Wed, Nov 28, 2012
العراق ومأساة جيل من الأيتام
فقد مصطفى ومرتضى والديهما في الحرب
كشف استطلاع اجري في العراق مؤخرا عن ان 800 الف الى مليون طفل عراقي فقدوا احد ابويهم او كليهما في الحروب التي مرت بالبلاد.ويقول العاملون في مجال الاغاثة إن هذا العدد ليس الا تقديرا محافظا للآلاف المؤلفة من الاطفال الذين يعيشون تحت شبح العنف.فسيف البالغ من العمر 12 عاما على سبيل المثال فقد والديه في تفجير وقع في محافظة ديالى عام 2005، وقد اصيب سيف نفسه بجروح في ذلك التفجير.
يقول سيف بهدوء "لا اتذكر ما حصل، فقد كنت صغيرا. اخذني احدهم بعيدا ثم قال لي إن ابي وامي قتلا. ليس للحياة معنى بعد ان تفقد امك واباك."
تقوم بتربية سيف دار خاصة للأيتام، حيث يستهويه الغناء والعاب الكمبيوتر ويحلم بأن يصبح ممثلا في المستقبل.
ولا يعلم احد العدد الدقيق للأطفال العراقيين الذين حرمهم العنف الممسك بالبلاد من اهاليهم، ولكن الامر المعلوم هو ان عدد الايتام بارتفاع مستمر ما دامت التفجيرات والاغتيالات ما زالت تقع بوتيرة يومية.
وبعيدا عن المآسي المحيطة بكل حالة، فإن العدد الهائل من الايتام خلق ازمة اجتماعية خطيرة خصوصا بالنسبة لبلد لا يتوفر على اكثر من 200 طبيب نفسي وعامل خدمة اجتماعية لخدمة شعب من 30 مليون نسمة. كما يفتقر العراق الى قوانين لحماية الطفولة.
ويقول مسؤولون إن الصراعات ذات الطبيعة الطائفية في مجلس النواب تؤخر اصدار القوانين الضرورية لرعاية الايتام.
اما بالنسبة لدار الايتام التي تعتني بسيف، فقد انشأها هشام حسن وتمولها التبرعات الخاصة.
وقال هشام لبي بي سي إنه لم يتمكن من تجاهل بينما يعاني جيل كامل من العراقيين الصغار، ويضيف "لم تستوعب الحكومة حجم المشكلة."
ومن بين الاطفال الـ 32 الذين يقوم هشام برعايتهم، الشقيقان مصطفى (10 اعوام) ومرتضى (11 عاما) التي قتلت امهما في تبادل لإطلاق النار واختفى والدهما في الحرب الطائفية التي شهدها العراق في 2006 و2007.
ويتذكر مصطفى ومرتضى امهما "الحنونة" ووالدهما الذي كان يلعب معهما كرة القدم.
من جانبهم، يسعى هشام حسن والطاقم الصغير الذي يعمل معه بدأب لخلق جو عائلي في دار الايتام الذي يديره، فهناك مرسم وغرفة للكمبيوتر يسمح للصبيان ارتيادها بعد ان يتموا واجباتهم الدراسية. كما تعلم الدار الاولاد الخياطة وغيرها من النشاطات. خلاصة القول إن الدار تشجع الاطفال على اعداد انفسهم لمستقبل افضل بعد التجارب المرة التي عاشوها.
ويقول هشام حسن "اذا لم نعتن بهم كما ينبغي، سيستغلهم الارهابيون عندما يكبروا وسيتحولون الى قنابل موقوته تهدد امن البلاد ومستقبلها."
وفي الجانب الآخر من العاصمة، وفي دار حكومية للأيتام الذين تتراوح اعمارهم بين 12 و18 عاما، يعبر مصطفى البالغ من العمر 17 عاما عن هلعه من المستقبل.
ويقول "اني بحاجة الى علاج نفسي، قد نتحول كلنا الى مجرمين لأن مستقبلنا يفتقر الى اي شيء جيد."
كان مصطفى قد ادخل الى دار الايتام في الوزيرية بعد ان فقد والديه في تفجير عندما كان عمره 12 عاما.
يقول مصطفى "اشعر كطير في قفص. اتمنى ان يستمع احد لنا."
دار الوزيرية للأيتام التي تؤوي 52 ولدا مكان موحش وخرب، فحديقتها مهملة ومراحيضها تفتقر الى الانوار، وابوابها مكسرة.
قال لي صبي في الثامنة بخجل "اريد ان يكون هذا المكان مكانا لطيفا."
تحدثنا الى وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية دارا يارا الذي قال لبي بي سي إنه وموظفيه يعملون باقصى طاقاتهم في ظروف سياسية صعبة، واضاف "نحن نعمل بلا كلل ليل نهار لتحسين الخدمات التي نوفرها للأيتام، ولكن الاموال المخصصة لنا محدودة جدا. ان نظام الضمان الاجتماعي بأسره بحاجة الى اصلاح."
وقال "هذه مسألة انسانية، ولكنها لا تحظى بالأولوية بالنسبة لمجلس النواب. نحن بحاجة الى قوانين والى اموال من وزارة المالية من اجل التعامل مع المشاكل التي تواجهنا."
وعبر يارا بدوره عن قلقه ازاء العواقب الامنية المحتملة في حال اهمال الايتام، وقال "سيصبحون اهدافا سهلة للتجنيد من جانب الارهابيين."