الأعمى البصير
عاش زوجان في سعادة وهناء، بإخلاص ومودة وحب، كان التفاهم هوعنوان الألفة بينهما، كما كان سابق عهدهما خلال الخطبة التي كللت بزواجهما الناجح، لم يكتب لهما أن ينجبا، ولكن هذا لم يحول بين قلبيهما واستمرا على حالهما فترة طويلة من الزمن.
استدعى الزوج في أحد الأيام إلى سفر من جهة عمله يمكث فيه فترة حتى انتهاء الأعمال، سافر الزوج بعد أن ودع زوجته الجميلة التي كانت مشرقة الوجه نضرة البشرة ذات عينين جميلتين وشفاه كالورود مع حسن أخلاق وطيبة قلب.
وخلا تلك الفترة تعرضت الزوجة لمرض ألم بها، ولم تخبر الزوج، كان المرض جلدي وبالتحديد شوه مظهر وجهها وجعلها تبدو كالبشعة، كانت تؤلمها مشاعرها ولكنها لم تستطع أن تبلغه بما آل إليه حالها ومظهرها.
عاد الزوج من سفره كالعادة، ولكنه ما إن شاهد زوجته حتى اعتذر منها وطلب أن تدله على مكان للجلوس، ثم أخبرها أن قد أصيب بحادث وكان نتيجته أن فقد البصر.
تألمت الزوجة الحنون على ما أصابه من، ولكنها كانت تحمد الله كثيرا في قلبها أن لم يعد يرى بشاعتها وقبحها.
استمرت حياتهما على سابق عهدها من الرأفة والسلام والمحبة، حتى أصيبت الزوجة بمرض خطير وتوفت، وبينما كانت مراسم الدفن تقام، ووقف أحد الحاضرين يراقب الزوج من بعيد الذي كان يبكي حزنا عليها.
بعد قليل التف الزوج عائدا إلى منزله، فسأله الرجل عن وجهته مستنكر ذلك وهو لا يبصر؟، تبسم الزوج بحزن قائلا: لقد كنت أدعي العمى حتى لا أجرح زوجتي الوفية ولا أعرضها لإحراج لما أصابها من مرض لم يكن لها ذنب فيه، ولكني أبصر.