فصول السنة في الموروث الشعبي جنوبي العراق
خضير حسين السعداوي
سادت حسابات فصول السنة في الفترات القديمة قبل انتشار التعليم في جنوبي العراق أسماء لأشهر وفترات زمنية محددة يعرفها أهل الجنوب وهذه الحسابات أملتها عليهم حياتهم الرعوية والزراعية
حيث يتحتم عليهم معرفة مواسم الأمطار والبرد والحر والظواهر الجوية المختلفة والاستعداد لها لاستمرارية حياتهم وحياة ماشيتهم ولهذا ظهرت أسماء لفصول السنة تختلف عن الأسماء المتعارف عليها حاليا وأحيانا تطابقه منها:
بارح وهو فصل الصيف ذو الحرارة اللاهبة مع الجفاف أي انعدام الأمطار ولهذا جاء في الأمثال قديما ((يريد من بارح مطر)) ويضرب هذا المثل للامور المستحيلة الحدوث ولهذا عليهم أن يستعدوا لمواجهة انعدام الأمطار ويتكون هذا الفصل من ثلاثة أشهر حزيران، تموز وقيل عنه (( تموز اينشف الماي بالكوز)) وآب وقد قيل عنه في الموروث الشعبي الكثير أهمها:
آب اللهاب بالنهار لهاب وفي الليل جلاب ...... أي انه ذو حرارة لاهبة نهارا بينما يكون باردا ليلا
يكثر الارطاب ويقلل الأعناب أي أن في هذا الشهر يزداد الرطب ويقل العنب لنهاية موسمه
عزال الاشلابأي انه في نهايته لا يجوز زراعة الشلب لأنه لا ينمو
فاك من الشتاء باب.....أي انه في نهايته ينتهي موسم الحر وبداية موسم البرد.
2. الاصفري وهو فصل الخريف وهو فصل في جنوبي العراق من أحسن الفصول حيث ينتهي موسم الحر الشديد ويبدأ اعتدال الجو وانخفاض درجات الحرارة نسبيا وهو أيضا يطابق فصل الخريف المعتاد ويشمل شهر أيلول والذي قيل فيه(( أيلول......سيروا ولا تكيلون)) أي أن لا داعي للقيلولة ظهرا لان الحر قد ولى .......وشهر تشرين أول، وشهر تشرين الثاني ويبدأ الصفري بظهور نجم سهيل ويطلقون عليه مصطلح (( ازروك سهيل)) أي ظهور هذا النجم في السماء وغالبا ما يظهر هذا النجم.
3. الشتاء وهو فصل مرير وثقيل على أهل الجنوب لما فيه من قسوة الطبيعة من البرد الشديد الذي يهلك زرعهم وحيواناتهم والأمطار والسيول التي تهدد بيوتهم الطينية ولذلك أكثروا من تسمياته ومن الحساب البسيط انه أيضا يطابق أشهر الشتاء في الفصل المتعارف عليها الآن وهي كانون الأول وكانون الثاني وشباط....
ولكنهم فصلوا هذا الفصل بأسماء ومصطلحات منها
أ. جويريد وهو بداية فصل الشتاء عندما يبدأ البرد يجرد أوراق الأشجار وتصبح جرداء لهذا جاءت التسمية مطابقة ويقابله بالأشهر المتعارف عليها كانون أول.
ب- الازرك وهو قمة البرد وانخفاض درجات الحرارة والأمطار واعتقد انه سمي بهذا الاسم لان وجه الإنسان يزرق من شدة البرد ويقابله في الأشهر الشمسية كانون الثاني وأحيانا يطلق عليه (( ألجله)) وفيه أيام يطلق عليها ((أيام غيلان)).
وهي أيام شديدة البر وترد فيها حكاية أن اثنين عبروا الصحراء في هذه الأيام راكبي راحليتهما وعند مغيب الشمس وبدء الظلام اشتد البرد بهما وتداولا كيف اتقاء البرد تذكر احدهم وصية والده والتي يوصي بها ولده وهي ((ياولدي ياغيلان عليك بالجن والذرى )) فقام بذبح ناقته ودخل في جوفها اتقاء البرد بينما صديقه بقي لائذا من البرد خلف ناقته فأصبح ميتا من البرد .
وهذا الفصل يخيف الفلاحين لقساوته حيث يستعدون له في خزن الأغذية لهم والأعلاف لحيواناتهم للاستفادة منها في هذا الفصل....
ج - شباط الشتوي ومدته اسبوعين
د- شباط الصيفي ومدته اسبوعين أيضا.
3. الربيع. ويلفظ بكسر الراء وهو نفس أشهر الربيع المعتادة وهي آذار ونيسان وأيار وتتخلله تسميات منها.
أ-بردة العجوز ويتداولون حكاية العجوز التي لم تتلقح ناقتها خلال فصل الشتاء فدعت الله سبحانه وتعالى أن يبرد لها الجو خلال الربيع لكي تلقح ناقتها فأعطاها الله أيام يبرد فيها الجو خلال الربيع
ب-النيروز وهو نهاية البرد ويصبح الجو جميلا وتزدهر المراعي ويبدأ السنبل بالظهور
ت-غياب سهيل وهو نجم يظهر في السماء باتجاه القبلة في الجنوب وعند غيابه وعدم ظهوره يعني ان الربيع قد اشرف على الانتهاء .
ث-الثريا وهي تقريبا نهـاية الشهر الرابع وبداية الشهر الخامس ويرافقها أمطار وعواصف رعدية شديدة وغالبا ما تكون محلية وليس على عموم المناطق وتكون هذه الأمطار مدمرة للمحاصيل الـزراعية و بانتهائها يبدأ بـارح الذي هـو فصـل الصيف.