الشاعر البردوني
لأنّهمْ مِنْ دَمِهمْ أبحروا
كالصبحِ مِنْ توريدِهِمْ أسْفَروا
تكسّروا ذاتَ خريفٍ هنا
والآنَ مِنْ أشلائهمْ أزهَرُوا
تجَمّرُوا في ذكرياتِ الحَصَى
ومِن حنينِ التربةِ اخضَوْضَرُوا
مِنْ كل شِبْرٍ أبْرَقُوا ، أشْرَقُوا
كيف التقى الميلادُ والمَحْشَر ُ
نامُوا شظايا أنجُمٍ في الثّرى
وقبل إسحار ِالدّجى أسْحَرُوا
مؤقّتاً غابُوا لكي يبْزُغوا
كي يُشمِسوا ، مِنْ بَعْدِ ما أقْمَروا
تعْدُو إليهمْ كالصبايا الرُّبَا
يطيرُ كالعصفورةِ المعْبَرُ
وَكُلُّ كُوخٍ يمتطي شوقَهُ
وكل صخرٍ فَرَسٌ أشْقَرُ
وَكُلُّ بستانٍ يصيحُ : اقتطِفْ
يا كلّ طاوٍ ، يا عِطاشُ اعْصِروا
وقالَ بعضٌ شاهَدُوا دفْنَهُمْ
وقال بعضُ البعضِ : لمْ يُقبَروا
قِيْلَ : اختفَوا يوماً وقِيلَ : انْطَفَوا
وقيل : مِن حيثُ انطفوا نوّروا
وقِيْلَ : ذابُوا ذَرّةً ذرّةً
والأرضُ في ذرّاتِهِمْ تكبُرُ