الشعر موهبة يتم صقلها ولا نختلف على هذا البتة، والبداية
بـ ( الشاعر ) وهو حجر الزاويـة بفكره وثقافتـه وموهبته،
فيبدأ منذ الصـغر بالكتابة ويتلقى التوجيـه ويكتسب الخبرة
ممن سبقوه ومن هنا تبدأ إنطلاقتـه الحقيقيـة ويهتـم برأي
من حـوله ليرى ردة الفعـل تجاه مايكتب ويُقيّـم شـعره من
تلك الذائقـة المتلقية ويعتريه الفـرح تارة والإمتعاض تارة،
فَرَحَه حين يُبدع وامتعاضه حين يُخفق وهذا أول البنـاء، فإن
نظر للإخفاق بعين التحدي والإصـلاح فمن المؤكد أنه سوف
يصل لدرجةٍ تُسمى ( تطوير النهج ) وإن نظر للإخفاق بعين
( غرور ذائقته ) فإنه سيبقى مكانه ويرى قصـائده معلقات
العصر الحديث وهذا يقتله ويقتل شعره.
والضـرر الأكبر هنـا ليس عليه بل على تلك المسـكينة التي
ضمّتـه كما غيره وهي ( ساحة الشعر ), وهي ربما تلفظه
ولكن هنـاك مـن يُجبـرها على أن تحتـويه ولو كتـب ( احبك
ياحمار ) وهذا هو الإعـلامي الخـائن للأمانة حين يضعه في
صفحة الشعر ويُبارك له هو وحماره.
بعد هذا سوف يبحث عن (الشهرة ) من بوابة ذاك الإعلامي
ويدفع الثمين ـ كرامته ـ ثمناً لتلك الشهرة التي تُفرض على
الذائقة المتلقية، حينها نراه يبدأ بالنقد وكأن الساحة لايوجد
بها إلا هو وأمثـاله ويرى غَثّـهُ سمينـاً ويُزعجنا بظهوره على
بعض القنـوات التي تُشـاركة الضرر بـ( الساحة الشعرية ).
وبعد هذه المرحلة يبدأ بدفن كرامتـه ـ بعد أن قتلها عمداً ـ
ويبحث عن ( المادة ) ويستخدم ( البجاحة ) وهو يبتسم بتلك
الإبتسامة الممجوجة بغروره.
وهنا نعـود لذاك الذي وصل إلى ( تطوير النهج ) وأخذ على
عاتقـه وعاتق الشـعر أن يربأ بنفسـه وشعره عن تلك الفئـة
التي وضعت المصـلحة الشـخصية المـادية مبتغاها ولو على
حساب الشـعر والسـاحة الشعرية، فهذا الشاعر سوف يبني
نفسـه ويُسعد الشعر والسـاحة ويحترمهما معاً، لذا سـوف
يصل للذوائـق والقلوب على ( حصـانه الأصيـل ) وسيحترمه
الجميـع ويصل للشـهرة من البوابـة الحقيقية وليس كما ذاك
وحماره حين دخل من خلف الكواليس.