شهر آب من عام 1944، كما عانت من قصفٍ مدفعي شديد من الجيش الأحمر في شهر نيسان من عام 1945، لذا يُعتقد أنّ غرفة الكهرمان الأصلية فُقدت إلى الأبد في ذلك الصراع العنيف.
7- تم تبجيل سيف Honjō Masamune لأكثر من 500 عام حتى اختفى في نهاية الحرب العالمية الثانية.
صورة لما يُعتقد أنه سيف (ماساموني).
يُعرف (ماساموني) بكونه أفضل صانع سيوف في تاريخ اليابان، حيث يُعتقد أنّه عمل في مقاطعة (ساغامي) في نهاية حقبة (كاماكاورا)، أي في نهاية القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر. صنع (ماساموني) عدة سيوف شهيرة خلال حياته، لكن يعتبر الكثيرون أنّ سيف (هونجو ماساموني) هو أفضل سيف قام بصناعته وأحد أفضل السيوف التي صُنعت على الإطلاق.
اكتسب هذا السيف اسمه نسبةً إلى الساموراي الياباني (هونجو شيغيناغا)، فبحسب الأسطورة، تعرض (هونجو) إلى هجومٍ من قِبَل (أومانوسوكي) الذي شطر خوذة (هونجو) باستخدام السيف الأسطوري، لكن (هونجو) تمكن من النجاة والتغلب على خصمه، وقام بالاستحواذ على السيف كجائزةٍ له.
بعد ذلك، أُجبر (هونجو) على بيع السيف إلى (تويوتومي هيديتسوغو) لقاء 13 عملة ذهبية كبيرة، على الرغم من كون قيمة السيف تُقدر بأكثر من ألف عملة ذهبية، وبعد أن تغيرت ملكية السيف عدة مرات، حازت عائلة (توكوغاوا) على ملكية السيف خلال حقبة (إدو)، وبقي السيف بحيازة العائلة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث كان (توكوغاوا إيماسا) آخر مالك معروف للسيف.
بعد هزيمة اليابان واحتلالها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، أمرت السلطات الأمريكية بتسليم كل الأسلحة الحادة، لذا تم إعطاء سيف (هونجو ماساموني) إلى السلطات في شهر كانون الثاني من عام 1945، لكن السيف اختفى بعد ذلك بشكلٍ غامض وبدون أي تفسير. نشأت عدة نظريات تُفسر اختفائه، فبينما يعتقد البعض أنّ السيف تعرض للسرقة، يعتقد آخرون أنّ أحد الأمريكيين الجاهلين لقيمة السيف الأثرية قام بتدميره.
8- الأناجيل الكنسية الأولى ضاعت إلى الأبد.
مخطوطة رسمها الفنان الأرمني (سركيس بتسارك) في القرن الرابع عشر تصور الصفحة الأولى من إنجيل مرقس.
صورة: Wikimedia Commons
إنّ أناجيل متّى ومرقس ولوقا ويوحنا الأربع التي تعود إلى القرن الأول ميلادي هي الأناجيل التي وضعت أساس الديانة المسيحية الحالية، ويُعتقد أنّ أول إنجيل كتب من بينها كان إنجيل مُرقس، الذي كتب ما بين عام 66 و70 ميلادي. أما إنجيلا متى ولوقا فيُعتقد أنهما كتبا ما بين عام 85 و90 ميلادي، أما إنجيل يوحنا فيُعتقد أنّه كتب ما بين عام 90 و110 ميلادي. لكن على الرغم من التاريخ المُفترض لهذه الأناجيل، إلا أنّ أقدم النسخ التي نمتلكها اليوم من هذه الأناجيل تعود إلى القرن الثاني ميلادي.
في تلك الفترة، قامت الكنيسة برفض الكثير من الأناجيل الأخرى التي تُسمى اليوم بالأناجيل غير الكنسية، كما يعتقد الكثيرون أنّ هذه الأناجيل الأربع قد خضعت لبعض التعديلات أو التحريفات وذلك لخدمة أسباب سياسية أو شخصية. لا يُمكن لأحدٍ تأكيد هذه الادعاءات، إلا أنّ الحقيقة تبقى أننا خسرنا الأناجيل الأولى الأصلية التي كان من الممكن أن تكشف لنا الحقيقة بأكملها.
