رياحين رسول الله من الدنيا
*
1- عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ) قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ فِي الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) :
﴿اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحْبِبْ مَنْ أَحَبَّهُمَا﴾ .
وَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
﴿مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ أَحْبَبْتُهُ ، وَمَنْ أَحْبَبْتُهُ أَحَبَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا أَبْغَضْتُهُ وَمَنْ أَبْغَضْتُهُ أَبْغَضَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ أَدْخَلَهُ النَّارَ﴾ .
وَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
﴿إِنَّ ابْنَيَّ هَذَيْنِ رَيْحَانَتِي مِنَ الدُّنْيَا﴾ .
المصدر : (البحار : ج43، ص275، عن الإرشاد.)
*
2- عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ :
خَرَجَ يَعْلَى الْعَامِرِيِ (رَحِمَهُ اللَّهُ) مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِلَى طَعَامٍ دُعِيَ إِلَيْهِ ، فَإِذَا هُوَ بِحُسَيْنٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ ، فَاسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَمَامَ الْقَوْمِ ثُمَّ بَسَطَ يَدَيْهِ ، فَطَفَرَ الصَّبِيُّ هَاهُنَا مَرَّةً وَهَاهُنَا مَرَّةً وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ يُضَاحِكُهُ حَتَّى أَخَذَهُ ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقَنِهِ وَالْأُخْرَى تَحْتَ قَفَاهُ وَوَضَعَ فَاهُ عَلَى فِيهِ وَقَبَّلَهُ ثُمَّ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
﴿حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ ، أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً ، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الْأَسْبَاطِ﴾ .
المصدر : (البحار : ج43، ص271، عن كامل الزيارات.)
*
3- عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ) قَالَ :
أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) خَرَجَ فِي طَلَبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا) وَقَدْ خَرَجَا مِنَ الْبَيْتِ وَأَنَا مَعَهُ .
فَرَأَيْتُ أَفْعًى عَلَى الْأَرْضِ ، فَلَمَّا أَحَسَّتْ بِوَطْءِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَامَتْ وَنَظَرَتْ وَكَانَتْ أَعْلَى مِنَ النَّخْلَةِ وَأَضْخَمَ مِنَ الْبَكْرِ ، يَخْرُجُ مِنْ فِيهَا النَّارُ فَهَالَنِي ذَلِكَ ! فَلَمَّا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) صَارَتْ كَأَنَّهَا خَيْطٌ ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ :
أَلَا تَدْرِي مَا تَقُولُ هَذِهِ يَا أَخَا كِنْدَةَ ؟
قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : قَالَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى جَعَلَنِي حَارِساً لِابْنَيْ رَسُولِ اللَّهِ .
وَجَرَتْ فِي الرَّمْلِ رَمْلِ الشِّعَابِ ، فَنَظَرْتُ إِلَى شَجَرَةٍ لَا أَعْرِفُهَا بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنِّي مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَجَرَةً قَطُّ قَبْلَ يَوْمِي ذَلِكَ ، وَلَقَدْ أَتَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَطْلُبُ الشَّجَرَةَ فَلَمْ أَجِدْهَا وَكَانَتِ الشَّجَرَةُ أَظَلَّتْهُمَا بِوَرَقٍ وَجَلَسَ النَّبِيُّ بَيْنَهُمَا فَبَدَأَ بِالْحُسَيْنِ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَ الْحَسَنِ عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْسَرِ ، ثُمَّ جَعَلَ يُرْخِي لِسَانَهُ فِي فَمِ الْحُسَيْنِ فَانْتَبَهَ الْحُسَيْنُ فَقَالَ : ﴿يَا أَبَتِ﴾ ثُمَّ عَادَ فِي نَوْمِهِ فَانْتَبَهَ الْحَسَنُ وَقَالَ : ﴿يَا أَبَتِ﴾ وَعَادَ فِي نَوْمِهِ .
فَقُلْتُ كَأَنَّ الْحُسَيْنَ أَكْبَرُ ؟
فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : إِنَّ لِلْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي بَوَاطِنِ الْمُؤْمِنِينَ مَعْرِفَةً مَكْتُومَةً ، سَلْ أُمَّهُ عَنْهُ .
فَلَمَّا انْتَبَهَا حَمَلَهُمَا عَلَى مَنْكِبِهِ ثُمَّ أَتَيْتُ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهَا) فَوَقَفْتُ بِالْبَابِ فَأَتَتْ حَمَامَةُ وَقَالَتْ :
يَا أَخَا كِنْدَةَ !
قُلْتُ مَنْ أَعْلَمَكِ أَنِّي بِالْبَابِ ؟
فَقَالَتْ أَخْبَرَتْنِي سَيِّدَتِي أَنَّ بِالْبَابِ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ مِنْ أَطْيَبِهَا أَخْبَاراً يَسْأَلُنِي عَنْ مَوْضِعِ قُرَّةِ عَيْنِي .
