قرر النجار المشهود له بالكفاءة والمهارة، والذي بلغ من العمر عتيا، جاهزيته للتقاعد والاعتزال من عمله الذي أفنى فيه عمره، وأسر لصاحب العمل بخططه في مغادرة عمله في بناء المنزل الخشبي معه، مفضلا قضاء ما تبقى من عمره وسط أسرته ومع علمه بأنه سيفقد مكافأة نهاية خدمته، فإنه لم يخف رغبته في التقاعد. وشعر صاحب العمل بالأسف حيال قرار أفضل نجار لديه بتركه العمل، وسأله أن يصنع له معروفا أخيرا بأن يبني له منزلا واحدا قبيل مغادته.
وافق النجار على مضض على هذا الاقتراح، لكنه أكد على أنها ستكون الأخيرة بالنسبة إليه. وبما أن النجار قد أدخل نفسه في مزاج التقاعد، فكان لا يولي اهتماما كبيرا لبناء هذا البيت فلم يكن قلبا وقالبا مع عمله، لذا فقد لجأ لاستخدام عمالة رخيصة وخدمات رديئة في إنجاز عمله. ويا لها من وسيلة مؤسفة لوضع حد لحياته المهنية بهذا الشكل المزري وعندما أنجز النجار مهمته، دعا صاحب العمل وأراه المنزل، وسلمه بعض الأوراق ومفتاح باب المنزل الرئيسي، قائلا له؛ – هذا هو بيتك، هديتي إليكم وصعق النجار من وقع الصدمةا يا له من عار فلو كان يعلم بأنه سيبني بيته، لكان بناه أفضل من أي بيت بناه من ذي قبل !
ويمكننا أن نقارن أنفسنا بهذا النجار فقد أرسلنا الله سبحانه وتعالى لهذا العالم لبناء بيوتنا في الجنة من خلال طاعة أوامره. والآن، يتعين علينا أن نقرر كيف نتمنى أن تكون عليه المنازل التي سوف نعيش فيها إلى الأبد .