TODAY - September 19, 2010
حكومة الإقليم لا تعلق.. وحزب بارزاني يقول: لو كنا نقتل المعارضين لاختفى نصف صحفيي السليمانية
إعلاميون: التحقيق الرسمي قتل سردشت ألف مرة.. لكنه سيخلق مليون خليفة له
بغداد – ملاك الزيدي
رفض المتحدث باسم حكومة اقليم كردستان التعليق على نتائج التحقيق في مقتل الصحفي الكردي سردشت عثمان، مؤكدا ان هذه القضية من "اختصاص وزارة الداخلية في الاقليم"، بينما انتقد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني الاتهامات الموجهة الى اطراف السلطة الكردية بالتورط في هذه الجريمة، موضحا ان حكومة الاقليم لو كانت تقتل المعارضين "لمات نصف الصحفيين في السُليمانية"، في اشارة الى مساحة الحرية المتوفرة في هذه المدينة.
ووسط استياء واسع من قبل منظمات محلية ودولية معنية بشؤون الاعلام ازاء نتائج التحقيق التي اعلنتها حكومة الاقليم، كشف مرصد صحفي في السليمانية ان السلطات المحلية ابلغته بوجود معلومات جديدة في قضية عثمان ستظهر خلال اليومين المقبلين.
وكان الصحفي سردشت عثمان تعرض مطلع أيار (مايو) الى الاختطاف من امام مدخل جامعة صلاح الدين وعثر عليه مقتولا في احد احياء الموصل. وشكل رئيس الاقليم مسعود بارزاني لجنة للتحقيق، لكنها اعلنت ان سردشت عثمان "تمت تصفيته من قبل جماعة انصار الاسلام الارهابية بعد ان وعدها بالعمل لصالحها ثم تراجع عن تنفيذ مهمات اسندت اليه".
ورفضت حكومة الاقليم الإدلاء بأي تعليق على تداعيات نتائج التحقيق في مقتل عثمان التي قوبلت باستياء واسع في الاوساط الصحفية المحلية والدولية. وقال الناطق باسم حكومة الاقليم كاوة محمود ان "موضوع مقتل الصحفي سردشت عثمان هو قضية جنائية وتتولى الجهات المختصة في الاقليم التحري عنها".
واضاف محمود في حديث لـ"العالم"، ان "السلطات المختصة في وزارة الداخلية في اقليم كردستان هي الجهة الوحيدة المخولة بالتصريح حول القضية كونها الجهة التي تتولى التحقيقات". ولدى سؤاله عن مستقبل حرية الصحافة في الاقليم تحديدا، والبلاد بشكل عام، في ظل نتائج التحقيق في مقتل عثمان، قال محمود "من الممكن ان نتحدث لصحيفتكم عن مستقبل الصحافة في الاقليم بعيدا عن قضية مقتل سردشت فالحديث عن هذه القضية ليس من اختصاصنا".
وكانت عائلة الصحفي الكردي اعلنت الخميس الماضي انها ترفض وتندد بنتائج التحقيق المعلنة حول مقتله وخصوصا اتهامه بالارهاب، وذلك بعد اعلان سلطات اقليم كردستان مسؤولية جماعة "انصار الاسلام" عن هذه الجريمة. وقال بيان موقع باسم شقيق القتيل بكر عثمان نقلته وكالة الصحافة الفرنسية "نعلن صراحة اننا لا نرفض فقط نتائج التحقيق انما ندين هذا العمل ونعرب عن استيائنا لهذه المحاولات الفاشلة في الصاق تهمة الارهاب بشقيقي سردشت واتهامه بالتعاون مع جماعة انصار الاسلام".
واضاف "هذه الدعاية التي لا اساس لها آلمتنا كثيرا وادعو جميع الذين يدافعون عن حقوق الانسان الى تقديم الدعم لنا امام هذا التهجم العلني".
واكد عثمان ان شقيقه القتيل كان صاحب توجهات علمانية بعيدة عن التطرف والارهاب لان من "عرفه عن كثب او قرأ كتاباته كان يعرف تماما انه شخص علماني لم يكن ملتزما قيد شعرة بالافكار الارهابية فهذه التهمة لا اساس لها وبعيدة عن الحقيقة". بدوره اكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني آري هرسين ان "حزبه لا علاقة له بالتحقيقات الجارية حول مقتل الصحفي سردشت عثمان". وقال هرسين في مقابلة مع "العالم" أمس السبت، ان"التحقيق في جريمة قتل عثمان قامت بها لجنة رسمية تمثل حكومة اقليم كردستان التي يرأسها السيد برهم صالح".