9- على الرغم من تحطم تمثال عملاق (رودس) بسبب زلزالٍ قوي، إلا أنّه يبقى أحد أكبر الإنجازات المعمارية للعالم القديم.
رسم تخيلي لتمثال رودس.
صورة: Getty
في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، حُوصرت جزيرة (رودس) من طرف جيشٍ عملاق يقوده القائد العسكري (أنتيغونوس الأول موثوفثالموس)، لكن وبفضل قوةٍ عسكرية داعمة أرسلها الملك (بطليموس الأول)، استطاعت (رودس) تحقيق الانتصار وفك الحصار وذلك في عام 304 قبل الميلاد.
وبعد أن قام سكان الجزيرة ببيع معدات الأعداء، قرروا استخدام هذه الأموال المجموعة لبناء تمثال ضخم لتمجيد إله الشمس (هيليوس)، وبدأت أعمال البناء عام 292 قبل الميلاد بإشراف معماري يوناني يُدعى (تشاريس)، وكان طول هذا الصرح الضخم حوالي 33 متر، أي مثل طول تمثال الحرية اليوم، وتم بنائه على قاعدة رخامية يبلغ ارتفاعها 15 متر، يُعتقد أنّها وُضعت بقرب مدخل ميناء (ماندراكي).
اكتمل بناء التمثال الضخم بعد 12 عاماً من بدء العمل، وشكّل تحفةً معمارية بحق، حيث وصل صيته إلى كافة أنحاء العالم القديم، واعتبر من عجائب العالم السبع، لكن على الرغم من براعة الإغريق المعمارية، إلا أنهم لم يعلموا الكثير عن الزلال ووسائل حماية المباني منها، لذا وبعد مرور 44 عاماً فقط، أي في عام 226، تحطم التمثال بعد أن ضرب زلزالٌ قوي الجزيرة مُسبباً أضراراً هائلة.
عرض الملك (بطليموس الثالث) تقديم التمويل اللازم لإعادة بناء التمثال مجدداً، إلا أنّ عرافة (دلفي) وهي كاهنة ذات تأثير كبير، قالت أنّ سكان جزيرة (رودس) أهانوا الإله (هيليوس) ببنائهم التمثال، لذا رفض السكان العرض السخي للأسف.
10- بقي جزءٌ صغير من كتاب Ab Urbe Condita Libri، الذي كتبه المؤرخ الروماني (ليفي)، حتى العصر الحالي.
تيتوس ليفيوس.
صورة: kobo
وُلد الكاتب الروماني (تيتوس ليفي) نحو عام 50 قبل الميلاد، أي أنّه عاصر فترةً محورية في التاريخ شهدت اضطراباً كبيراً في الإمبراطورية الرومانية، وقد كان (ليفي) صديقاً مُقرباً من الإمبراطور (أغسطس)، كما أنّه كان يملك علاقة قوية بعائلة (جوليو كلاوديان) والتي تُسمى أيضاً بعائلة الأباطرة.
قام (ليفي) باستخدام علاقاته هذه، بالإضافة إلى ثروةٍ شخصية لا بأس بها مجهولة المصدر، لكتابة كتاب ضخم مليء بالتفاصيل حول تاريخ روما سُمي بـ Ab Urbe Condita Libri أي (كُتب من تأسيس المدينة)، وقام بكتابة هذا الكتاب ما بين عامي 27 و9 قبل الميلاد، ويبدأ الكتاب بتدوين تاريخ روما منذ بداية أسطورة هذه المدينة التي تقول أنّ المدينة تأسست بعد نزوح بطل طروادة (أينياس) وبعض سكان طروادة الناجين إلى المنطقة عام 753 قبل الميلاد.
قام (ليفي) بذكر العديد من الأحداث المهمة والمثيرة في كتابه، فذكر مثلاً الثورة السياسية الرومانية التي حدثت في عام 509 قبل الميلاد وأدت إلى طرد النظام الملكي الروماني وتأسيس الجمهورية الرومانية، وذلك وصولاً إلى فترة حكم الإمبراطور (أغسطس) الذي عاصره، وبذلك قام (ليفي) بجمع الحقائق من عدة مصادر وكتب تاريخية وجمعها في كتابٍ واحد، يُمكن اعتباره مرجعاً مطلقاً لتاريخ روما.
