بقلم / اعتدال موسى ذكرالله
تلوحُ علينا ككلِّ عامٍ من أعوامِ أعمارنا الزَّمنِيَّة هنا في مقرِّ إقامتنا الوُجُوُدِيَّة المُؤقَّتة في عالمِ الفناء الأكيديّ تقاسيمُ كربلاء ؛ وتكاوين قضيتها وحفيد الرِّسالة المُحمّدِيَّة الأبديَّة الأمدِيَّة السَّرمدِيَّة الخالِدة الأخلد على خلقِ وجودِ الوجود الأطلق ؛ ومع تلاويح معالمها تلوحُ الكثيرُ من الحوارات الفردِيّة النَّفسيَّة الشّخصيَّة الذَّاتِيَّة وأعماق دواخلنا والجماعيَّة منها مع من يُشاطُرُنا الحياة حولنا ؛ وخارج سِياجِ تعايشنا:
ما كربلاءُ! وما حُسَينُهَا! وكيف لها أن تمتدَّ رائحة دخان احتراق أخبيتِها مدار أعوامها الألف وأربعمائة!!!
تتجدَّدُ المحاور! ويكثُرُ الهرج والمرج! ويخرُجُ الحِسَينُ بجراحاته ؛ وأوجاعِه ؛ وبقايا دَمِ نحرِهِ الشَّريف مُطِلاَّ علينا كيف نحنُ معه! وماذا فعلنا في قضيتِه! ولِمَ البُكاء! وما الدّّمعُ وكيف السَّبيلُ إليه!
لم نزل ندورُ في مدارِ كربلاء ؛ ونشتمُّ دُخانَ خيامها ؛ وغُبار سنابك خيولها ؛ ونستمعُ لأصداء صُراخ أطفالها ؛ ونُعاةِ ثواكلها ؛ وهجولة جيوشها من الفريقين فيها هاشمِيٍّ علويٍّ وأموِيٍّ دَموِي!
ولا زلتُ عن نفسيَ وما أعرف عن عِداي أحومُ حول أفُقِ الحُسَينِ ووحدانيَّته وأوحدِيَّة قضيِّته الوُجُوُدِيَّة في تكوينِ كائنِيَّةِ كربلاء الأصل!
ماذا أراد حُسينُ الوُجُوُدِ منِ الوُجُوُدِ ذاتِه حين أوجَدَها كربلاء! وماذا أرادت كربلاء من وُجُوُدِّيتِه ساعَ تضرُّجه بِدماهِ الطَّاهرة علىٰ قاعِ ثراها ظهيرة عاشوراء!
عاشوراء! اليوم / الحدث / المُصاب / الفاجعة / الحُزُن / البُكاء / النَّوح / الصَّوم / الحقيقة / الرَّيب / الشُّبُهات / الرُّدود / المواكب / ونداءات حيَّ على العَزاءِ!
أهُوّ حُسَينَ الوَجَعِ! والنَّوحِ والدُّموع!
أمِ الحُسينُ الأمدِيُّ الحقِّ ؛ أبدِيُّ الصِّدقِ ؛ صانِعُ اليقينِ الأيقن ؛ وكُنْهُ التَّعَبُّدِ الإيمانِيِّ الأرجىٰ من أصلِ الرَّجاء!
أهُو حُسَينٌ واحِدٌ أمُ الأكثَر من حُسَين!
أحُسَينُنا أم حُسينُهُم!! أم حُسَينُ مَن كانَ مُذ ناداهُ أبوهُ لأمِّه (حُسينٌ منِّي ؛ وأنا من حُسَين.. حُسَينٌ سِبطٌ منِ الأسباط)!.
هُوّ حُسَينُ فاطِمَة ؛ وفاطِمةٌ بضعةُ ؛ مُحمّد ؛ ومُحمَّدُ أصلُ النَّشأةِ ؛ والنَّشأةُ تكوِينٌ ؛ والتَّكوينُ نفخةٌ ؛ والنَّفخَةُ مُسوَّاةٌ بِفعلٍ إلهيٍّ مُستوجِبُ السُّجُوُدِ حيثُ الأمرُ المُطلق (فإذا سوَّيتُه ونفختُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين).!
هُوَ الحُسَينُ الذي يخرُجُ كُلَّ عاشُوُرا من بينِ أدخنةِ الخِيمِ ؛ وعَجَاجِ الخُيُوُلِ ؛ وجعجعة الأسنَّة ؛ وصِياحاتِ الأصاغِرِ ونُواحِ الثَّواكِلِ ؛ ونَعِي المنابرِ ؛ ودُمُوُعِ الباكينَ ؛ ورَيبِ الظَّانِّينَ ؛ وشُكُوُكِ المُتخبِّصينَ ؛ ويقينِ الخَلُوصِيين ؛ ووَلَهِ الوالهينَ المُشتاقيِن مُلتاعاَ مُتأمِّلا إلىٰ أين وصلنا معه! وكيف كنَّا! وماذا في كربلائه وعاشُورائِه إنَّا فاعِلُوُن!!!
فالسَّلامُ علىٰ حُسَينِ اللَّوعةِ ؛ وعلىٰ خُرُوُجِهِ كُّلَّ عاشورا سلاماً ؛ ومن اللَّهِ له رَوْحَا وسلاماً وعليه منَّا السَّــلام!