ومضى يقول "حزبنا لم يكن مُمثلا في هذه اللجنة، وعلى الحكومة ان تطمئن الناس الى نتائج لتحقيق". وزاد هرسين الذي يشغل منصب مسؤول الاعلام في فرع الحزب الديمقراطي في السُليمانية ان "ما تعرض له سردشت جريمة نكراء يندى لها الجبين وقام بها مجرمون و قتلة". لكنه استدرك بالقول "على الجميع ان يعرف ان وسائل الاعلام التي تنتقد السلطة موجودة في كردستان ولو كانت الحكومة تقتل المعارضين لمات نصف الصحفيين في السُليمانية".
واثار التقرير الذي اصدرته حكومة اقليم كردستان مؤخرا موجة من الانتقادات في الاوساط الصحفية المحلية والدولية.
وعبرت لجنة حماية الصحفيين ومقرها نيويورك عن استيائها حيال التحقيق معتبرة انه يعاني من "ثغرات" و"لا يتمتع باية مصداقية". ودعت الى "تحقيق اكثر مصداقية".
ونقل بيان للجنة عن احد مسؤوليها محمد عبد الدايم قوله "كنا نأمل المزيد من تقرير حجمه 430 كلمة يطلق اتهامات غير أكيدة على الارجح". من جهته اعتبر عضو مرصد (ميترو) المعني بالحريات الصحفية في اقليم كردستان ان "التقرير حول الضحية الى قاتل وساهم في تضييق الحريات". وقال رحمن غريب في حديث لـ"العالم"، "تم ابلاغنا من قبل السلطات المعنية بالتحقيق بقضية مقتل سردشت، بأن اليومين المقبلين سيشهدان اعلان نتائج جديدة وفيها تطورات مهمة في هذه القضية". لكنه استدرك بالقول "لا نعلم حتى الآن طبيعة هذه التطورات".
وزاد غريب "لقد اصابتنا نتائج التحقيق الاولي بالصدمة، ولم نكن ننتظر ان نرى احدا يصف سردشت بالارهابي".
واضاف ان "الاتهامات التي توجهها لنا حكومة الاقليم نحن الصحفيين ليست بالجديدة فقد اتهمونا مسبقا بالعمالة واخذ التمويل من جهات مشبوهة".
ومضى يقول ان "الصحفيين والكتاب سيستمرون بانتقاد السلطة وطرح وجهات النظر حول الفساد وانتهاكات حقوق الانسان والمرأة، ولن نهاب احدا". ويبدي مدير تحرير صحيفة "المشرق" حاتم حسن عدم تفاؤله بمستقبل الصحافة في العراق. وقال حسن في حديث لـ "العالم"، ان مثل هذه الاحداث "كفيلة بتراجع الصحافة في العراق و انهاكها، ولن تفرز صيغة من صيغ المواجهة الديمقراطية مع السلطة".
ووصف حسن الديمقراطية في العراق بأنها ديمقراطية "فوضوية" وقال ان "حرية الصحافة في العراق غير مؤثرة بالسلطة والدليل ان الصحافة تكتب عن المفسدين منذ 8 سنوات ولكن لا احد يستجيب". ومضى يقول "قضية اغتيال سردشت كفيلة بردع اشجع الصحفيين عن قول كلمة الحق بوجه السلطة". واضاف "سيفكر من يريد دخول عالم الصحافة الف مرة قبل الخوض بمتاعبه".
لكن المدير التنفيذي لمرصد الحريات الصحفية زياد العجيلي اعتبر ان "سردشت وجيل سردشت هم الذين سيغيرون مسار الديمقراطية في العراق ويحولونها من ديمقراطية ناشئة الى ديمقراطية راسخة". وقال العجيلي في مقابلة مع "العالم"، ان "التحقيق الذي اصدرته السلطات في اقليم كردستان بشأن ملابسات مقتل الصحفي سردشت عثمان كتب بأسلوب اخرق وفيه محاولة لتضليل الرأي العام".
واضاف "لقد وضع هذا التقرير حكومة الاقليم بموقف محرج امام المجتمع الدولي"، موضحا ان "التحقيق في اغتيال سردشت، قتل سردشت الف مرة.. الجريمة قبيحة، والتقرير اقبح منها".
وزاد ان "سردشت الذي قتل، قام بخلق مليون سردشت وهناك جيل جديد يتحدى السلطة والدكتاتوريات".
ويقول الاعلامي عماد العبادي ان نتائج التحقيق حول الحادثة تشير الى ان "مستقبل الصحافة في العراق ينذر بشؤم كبير".
وقال العبادي في مقابلة مع "العالم"، ان "السلطات الآن من الممكن ان توجه الينا التهم ذاتها التي وجهت الى سردشت ومن السهل جدا لديها اعتبارنا بعثيين او ارهابيين".
alalem
إقرأ المزيد مواضيع ذات صلة:مقتل صحافي "عشق" ابنة بارزاني
المقالات التي تسببت في مقتل الصحفي العراقي الكردي الشاب " سردشت عثمان "