البيوت الصغيرة .. قضية مغيبة لدى المهندسين !!
علينا أن نستعين بخبرات أهل الأرض وأن ننقل الأفكار والأساليب والحلول
بأقصى وأسرع حد ممكن لحل مشكلة الإسكان
تحدثت عن دوري وزملائي في مأساة بناء المساكن في الأسبوع الماضي كأحد الأسباب من منظومة أسباب مشكلة توفير المساكن، وأكدت أن مرجع المشكلة هو في الجهل المستشري في جميع الأدوار التي يقوم بها المصمم أو المهندس . ومن الواضح أن القضاء على الجهل الهندسي لدى المهندسين هو أمر صعب استئصاله ، إذ ان عروقه المتجذرة في أعماق أساليب التعليم ومناهجه من مراحله الأولى حتى المرحلة الجامعية. مما أثمر عن نتاج لا نعرف ولا يعرف ماذا يعرف...
أمر صعب
واعترف للقارئ الكريم بأن استئصال الجهل في الوسط الهندسي والفني هو أمر صعب ، بل أكاد أقول انه أشبه بالمستحيل ولن تتغير الحالة إلا بعد مرور أعوام طويلة ومراحل متعاقبة وهو يحتاج إلى برامج كبيرة وأمور غير قادرين أن نتحدث عنها في هذه المقالات.
محاولات
لكنني لا بد أن أنبه أن البعض منا اكتشف تلك المشكلة من وقت مبكر وبذل المحاولات الشاقة للخروج من ذلك النفق بالاصرار ومحاولات التعلم والتضحيات الكبيرة ، وقد تمكن البعض من تحقيق انجازات تستحق التأمل والتقدير بل تستحق الدراسة والبحث.
حل على المدى القصير
ولكن ما يهمنا من الأمر هو قضية توفير المساكن وإيجاد الحلول للقضاء على العقبات التي تقف في وجه ذلك الهدف فكيف إذا نتخلص من تلك العقبة (عقبة الضعف الهندسي لدى المهندسين)؟ واختصر قولي بأن هذه القضية يفترض أن يتولاها المهندسون الذين يملكون العلم والذين لا نشترط أن يكونوا من أبناء هذا الوطن ، بل إن علينا أن نبحث عنهم اينما وجدوا وان نستعين بخبرات أهل الأرض وان ننقل الأفكار والأساليب والحلول (وهنا في هذه الصفحة محاولات متواضعة لاقت الاستحسان .. لكنها تبقى متواضعة) ان علينا ان نفكر في البحث عن العقول عندما نجد ان عقولنا لم تسعفنا بالحلول ولا عيب في ذلك ، بل انها قمة التصرف والتجارب تؤكد ان كثيرا من الدول أسست نقلتها التقنية بواسطة الخبرات الاجنبية ولا أدل على ذلك ان الدول المتقدمة تفتح ابوابها لأصحاب الخبرات والمهندسين والعلماء وتسهل استقرارهم بشكل يتفوق على ما يجدونه في أوطانهم .. إذ الحل على المدى القصير هو الاستعانة بالخبرات الاجنبية والمهندسين أصحاب التجارب المميزة وتقليد الدول المتقدمة من أجل تشجيعهم للعمل معنا والتعاون مع المهندسين المؤهلين الذين قضوا أعمارهم لتعليم أنفسهم بأنفسهم.
رفع المستوى الهندسي أمر لا بديل عنه
إن ما يهمنا في هذا الأمر هو رفع المستوى الفني للمهندسين المعماريين لما يحقق حلاً لمشكلة توفير المساكن. وأعتقد جازماً قاطعاً باليقين بأن ذلك المستوى هو أحد العوامل المؤثرة وبالتالي لقد خلق هذا المستوى المتردي للأمور الفنية والهندسية تأثيرا كبيرا في صنع المشكلة وعلينا أن ننظر في هذا الأمر بتجرد ودون عواطف، وعلينا البحث عن الحلول لانتشالنا مما نحن فيه.