للأسف، لم يبق حتى عصرنا الحالي سوى ربع هذا الكتاب، وعلى الرغم من النقاش القائم بين علماء التاريخ حول صحة المذكور في هذا الجزء المتبقي، إلا أنّ ما تبقى من هذا الكتاب يُقدم لنا نظرةً مميزة إلى فترةٍ ضائعة من التاريخ البشري، كما أنّه يقدم لنا صورةً عن نظرة الرومان المعاصرين إلى تاريخ دولتهم، لذا يُمكن القول أنّ ضياع الجزء الغالب من هذا الكتاب عبر التاريخ خسارة للحضارة البشرية بكل تأكيد.
11- ضاع تابوت الفرعون (منكاورع) خلال نقله عبر البحر إلى لندن.
تصوير لما يُعتقد أنه تابوت (منكاورع).
كان (منكاورع) فرعوناً مصرياً ينتمي إلى الأسرة الرابعة خلال عصر الدولة القديمة، ويُعتقد أنّ (منكاورع) حكم لمدةٍ تتراوح بين 18 إلى 22 عام، وبدأت فترة حكمه في عام 2530 قبل الميلاد. ونمتلك اليوم معلومات محدودة جداً حول هذا الفرعون المصري لأنّ المصادر الناجية لا تُقدم الكثير من المعلومات عنه، إلا أنّه يُعد من أشهر الفراعنة المصريين على الإطلاق وذلك بسبب قبره المميز، حيث أنّ قبر الفرعون (منكاورع) هو الهرم الأصغر من أهرام الجيزة الثلاث.
على الرغم من كون هرم (منكاورع) أصغر الأهرام الثلاث إلا أنّه ليس أقل إثارةً للإعجاب على الإطلاق، حيث تبلغ مساحة قاعدة هذا الهرم 103.4 متر مربع، كما يبلغ ارتفاعه 65.5 متراً، حيث بُني هذا الهرم المدهش كقبرٍ فخم للفرعون المصري ليقضي فيه فترة راحته الأبدية بعد وفاته.
تم افتتاح هذا الهرم لأعمال التنقيب والحفريات في عام 1837، وبقيادة الإنكليزيين (ريتشارد ويليام هاوارد فايس) و(جون شاي بيرينغ) تم اكتشاف تابوت بازلتي ضخم، وقد كان الأمل أنّ يقدم هذا التابوت فهماً أكثر لإحدى أقدم الحضارات البشرية الغامضة.
أُخذ هذا التابوت من الهرم ووُضع على سفينةٍ تجارية بريطانية تُدعى (بياتريس) وذلك لنقله إلى المتحف البريطاني في لندن، لكن للأسف ضاع هذا الكنز الأثري بعد اختفاء هذه السفينة في مالطا وذلك في الثالث عشر من شهر تشرين الأول عام 1838.
12- نجى حوالي ثلث نتاح (أرسطو) الضخم فقط حتى عصرنا هذا.
تمثال نصفي لأرسطو.
صورة: Wikimedia Commons
يُعتبر (أرسطو) أحد أهم فلاسفة العالم القديم، فقد كان تلميذاً للفيلسوف الشهير (أفلاطون) كما كان أستاذ (الإسكندر الأكبر). قدّم (أرسطو) نتاجاً ضخماً جداً حول مواضيع عديدة تشمل الفيزياء وعلوم الطبيعة كعلم الحيوان والبيولوجيا، بالإضافة إلى الفلسفة وعلم الخطابة وعلم الجماليات. كما شمل نتاجه أراءً حول الاقتصاد والسياسة والفلسفة، لذا يُمكن القول أنّ (أرسطو) ترك بصمةً واضحة مميزة في معظم العلوم والمعارف التي عرفتها البشرية.
على الرغم من أنّ (أرسطو) قضى معظم حياته وهو يقوم بالكتابة، حيث عاش لمدة عقدين من الزمن في أكاديمية (أفلاطون) قبل أن يقوم بتأسيس مدرسته الخاصة، إلا أنّ (أرسطو) لم يكن ينوي على ما يبدو نشر أعماله على الإطلاق، ولهذا السبب لم تنجُ سوى ثلث أعماله الكاملة حتى عصرنا هذا.
نظراً للتأثير الكبير لما نعرفه من أعماله على الحضارة البشرية والأديان السماوية كالمسيحية والإسلام، لا يُمكننا سوى تخيل مدى التقدم الحضاري والفكري الذي كانت ستقدمه أعماله الكاملة لو نجت عبر التاريخ.
