منزلها الكبير بجوار الصغير ، و قد لفني و إياها عاطف الحنان و الحنين فتلاقينا على بعد . تظل تغني ، و أظل أصغي إلى أغانيها ، و صوتها يتعثر في دمعها ، و دمعها يتحشرج في صوتها ، و في نغماتها تتحاضن الدموع و الترنم ، كأن صوتها عود ذو وتر واحد ، بعضه يبكي ، و ب -
صوتها دمع و أنغام صبايا و ابتسامات و أنّات عرايا
كلّما غنّت جرى من فمها جدول من أغنيات و شكايا
أهي تبكي أم تغنّي أم لها نغم الطير و آهات البرايا ؟
صوتها يبكي و يشدو آه ما ذا وراء الصوت ما خلف الطوايا ؟
هل لها قلب سعيد و لها غيره قلب شقيّ في الرزايا ؟
أم لها روحان : روح سابح في الفضا الأعلى وروح في الدنايا ؟
أم تلاقت في حنايا صدرها صلوات و شياطين خطايا ؟
أن تناجت في طوايا نفسها لحن عرس و جراحات ضحايا ؟
لست أدري . صوتها يحرقني بشجوني إنّه يدمي بكايا
كلّما طاف بسمعي صوتها هزّ في الأعماق أوتار شجايا
و سرى في خاطري مرتعشا رعشة الطيف بأجغان العشا
أترى الحزن الذي في شجوها رقّة الحرمان أم لطف السحابا
أم تراها هدّجت في صوتها قطع القلب و أشلاء الحنايا
كلّما غنّت .. بكت نغمتها و تهاوى القلب في الآه شظايا
هكذا غنّت ، و أصغيت لها و تحمّلت شقاها و شقايا
*** -
يا عروس الحزن ما شكواك من أيّ أحزان و من أيّ البلايا
ما الذي أشقاك يا حسنا ؟ و هل للشقا كالناس عمر و منايا ؟
هل يموت الشر ؟ هل للخير في زحمة الشر سمات و مزايا ؟
كيف تعطي أمّنا الدنيا المنى و هي تطوي عن أمانينا العطايا
و لقوم تحمل البذل كما يحمل إلى الحسنا الهدايا
هل هي الدنيا التي تحرمني أم تراخت عن عطاياها يدايا ؟
أنا حرماني و شكوى فاقتي أنا آلامي و دمعي و أسايا
لم يرع قلبي سوى قلبي أنا لا ولا غذّبني شيء سوايا !
جارتي ، ما أضيق الدنيا إذا لم تشقّ النفس في النفس زوايا