الأم نبع حنان‚ وفيض رحمة‚ اعطت فاحسنت العطاء‚ عطاء متميزا لا يدانيها فيه احد حتى الاب‚ شرفها الله تعالى‚ فافردها بالحديث بعد الوصية بالوالدين في مواضع من القرآن الكريم فيقول سبحانه في سورة لقمان:
«ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير»
ويقول جل شأنه في سورة الاحقاف «ووصينا الانسان بوالديه احسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا»
يالرحمة الله الذي اعدها فاطاقت الحمل‚ وانساها متاعبها لشوقها لرؤية وليدها‚ واستعذبت آلام الوضع رجاء ان تنعم بمن يدفئه صدرها‚ ويبنيه درها‚ وتسعد بحمله ذراعها‚ وترعاه في رفق عينها‚ ولا يغيب لحظة عن قلبها‚ هو منها وبها‚ تسهر لسهره سعيدة راضية‚ وترعى منامه قريرة العين حانية‚ لا تمله وان آلمها وآذاها‚ ولا تضيق به وان اتعبها واشقاها‚ هي سر وجوده‚ ونور حياته‚ جاور قلبها تسعة اشهر وعاش فيه ما بقيت يشغل يقظتها‚ ويملأ منامها.
يتسع له صدرها اذا ضاقت به دنياه‚ ويفر إليها اذا الدهر عاداه‚ هي العاطفة التي لا حدود لها‚ والرحمة التي لا انتهاء لعطائها‚ هي النعمة التي لا يقوى على شكرها الا العظماء‚ هي الجنة التي لا يحظى بها الا السعداء.
هي الاحق بالصحبة والرعاية‚ والأولى بالبر والعناية‚ قد يُطْمِعُ الابناء فيها بالغ عطفها‚ وغامر حنانها‚ ومع ذلك ينبغي ان تصان حرمتها‚ ويطلب رضاها‚ طاعتها من طاعة الله‚ ورضاها من رضاه‚ وبرها خير ما يتقرب بها إليه.
أخي العزيز ... اختي الغالية:
ان ابتسامة عند لقاء الأم‚ وكلمة طيبة تدخل بها السعادة عليها‚ وقبلة حانية تطبعها على يديها أعمال جليلة عظيمة لا يقدرها حق قدرها‚ ولا يحيط بثوابها إلا الله تعالى ولنسمع معا ذلك الحوار بين صحابي جليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك»‚ قال: ثم من؟ قال: «أمك»‚‚ قال: ثم من؟ قال: «أبوك».
انه درس كريم من رسول كريم لا يعمل به إلا مؤمن كريم‚‚ الأم أولا وتكرر بها الوصية ثلاثاً لعظم حقها وجليل قدرها وكريم فضلها فلولاها ما كنت ولولا رعايتها ما استويت‚‚ الأم التي تستهلك شبابها لتصير أنت شابا وتستنفد قواها لتقوى أنت‚ الأم التي تتعب لتستريح وتسهر الليالي لتنام أنت‚ الأم التي لا ترضى إلا إذا رضيت‚ ولا تسعد إلا إذا سعدت‚ ولا تشبع إلا إذا شبعت.
لا ترفع أمامها صوتك وان كنت ترى لنفسك حقا‚ فبرها أحق ولا تشر في وجهها غضبا فلولاها ما كنت وما كانت لك ذراع.
جعل الله كل لحظة من لحظاتها عيدا‚ اسمعها دائما أطيب الكلام‚ اجعل هديتك إليها في لحظة عملا ترضى به عنك انك ان فعلت بارك الله فيك ووفقك وهداك وأمدك بنعمه ورعاك‚ كن لها في الكبر كما كانت لك في الصغر.
تحية إلى الأم مع كل نظرة‚ مع كل همسة مع كل خطوة تخطوها أو عمل تعمله.
منقووووول