أوروبا «تتكلم عربي»
صلاح.. أنانية تصنع الفارق
المصدر: دبي- مجتبى فاروق
قبل أن ينطلق قطار الدوريات الأوروبية بسرعته النهائية، أجبر على التوقف قليلاً في «محطة تصفيات أوروبا للأمم»، ولكن أربع جولات في معظم الدوريات الأوروبية الكبرى كشفت الكثير عن بعض ممثلي الوطن العربي في هذه الدوريات.
لعل أبرز الأحداث التي عاشتها أوروبا وتابعها العالم العربي معها، هي واقعة صلاح وماني، التي أغضبت السنغالي كثيراً، وفتحت الباب أمام الصحافة الأوروبية للحديث عن طريقة لعب النجم المصري أحد المرشحين بقوة للكرة الذهبية هذا العام، لكن هذه الأنانية التي اتهم بها صلاح كانت أفضل ما يمكن أن يقدم حسب المدرب الألماني يورغن كلوب، الذي وفي حالة نادرة جداً هاجم جمهور ليفربول، دفاعاً عن صلاح، وأكد كلوب في تصريح، لم يلتفت إليه البعض كثيراً في غمرة الهجوم على صلاح، أن النجم المصري صاحب رؤية مختلفة بل أن هذه الأنانية التي يتهم بها كثيراً ما صنعت الفارق لصالح ليفربول، مذكراً جمهور «الليفر» بأكثر من خمسة مواقف، التزم فيها صلاح باللعب الفردي، وكانت النتيجة الوصول إلى شباك المنافس، وفي توقيت يحتاجه ليفربول.
وألمح كلوب إلى أن ما يقوم به صلاح إنما هو نوع من الذكاء الرياضي للنجم المصري، الذي يعرف كيف يفاجئ دفاعات الفريق المنافس، وحارس مرماه، الذين يركزون كثيراً على احتمال أن يمرر صلاح الكرة لزميل متابع، ولكن المصري يفاجئ الجميع بأنه يلعب تجاه المرمى.
إثبات
وأثبت كلوب وجهة نظره هذه بالتأكيد على أن بعض أهداف صلاح جاءت من كرات ضعيفة جداً، لو كان حارس المرمى المنافس متنبهاً لها لنجح ببساطة في التعامل معها، مرجعاً نجاح النجم المصري في التسجيل إلى اتخاذه عنصر المفاجأة، وليس الأنانية، كما يتهم مختتماً أنه يتمنى أن يركز جمهور ليفربول على كامل عطاء اللاعب، وليس اللحظات التي يمكن أن تثير الإعلام.
حدث تاريخي
ومن البريمرليغ ننتقل عبر المانش إلى الجارة فرنسا، ومع لاعب انتقال من البطولة الإنجليزية إلى نظيرتها الفرنسية، وتحديداً الجزائري إسلام سيلماني، الذي قدم من بورتو في صفقة كبيرة إلى «وكر الثعالب» ليستر سيتي، الذي عرف المجد قبل مواسم قليلة، وهو يتوج في مفاجأة تاريخية بلقب البريمرليغ، ولكن يبدو أن المهاجم الذي كان متألقاً مع بورتو البرتغالي، لم يصل إلى مستواه مع ليستر، وفضل أن يبحث عن تجربة أخرى، حتى ولو على سبيل الإعارة، فانتقل إلى نادي «الأثرياء» موناكو الذي يسعى إلى استعادة مجده أو على الأقل استعادة بعض الألق الذي عرف بها حتى قبل مواسم قليلة.
ولكن قبل أن يصل موناكو نفسه إلى غايته، نجح سليماني في أن يصل إلى كتابة اسمه في تاريخ النادي الفرنسي العريق، بعد أن بات ثاني لاعب فقط خلال آخر 50 عاماً من عمر النادي يتمكن من تسجيل ثلاثة في أول مباراتين يشارك فيها مع الفريق، عندما سجل هدفي الفريق أمام ستراسبورغ، في اللقاء الذي انتهى بالتعادل 2 – 2، في الجولة الرابعة من الدوري الفرنسي
وكان سيلماني قد تمكن من افتتاح أهدافه مع الفريق أمام نيم، في الجولة الثالثة، في اللقاء الذي انتهي أيضاً بالتعادل 2 – 2، وكان هدفه أول أهداف موناكو في الموسم الجديد، بعد تعرض الفريق لخسارتين قاسيتين في أول جولتين بالسقوط 0 – 3 أمام ليون ثم بالنتيجة نفسه في الجولة الثانية أمام متيز، ليكرر سيلماني إنجاز إيمانويل ريفييرا الذي سجل أربعة أهداف في أول ثلاث مباريات له مع موناكو في موسم 2013.