التجاهل وأسبابه
والحق يقال لقد تم التعامل مع هذه القضية بطريقة غلب عليها التجاهل والإهمال وعدم الاعتراف ما يمكن أن يتسبب فيه ذلك النقص من المعرفة من خلل في تنمية البلاد ويكمن السبب في ذلك التجاهل لعدم وجود أي جهة تكون مسؤولة عن مهنة الهندسة ولنا وقفة مع مسؤولية مهنة الهندسة.
الحل على المدى البعيد
ان الحل الذي لا بديل عنه هو اصلاح العطب الذي أصاب مناهج التعليم الجامعي في ما يخص التعليم الهندسي والذي مرده وأسبابه عائد إلى الفصل بين العلم والتطبيق وبين الدراسة والواقع وبين التنظير والتنفيذ وبين الكتاب والموقع حتى إذا خرج هؤلاء الطلاب إلى الواقع فإذا هم كمن خرج من بطن أمه لا يعلم من أمره شيئا... حتى إذا ارتطم بصخرة الواقع فإذا هو كالغريق الذي ألقي في البحر.. أعود إلى أصل الموضوع لنحاول أن نوجد مخرجا باقتراح أو بفكرة من هذا المأزق، وانني لا أرى أفضل من أن يقدم المستثمرون ورجال الاعمال مشاريعهم إلى كليات العمارة والتخطيط حتى يمكن المشاركة واسهام الطالب في تلك المشاريع من وقت مبكر وحتى يرتبط بالواقع الذي فصل عنه ان هذه الطريقة لها فوائد جمة ومميزات عديدة تجعل الطالب يرتبط بالواقع من وقت مبكر وربما رأى اعماله تنفذ وهو على فصول الدراسة فتحقق له الكثير من الجوانب الايجابية في حياته المستقبلية.
مجد للأطراف المختلفة
ومن المؤكد أن هذا الاقتراح مفيد لرجال الأعمال بل يمكن تطبيقه حتى لأصحاب المشاريع الصغيرة إذ أنه لا يكلفهم شيئا ويقدم لهم أفكارا منوعة،كما أنه مفيد للطالب بلا شك ومفيد للجامعة إذ أن هذا الاقتراح يمكن أن يسهم في تطوير عملية توفير المساكن بشكل مؤثر ويخفف من كثير من السلبيات.
مسابقة معمارية
من الأفكار التي يمكن أن تقدم اسهاما فعّالا في تطوير وايجاد الحلول للمساكن إقامة المسابقات المعمارية لتصميم الوحدات السكنية أو المجمعات الاسكانية وما يتعلق بها وهي فكرة سوف تؤدي إلى دفع الطالب من وقت مبكر للابتكار والابداع ، كما انها ستحفز الطالب وتشجعه من وقت مبكر.
إن الجوائز التشجيعية ذات المبالغ الزهيدة وبسيطة بالنسبة للمستثمرين ولكن عائدها كبير وكبير جداً، إن الاستثمار في التشجيع والتحقير في وقت مبكر له مردودات كبيرة.
دعوة لرجال الأعمال
إنني أدعو رجال الأعمال لتقديم جوائز للطلاب (كمسابقات معمارية) حتى لو كانت على شكل عينات أو نحوه واؤكد ان هذا سوف يخدمهم إذ أنه سوف يزرع العلاقة المبكرة بين هؤلاء المستثمرين والمسؤولين والمهندسين القادمين في المستقبل العاجل كما ادعو امانة مدينة الرياض لتشجيع فكرة المسابقات للطلبة إذ أن ذلك سوف يحقق من أهداف الأمانة والتي تعاني ما تعانيه من سوء مستوى التصميم للوحدات السكنية.
خلاصة
وخلاصة القول في هذا المقال ان أهم مسببات ضعف المستوى الفني للمهندسين ناتج عن ضعف مستوى التعليم الجامعي ، ناتج عن الفصل بين الواقع والدراسة ولا يحله إلا بناء جسور تربط بين الواقع والنظريات وهو أمر مقدور عليه لا شك في ذلك
منقول من احد الصحف