13- يُعتقد أنّ الكاتب الأمريكي البارز (هرمان ملفيل) قام بتدمير روايته «جزيرة الصليب» لأن الناشرين رفضوا نشرها.
لوحة شخصية للكاتب (هيرمان ميلفل) رسمها الفنان (جوزيف أو إيتون).
صورة: Wikimedia Commons
يُعتبر (هرمان ملفيل) من أهم الكتاب الأمريكيين على الإطلاق، فكان له دورٌ كبير في نهضة الأدب الأمريكي. وبينما تعددت أساليب كتابته فقد عُرف بشكلٍ خاص لإبداعه في كُتب المغامرة والسفر، حيث قام بكتابة رواية «تايبي: لمحة عن الحياة البولينيزيين» التي تُعتبر من كُتب السفر والمغامرة والكلاسيكية، لكن كتابه الأشهر على الإطلاق هو رواية «موبي ديك».
على الرغم من أنّ رواية «موبي ديك» قد نالت شهرة عالمية وأصبحت من أكثر الروايات شعبيةً في جميع أنحاء العالم، إلا أنّها لم تحقق النجاح المرجو عند نشرها عام 1851، بل اعتبرها مُعاصرو (هرمان ملفيل) فشلاً ذريعاً، لذا عندما قام (هرمان) بكتابة رواية «جزيرة الصليب» بعد عامين فقط، قامت شركة النشر (هاربر وأخوانه) المتمركزة في نيويورك برفض نشر الرواية خوفاً من فشلٍ آخر.
تدور قصة هذه الرواية حول (أغاثا هاتش روبرتسون)، وهي امرأة من جزيرة ننتاكت الأمريكية، تدور القصة حول كيف تهتم (أغاثا) ببحارٍ تحطمت سفينته وتقوم برعاية أطفاله، لكن البحار يهجرها في النهاية، أي أنّ هذه القصة كانت ستكون الرواية الوحيدة من كتابة (هرمان) التي تتمحور حول شخصيةٍ رئيسية أنثى.
من غير المعروف ما الذي حدث للرواية، البعض يدعي أنّها لم تُوجد بالأصل، لكن الرأي الأكثر قبولاً بين المؤرخين أنّ (هرمان) شعر بالغضب والإحباط بسبب رفض وكالات النشر لعمله لذا قام بتدميره في لحظة يأس.
14- أُخذ الشمعدان الأثري من المعبد الثاني في أورشليم (القدس) من طرف الرومان قبل أنّ يُفقد بعد احتلال روما.
نسخة مقلدة من شمعدان الهيكل.
صورة: Wikimedia Commons
وُصف الشمعدان لأول مرة في سفر الخروج خلال حديث موسى مع الله، ويُعد من الرموز الدينية اليهودية، حيث يتكون الشمعدان اليهودي التقليدي من 7 رؤوس، وكانت هذه الشمعدانات تضاء يومياً باستخدام زيت الزيتون الطازج من فترة بعد الظهر حتى الصباح، وأحد أهم الشمعدانات كان موجوداً في المعبد الثاني في أورشليم.
لكن خلال احتلال أورشليم في الحرب الرومانية اليهودية الأولى، سُلب هذا الشمعدان من قبل الرومان. وبحسب المؤرخ اليهودي (يوسفوس فلافيوس) تم أخذ هذا الشمعدان إلى روما احتفاءً بنصر الإمبراطورين (فسبازيان) و(تيتوس)، وأحد الحفريات على التمثال الأثري المُسمى (قوس تيتوس) والواقع في مدينة روما يدعم هذه الرواية، حيث أنّ هذه الحفرية تصور جنوداً رومان يحتفلون بالنصر وهم يحملون شمعداناً.
بعد أخذه إلى روما، وُضع هذا الشمعدان كرمزٍ للنصر في معبد السلام الواقع في روما القديمة، لكن مصير هذا الشمعدان أصبح مجهولاً بعد احتلال روما عام 455، وبينما يعتقد البعض أنّ الفاتيكان يحتفظ بهذا الشمعدان في متحفه بشكلٍ سرية، إلا أنّ الاحتمال الأكثر شيوعاً هو أنّ أحدهم قام بإذابة الشمعدان للحصول على ذهبه.
15- لم ينج سوى ثلث فيلم The Story of the Kelly Gang الذي يُعد أول فيلم روائي طويل وذلك منذ عرضه في دور السينما عام 1906 من طرف عائلة (تايت).
