ورحلتَ يا زمن الشباب و لم تزلْ
في القلب منك .. بقيَّةٌ .. لم ترحلِ
هي حرقةٌ في الروح لست اخالها
ما لم تفارقْني الحياة .. ستنجلي
وأتى المشيب إليَّ يزحف خطوُهُ
بتثاقلٍ ..... وتململٍ ..... وتمهُّلِ
وسمعت صوتاً في فؤادي خافتاً
يبكي عليَّ بحرقةٍ .... ويقول لي
رحل الشبابُ .. و لم تزل زهراتهُ
تشكو الظما .. بجوار ذاك الجدولِ
رحل الشباب ... وكان عهداً حالماً
عذباً .. كضحكةِ جدولٍ .. متسلسلِ
وأتى المشيب إليكَ يزحفُ لا تكنْ
يا شيبُ .. أمّا جئتَ .... بالمتعجلِ
ولقد بكيتُ .. على الشباب بأدمعٍ
حرّى ... كقطرِ غمامة ٍ مسترسلِ
و لقد بكيتُ .. من المشيبِ بعبرةٍ
مدرارةٍ .... كالوابلِ ... المتهطّلِ
ضحكَ الشبابُ بخافقي .. فتفتّحتْ
زهراته ُ...... في روضهِ المتهلّلِ
وبكى المشيبُ بمفرقي وتناثرتْ
شذراتهُ ... ثلجاً ... بليلٍ .. أليلِ
ولقد فرحتُ مع الشبابِ وكان لي
قلبٌ .... كقلب الشاعر ِ المتغزّلِ
ولقد بكيتُ من المشيبِ وكان لي
قلبٌ ...... كقلبِ الناسك المتبتّلِ
كم ليلةٍ .... بك يا شبابُ قضيتها
طالت .. وما كان الشباب بأطولِ
ونهلتُ فيكَ ... من الغرامِ مناهلاً
طابت فطبْتَ وطاب أعذب منهلِ
جاء المشيبُ ... فراعني لمّا غزا
بجيوشهِ ..... أجَّ اللهيبَ بمرجلي
فرجوته .. يا شيبُ لا تكُ قاسياً
وارأفْ بروعةِ خافقي .. وتذلُّلي
ضحك المشيبُ وقال ويحكَ إنني
أنا كالصباحِ ... بعقب ليلٍ مسدلِ
وتلعثمت مني الحروفُ وقلتُ في
وجل ٍ.. وزاد تخوُّفي و تبلبلي
يا شيبُ .. ويحكَ .. إنني متخوّفٌ
بقدوم ركبك َ. .. أن يحين ترحُّلي
فحنا المشيبُ عليَّ. ... حتى أنه
قد قال لي .. لا لا يرُعْك تقوُّلي
فأنا الوقارُ ... أتيتُ . بعد تيقّني
أن زال طيشُك َ.. فاستقمْ وتعقّلِ
وسألتهُ.. .... أين الشبابُ تركتهُ
فأجابني ... يحيا .. بأجمل منزلِ
في منزلِ الذكرى يعيش مُكَرّماً
يحظى ..... بمنزلةِ الغرامِ الأوّلِ
وسألته .. أين الشباب .. ألمْ يزلْ
لي فيه .. بعضُ صبابةٍ ... وتغزُّلِ
ولقد سلكتُ مع الشباب مسالكاً
مع كلّ فاتنةٍ ...... كزهرِ قرنفلِ
ولهوتُ في سبلِ الغرام ِوكان لي
قصصٌ تثيرُ مواجعي وتقول لي
ذبُلَ الغرام ُمع المشيبِ .. ولم يعدْ
لكَ منه .ُ.. غير صبابةٍ ... لم تُذبلِ
ستظلُّ .. يا زمن الشبابِ كزهرةٍ
تُروى بدمعِ مواجعي المسترسلِ
لي فيك َ يا زمنَ الشباب .. مرابعٌ
ثملتْ ..... بكاساتِ الغرام ِ الأوّلِ
غيلان عامر