مصطلح الاستحمار بمفهومه العام اقترن بالسياسة ، وبطريقة تخدير الحكام العرب لشعوبهم ،
عبر جعلهم يلهثون وراء لقمة العيش فلا ينظرون إلى من يحكمهم إلا نظرة المنقاد لظل الله في الأرض ،
فالحكام لدينا لا يخطئون ، هم من السلالة النبوية من آل البيت ، صلاحيتهم لاتنتهي حتى بعد وفاتهم ،
القديسون لا يموتون !
وفي عالم الأدب طفى ذلك المصطلح ليلتصق بالذين يطاولون السقف حتى ليتوهم الجاهل أنه أمام قامةٍ أدبيةٍ عالية لا يشق لها غبار !
وأن ما يخطه هو من وحي الحرف السماوي الملهم ،
لا ياتيه الخطأ من بين يديه ولا من خلفه ،إلا من هنَّات كيبوردية ، أو تدفقٍ للالهام الرباني الذي ينساب مع الوحي !
وثقافة الاستحمار منهجية ثابتة لهؤلاء الرهط ،
تعلو وتهبط حسب فنون العرض والطلب ، وحسب أصناف المتوهمين الذائبين في ملكوت الاعجاب والانبهار بالحروف الماسية !
ولا يفتأ هؤلاء من عرض شقلباتهم اللغوية أمام متابعيهم ،
متاعهم كلمات مزركشة دون معنى ، وملامسة لتناصٍ كثير التوالد بسرعة الصوت !
ووراء الكواليس يتفاوت هؤلاء في إظهار التودد لكثير من الأقلام الحقيقية كي ينعشوا رئونهم المرهقة من كثرة عمليات التنفس الصناعي لها !
فالهواء غير متجدد والمجال بات ضيقًا ، والفسحة مكتظة بأقلام جيدة !
وكي يكون الاستحمار مدعمًا بشيء واقعي ،
يسوق ذاك القلم اللولبي من منشوراته الورقية ما تلمع له عين الجاهل المغمض التذوق ،
وفي حقيقة الأمر أن المدقق اللغوي هو الكاتب الحقيقي لكتابةٍ تعرج ذات اليمبن وذات الشمال ،
عوراء العين تكاد يُرى جانب بصرِ بها !
رحم الله ذاك الزمان الذي كانت الكلمة لا يتفوه بها إلا من طاف بفكره تبصرًا كي ينجب كتابة تليق . . .
وما أتعسه من زمن تُنجب الكلمة بأمر نهدٍ متسلق، وترقد على فخذٍ متملق !