في عام 1906 بدأت عائلة (تايت) العمل على صنع فيلمٍ روائي طوله 60 دقيقة من دون أن يُدركوا الأهمية التاريخية لجهودهم هذه، وقد أخرج الفيلم (تشارلز تايت)، كما قام بأدوار البطولة أخوته (جون وإليزابيت تايت)، وقام بتوزيعه وإنتاجه أخوهم (نيفين تايت).
بذل الإخوة جهوداً كبيرة لإتمام عمله، حيث قاموا بالتعاون لإنتاج تأثيراتٍ سينمائية متنوعة كما قاموا باستعارة العديد من الأزياء، ففي ذلك الوقت كانت المدة المُعتادة للأفلام السينمائية تتراوح ما بين 5 إلى عشر دقائق، وقد أصبح فيلمهم جاهزاً للعرض في 26 من شهر كانون الأول من عام 1906.
صُنع الفيلم بعد 26 عام من إعدام اللص الأسترالي الشهير (نيد كيلي)، وعلى الرغم من أنّ الفيلم مُنع بعد عرضه في بعض المدن الأسترالية، وذلك لكونه يُعظّم الجريمة، إلا أنّه حقق نجاحاً اقتصادياً كبيراً بعد عرضه، كما أنّه نال تقييما جيداً من قبل النقاد، وذلك في كلٍ من بريطانيا وإيرلندا ونيوزيلندا، حيث حقق أرباحاً ضخمة تُقدر ب 25 ألف جنيه إسترليني وذلك نظراً لكلفة إنتاجه التي تُقدر ب 400 إلى 1000 جنيه إسترليني.
اعتُقد أولاً أنّ هذا الفيلم ضاع بالكامل، لكن خلال العقود الماضية وُجدت أجزاء متفرقة من الفيلم، عند جمعها حصلنا على ما يُقارب الـ 17 دقيقة من هذا الفيلم، ومن بين المشاهد التي تم استرجاعها المشهد الأخير الذي يُظهر شخصية (نيد كيلي)، لكن على الرغم من حصولنا على حوالي ثلث الفيلم، إلا أنّ عدم وجود هذا الفيلم التاريخي كاملاً يُعد خسارة للحضارة البشرية بشكلٍ عام والفن السينمائي بشكلٍ خاص.
16- يُعد درع (الميدوسا) من أفضل ما صنعه (ليوناردو دافنشي) على الإطلاق.
لوحة «الميدوسا» بريشة فنان فلمنكي مجهول الهوية.
صورة: Wikimedia Commons
ذُكر هذا الدرع في كتاب (جورجيو فاساري) المُسمى Vita di Leonardo أي (حياة ليوناردو)، حيث يذكر (جورجيو) بالتفصيل كيف قام (ليوناردو) الشاب بصناعة تحفة فنية هي رأس وحش الغرغون (ميدوسا) على ترس، وذلك لتقدمته إلى السير (بيرو دافنشي).
لكن بحسب الإشاعات، أخاف هذا الترس السير (بيرو دافنشي) من النظرة الأولى، لذا قام سراً ببيعه إلى أحد تجار فلورنسا، والذي قام بدوره ببيع الدرع إلى دوق ميلان لقاء 300 دوقية، ولكن لا يُعرف ماذا حصل للترس بعد ذلك، حيث يبقى مصيره مجهولاً في يومنا هذا.
يشكك بعض المؤرخين بمصداقية رواية (جورجيو فاساري) حول هذا الدرع، ويشككون بوجوده في الأصل، لكن نجاح بعض رسامي القرن السابع عشر بنسخ عمل (ليوناردو) بعد مراقبته تُشير أنّ القصة تحمل بعض الصحة على الأقل.
كما يزعم (جورجيو فاساري) أنّ (ليوناردو) رغب، عندما أصبح أكبر عمراً، برسم لوحة زيتية تُجسد رأس (الميدوسا)، لكن هذا العمل لم يكتمل، ووصفه (جورجيو) بأنّه من أكثر الأعمال غرابةً على الإطلاق، وقد أدعى (جورجيو) أنّ العمل بحيازة دوق كوسيمو.
في عام 1782 أُعتقد أنّ هذا العمل اكتشف في متحف (أوفيزي)، وتم الاحتفال بهذا العمل حتى القرن التاسع عشر ككونه واحد من أفضل أعمال (ليوناردو) على الإطلاق، لكن في القرن العشرين تم إثبات أنّ هذا العمل ليس من رسم (ليوناردو)، حيث تم إرجاع عمره إلى حوالي عام 1600، ويُنسب اليوم إلى رسامٍ فلمنكي مجهول.