فَكَبُرَ ذَلِكَ عِنْدِي فَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي كَمَا كُنْتُ أَفْعَلُ حِينَ أَدْخُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) فَقُلْتُ لِفَاطِمَةَ :
مَا مَنْزِلَةُ الْحُسَيْنِ ؟
قَالَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) : إِنَّهُ لَمَّا وَلَدْتُ الْحَسَنَ أَمَرَنِي أَبِي أَنْ لَا أَلْبَسَ ثَوْباً أَجِدُ فِيهِ اللَّذَّةَ حَتَّى أَفْطِمَهُ ، فَأَتَانِي أَبِي زَائِراً فَنَظَرَ إِلَى الْحَسَنِ وَهُوَ يَمَصُّ الثَّدْيَ فَقَالَ فَطَمْتِهِ ؟ قُلْتُ نَعَمْ . قَالَ إِذَا أَحَبَّ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ) الِاشْتِمَالَ فَلَا تَمْنَعِيهِ ، فَإِنِّي أَرَى فِي مُقَدَّمِ وَجْهِكِ ضَوْءاً وَنُوراً وَذَلِكِ إِنَّكِ سَتَلِدِينَ حُجَّةً لِهَذَا الْخَلْقِ . فَلَمَّا تَمَّ شَهْرٌ مِنْ حَمْلِي وَجَدْتُ فِيَّ سُخْنَةً فَقُلْتُ لِأَبِي ذَلِكَ ، فَدَعَا بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ وَتَفَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ اشْرَبِي فَشَرِبْتُ فَطَرَدَ اللَّهُ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ ، وَصِرْتُ فِي الْأَرْبَعِينَ مِنَ الْأَيَّامِ فَوَجَدْتُ دَبِيباً فِي ظَهْرِي كَدَبِيبِ النَّمْلِ فِي بَيْنِ الْجِلْدَةِ وَالثَّوْبِ ، فَلَمْ أَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَمَّ الشَّهْرُ الثَّانِي فَوَجَدْتُ الِاضْطِرَابَ وَالْحَرَكَةَ ، فَوَ اللَّهِ لَقَدْ تَحَرَّكَ وَأَنَا بَعِيدٌ عَنِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ فَعَصَمَنِيَ اللَّهُ كَأَنِّي شَرِبْتُ لَبَناً حَتَّى تَمَّتِ الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ ، وَأَنَا أَجِدُ الزِّيَادَةَ وَالْخَيْرَ فِي مَنْزِلِي فَلَمَّا صِرْتُ فِي الْأَرْبَعَةِ آنَسَ اللَّهُ بِهِ وَحْشَتِي وَلَزِمْتُ الْمَسْجِدَ لَا أَبْرَحُ مِنْهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ تَظْهَرُ لِي ، فَكُنْتُ فِي الزِّيَادَةِ وَالْخِفَّةِ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ حَتَّى تَمَّتِ الْخَمْسَةُ ، فَلَمَّا صَارَتِ السِّتَّةُ كُنْتُ لَا أَحْتَاجُ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ إِلَى مِصْبَاحٍ وَجَعَلْتُ أَسْمَعُ إِذَا خَلَوْتُ بِنَفْسِي فِي مُصَلَّايَ التَّسْبِيحَ وَالتَّقْدِيسَ فِي بَاطِنِي فَلَمَّا مَضَى فَوْقَ ذَلِكَ تِسْعٌ ازْدَدْتُ قُوَّةً فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأُمِّ سَلَمَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) فَشَدَّ اللَّهُ بِهَا أَزْرِي ، فَلَمَّا زَادَتِ الْعَشْرُ غَلَبَتْنِي عَيْنِي وَأَتَانِي آتٍ فَمَسَحَ جَنَاحَهُ عَلَى ظَهْرِي فَقُمْتُ وَأَسْبَغْتُ الْوُضُوءَ وَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي وَعَلَيْهِ ثِيَابُ بِيضٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِي وَنَفَخَ فِي وَجْهِي وَفِي قَفَايَ ، فَقُمْتُ وَأَنَا خَائِفَةٌ فَأَسْبَغْتُ الْوُضُوءَ وَأَدَّيْتُ أَرْبَعاً ثُمَّ غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَأَقْعَدَنِي وَرَقَانِي وَعَوَّذَنِي فَأَصْبَحْتُ وَكَانَ يَوْمَ أُمِّ سَلَمَةَ ، فَدَخَلْتُ فِي ثَوْبِ حَمَامَةَ ثُمَّ أَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فَنَظَرَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) إِلَى وَجْهِي فَرَأَيْتُ أَثَرَ السُّرُورِ فِي وَجْهِهِ فَذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ وَحَكَيْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ .
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَبْشِرِي أَمَّا الْأَوَّلُ فَخَلِيلِي عِزْرَائِيلُ الْمُوَكَّلُ بِأَرْحَامِ النِّسَاءِ .
وَأَمَّا الثَّانِي فَخَلِيلِي مِيكَائِيلُ الْمُوَكَّلُ بِأَرْحَامِ أَهْلِ بَيْتِي ، فَنَفَخَ فِيكِ ؟ قُلْتُ نَعَمْ !
فَبَكَى (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ثُمَّ ضَمَّنِي إِلَيْهِ وَقَالَ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَذَاكِ حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ يُخْدِمُهُ اللَّهُ وَلَدَكِ .
فَرَجَعْتُ فَنَزَلَ تَمَامَ السَّنَةِ .
المصدر : (البحار : ج43، ص271، عن الخرائج والجرائح.)