رقم قياسي
وإذا كان سليماني قد دخل التاريخ مع فريقه الجديد موناكو، فإن المغربي حكيم زياش لا يزال يواصل صناعة التاريخ مع ناديه الذي عرف معه الشهرة أياكس أمستردام الهولندي، فقد تمكن صانع اللعب المغربي، والذي يمتاز أيضاً بخاصة التسجيل، من الوصول إلى رقم قياسي جديد في سجله التهديفي بعد أن تمكن من تسجيل أربعة أهداف خلال أربع مباريات لعبها أياكس حتى الآن في البطولة الهولندية، التي يحتل فيها المركز الثاني بفارق نقطة خلف فيتيسه أرنهيم، إلا أن أياكس لعب مباراة أقل.
وتمكن زياش خلال هذه المباريات الأربع من زيارة الشباك في أربع مناسبات، ليتمكن من الوصول إلى متوسط تسجيل هدف في كل مباراة، وهو تقريباً ضعف متوسط تسجيله في الموسم الماضي الذي وصل فيها إلى متوسط تسجيل 0.55 هدفاً في المباراة، بعد أن سجل 16 هدفاً خلال 29 مباراة لعبها مع أياكس في الدوري الهولندي.
ثمن النجاح
وإلى الدوري الإيطالي «الكالشيو» حيث حصد الجزائري إسماعيل بن ناصر ثمن النجاح الذي شارك في تحقيقه مع منتخب بلاده في بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة في مصر، والتي توج الفريق بلقبها، وفي الوقت الذي كان بن ناصر يستعد للهبوط إلى دوري الدرجة الثانية في إيطاليا، قبل هذه البطولة، إثر هبوط فريقه السابق إيمبولي، الذي لعب له منذ عام 2017، جاء تألقه في بطولة الأمم الأفريقية ليفتح له باب اللعب مع الكبار، وأي كبار، ميلان أسطورة إيطاليا، وأنجح أنديتها على المستوى الأوروبي، الذي يسعى إلى استعادة مجده، بعد سنوات من التراجع، فوجد في لاعب الوسط الجزائري ضالته، فقدم 16 مليون يورو إلى نادي إيمبولي من أجل الموافقة على التخلي عن إسماعيل بن ناصر الذي انتقل إلى النادي اللومباردي، ساعياً إلى مساعدته في العودة إلى منصات التتويج المحلية والأوروبية.
انتقال إجباري
كانت التوقعات عالية جداً بخصوص مستقبل المصري محمد النني، الذي تابع خطى مواطنه محمد صلاح من بازل السويسري إلى الدوري الإنجليزي، وكما كانت بداية صلاح في العاصمة البريطانية لندن مع تشيلسي، بدأ النني من المدينة نفسها، مع أرسنال إلا أن مسيرة لاعب المحور لم تعرف النجاح نفسه الذي عرفته مسيرته مواطنه الذي يحطم الأرقام القياسية منذ عودته إلى الدوري الإنجليزي من بوابة ليفربول.
وسعى النني كثيراً إلى إثبات نفسه خلال فترة المدرب السابق لأرسين أرسين فينغر، الذي استقدم النني إلى الدوري الإنجليزي، لكن محاولاته للبقاء في تشكيلة النادي اللندني انتهت إلى الفشل مع قدوم الإسباني إيمري، الذي لم يعتمد كثيراً على لاعب المحور الدفاعي في الموسم الماضي، وبينما حاول النني تغير وجهة نظر مد ربه هذا الموسم، إلا أن هذه المحاولة باءت أيضاً بالفشل، بل كان واضحاً أن إيمري لن يعتمد على اللاعب المصري الذي وجد نفسه مجبوراً على اتخاذ خطوة نحو المجهول وهو يقبل بالانتقال إلى بشكتاش التركي في اللحظة الأخيرة قبل قفل باب سوق الانتقالات الصيفية الماضية.