17- كانت مكتبة الإسكندرية العظيمة تضم مئات الآلاف من النصوص التي تذكر بالتفصيل الفكر البشري بأكمله.
لوحة للفنان (فون كورفن) بعنوان «مكتبة الإسكندرية العظمى».
صورة: Wikimedia Commons
لا تُعد هذه المكتبة أول مكتبة في التاريخ، فتاريخ المكتبات أقدم من ذلك بكثير خاصةً في اليونان والشرق، لكن مكتبة الإسكندرية كانت بالتأكيد مكتبةً لم يشهد التاريخ مثلها في تلك الفترة، ويُعتقد أنّ خطيب أثينا (ديمتريوس الفالرومي) كان من اقترح بناءها على الملك (بطليموس الأول)، إلا أنّها لم تُنشأ إلا في حكم ابنه (بطليموس الثاني)، وكانت تضم ما بين 40.000 إلى 400.000 نص، لذا عُدت مركزاً للعلم والمعرفة في العالم القديم، وأصبحت الإسكندرية تُعرف بعاصمة التعليم.
وبينما يُعتقد اليوم أنّ هذه المكتبة العظيمة دُمرت بحريقٍ كارثي ضخم، إلا أنّ المكتبة في الحقيقة بدأت بالتراجع وذلك بعد قمع المثقفين في الإسكندرية عام 145 قبل الميلاد تحت حكم الملك (بطليموس الثامن)، وبينما حُرقت المكتبة بالخطأ فعلاً وذلك على يد قوات (يوليوس قيصر) في عام 48 قبل الميلاد، إلا أنّها استمرت بالتراجع والتدهور بعد ذلك خلال الفترة الرومانية بسبب نقص التمويل.
توقفت المكتبة عن العمل في منتصف القرن الثالث بعد الميلاد، لكن يُعتقد أنّ هذه المكتبة العظيمة دُمرت بالكامل حوالي عام 270 و275 بعد الميلاد خلال ثورةٍ.
18- يُعتبر تابوت العهد أحد أهم التحف الدينية في التاريخ.
يُعتقد أن هذه التحفة اليهودية الدينية موجودة في أفريقيا.
صورة: foxnews
صُمم هذا التابوت ليضم اللوحين الحجرين الذين قام (موسى) بكتابة الوصايا العشر عليهما، حيث صُمم بحسب التعليمات والتوجيهات التي قدمها الله لـ (موسى) وذلك بعد أن بقي لمدة 40 يوم على قمة جبل موسى في سيناء في مصر، وقد كان هذا التابوت مصمماً على الطراز الشرقي ومغطى بالذهب، وكان يُغطى هذا التابوت بخمارٍ، ويُعتقد أنّه يضم قضيب هارون ووعاء من المن الذي أرسله الله إلى اليهود، وذلك بحسب التقاليد اليهودية.
بحسب الأساطير، قام الفلسطينيون بالاستحواذ على تابوت العهد في إحدى المعارك التي حصلت في منطقة ابن عزر المذكورة في العهد القديم، لكن الفلسطينيين قاموا بإرجاع التابوت إلى اليهود لأنهم عانوا بعد سلبهم إياه من عقوبةٍ إلهية تجسدت بكوارث وأمراض.
وُضع هذا التابوت لاحقاً في غرفة خاصة في هيكل سليمان، لكن في عام 587 قبل الميلاد، قام البابليون بتدمير أورشليم بأكملها، وإثر تدمير هيكل سليمان أصبح موقع تابوت العهد مجهولاً، وبينما يزعم البعض أنّ البابليين أخذوا تابوت العهد معهم ثم ضاع بعد تدمير حضارتهم، إلا أنّ البعض يزعمون أنّ التابوت كان بالأصل مخبئاً قبل الهزيمة وذلك لمنع وقوعه في يد الأعداء.
ظهرت عبر التاريخ عدة نظريات حول مكان وجود تابوت العهد، وكثيراً ما لاحق علماء الأثار هذه الأماكن السرية التي يُعتقد أنّ التابوت مخبأ بها، لكن على الأرجح أنّ هذا التابوت التاريخي قد دُمر وضاع إلى الأبد مما يعني ضياع أحد أهم التحف اليهودية والمسيحية.
19- فقط قصيدة واحدة كاملة من كتابة (صافو) نجت حتى يومنا هذا.
تمثيل لامرأة يُعتقد أنها تشبه الشاعرة الإغريقية (صافو).
صورة: A&E Television Networks
تُعتبر (صافو) من أهم الشعراء عبر التاريخ، وهي في الأصل من جزيرة لسبوس الإغريقية، وكانت قصائدها مُصممة لتغنى بجانب لحن القيثارة. لا يُعرف الكثير عن حياة (صافو)، لكن يعتقد أنّها من عائلةٍ غنية لكنها نُفيت إلى صقلية عندما كانت في سن الثلاثين تقريباً وذلك في عام 600 قبل الميلاد.
واستمرت (صافو) بالعمل حتى سن الـ 60 تقريباً، حيث كان يُعتقد أنّها مُدمنة على العمل، وقامت بكتابة أكثر من 10000 بيتٍ من الشعر، وكان شعرها محبوباً بشدة في العالم القديم. لكن على الرغم من نتاجها الكبير، إلا أنّ الغالبية العظمى من أعمال (صافو) لم تنج إلى يومنا هذا.
فقط قصيدة واحدة كاملة تُدعى Ode to Aphrodite نجت إلى يومنا هذا، بالإضافة إلى أجزاءٍ متنوعة من قصائد أخرى، بينما يبقى مصير باقي أعمالها غير معروفاً. إلا أنّ اسم (صافو) ارتبط إلى الأبد بالعلاقات مثلية الجنس بين النساء، وذلك بسبب ما بقي من قصائدها وما نعرفه عن حياتها. خسارة أعمال (صافو) حرمت البشرية من فهمٍ أكبر للأدب في تلك الفترة، كما حرم الحضارة البشرية من تراثٍ لا يُقدر بثمن.
20- المكتبة الأعظم في التاريخ، مكتبة بيت الحكمة، دُمرت بعد احتلال المغول لبغداد.
كانت مكتبة بيت الحكمة كنزاً ثقافياً إسلامياً لا يُقدر بثمن، لكنها دُمرت بشكل شبه كامل على يد المغول.
صورة: houseofwisdom
تحدد مكتبة بيت الحكمة بداية ونهاية العصر الذهبي للدولة الإسلامية، وكذلك لمدينة بغداد. أُنشئت المكتبة خلال العصر العباسي ووصول المنصور إلى السلطة وذلك في عام 762 بعد الميلاد، وتم استخدامها كمكتبة خاصة تضم وثائق وكتباً للخليفة، ثم أصبحت لاحقاً أكاديمية عامة، حيث احتلت مكتبة بيت الحكمة حينها مكانةً كبيرة في حركة الترجمة، وهي فترة قام فيها الباحثون الإسلاميون بدراسة وترجمة أعمال كلاسيكية كأعمال (جالينوس) و(أبقراط)، وتُعد هذه المرحلة أحد أهم المراحل في التطور العلمي بالتاريخ.
أصبحت هذه المكتبة مركز التعليم الأشهر في العالم في تلك الفترة، ويُعتقد أنّ مكتبة بيت الحكمة ضمّت في القرن التاسع أعظم مجموعة من الكتب الموجودة في أي مكتبة على الأرض في تلك الفترة، وكانت أهمية هذه المكتبة وإنجازاتها تختلف بحسب اهتمام ونجاح الخليفة، واستمر الوضع على حاله حتى تم تدمير هذه المكتبة التي لا تُقدر بزمن عند احتلال بغداد عام 1258.
قام (نصر الدين التوسي) بإنقاذ ما يُقارب 40 ألف مخطوطة قبل الهجوم، لكن بالطبع هذا لا يُشكل إلا جزءاً صغيراً من الكنز الذي تم تدميره أثناء الغزو المغولي. كما قام المحتلون برمي الكتب التي وجدوها داخل المكتبة بنهر دجلة، وقد وصف المعاصرون تلك الحادثة قائلين أنّ لون النهر تحول إلى الأسود بسبب الحبر.
بالطبع هناك العديد من الأعمال الأخرى التي ضاعت عبر التاريخ للأسف، لكن ما يُواسينا قليلاً أنّ الإبداع البشري مُستمر ولن يتوقف في أي وقتٍ قريب.
المصدر
historycollection.co