رَعَاهُمُ اللهُ إنْ حَلُّوا وَإنْ رَحَلوا
وَإنْ هُمُ فَعَلوا بالقلبِ مَا فَعَلوا
فإنَّهُمْ مَلكُوا رُوحِيْ وَمَا تَرَكُوا
شَيْئاً لِرُوحِيْ سِوَاهُمْ فيهِ تَنْشَغِلُ
جَارُوا عَليَّ بلا ذَنْبٍ وَمَا عَدَلوا
مَا كانَ ضَرَّهُمُ لوْ أنَّهُمْ عَدَلوا
وَكُنْتُ أغْفِرُ مَا يَأتُونَ مِنْ زَلل ٍ
كأنَّما حَسَناتٌ مِنْهُمُ الزَّللُ
وَكلَّما مَطلُوا وَعْداً أزيدُ لهُمْ
حُبَّاً كأنَّ وَفاءً كَانَ مَا مَطَلُوا
لَقِيتُ فِيْ حُبِّهِمْ مَا ليْسَ تَحْمِلُهُ
صُمُّ الصُّخُور ِ وَمَا تَعْيَا بِهِ القُلَلُ
يَا ليْتَهُمْ عَلِمُوا فِيْ القَلْبِ مَنْزلَهُمْ
أوْ ليْتَهُمْ عَلِمُوا فِيْ قَلْبِ مَنْ نَزَلُوا
وَليْتَهُمْ عَلِمُوا مَاذا نُكِنُّ لَهُمْ
فَرُبَّما عَمِلُوا غَيْرَ الذيْ عَمِلُوا
لوْلا الوَفَاءُ لَمَا صُنَّا لَهُمْ ذِمَمَاً
وَلا احْتَمَلْنا الذيْ مَا كانَ يُحْتَمَلُ
لكِنَّهُ خُلُقٌ كَمْ ذَا يُكلِّفُنَا
مَا ليْسَ يَحْمِلُهُ لوْ حَاوَلَ الجَبَلُ
حُبٌّ تَغَلْغَلَ فِيْ رُوحِيْ وَفِيْ كَبِديْ
لوْ شِئْتُ أنْسَاهُ لمْ تُسْعِفْنِيَ الحِيَلُ
وَكَيْفَ أنْسَى الذيْ أضْحَتْ مَلاحَتُهُ
فِيْ النَّاس ِ يُضْرَبُ فِيْ أوْصَافِهَا المَثَلُ
يَا مَنْ إذا خَطَرَتْ كَالرُّمْح ِ قَامَتُهُ
تَوَجَّهَتْ نَحْوَهَا الأحْدَاقُ وَالمُقَلُ
تَكادُ تَحْسُدُهَا الأغْصَانُ مَائِسَةً
لِمَا تَرَاهُ وَيَعْلُو وَجْهَهَا الخَجَلُ
عَذِّبْ فُؤَادِيْ كَمَا تَهْوَى فَكُلُّ أذَىً
إلا فِرَاقَكَ عِنْديْ هَيِّنٌ جَلَلُ
وَجُرْ كَمَا شِئْتَ لنْ تَلْقَى سِوَى رَجُل ٍ
يَقُولُ لائِمُهُ مَا هَكذا الرَّجُلُ
فَقَدْ تَرَكْتَ فُؤَادِيْ لا يَلذَّ لهُ
شَيءٌ وَليْسَ لهُ صَبْرٌ وَلا أمَلُ
وَمَا تَرَكْتُ سَبيلاً كَيْ أنَالَ بهِ
مِنْكَ الرِّضَاءَ إلى أنْ سُدَّتِ السُّبُلُ
وَكُلُّ نَار ٍ فُؤادِيْ يَسْتَخِفُّ بِهَا
إنْ لمْ تَكُنْ بِيَدِ الهِجْرَان ِ تَشْتَعِلُ
أنِّي بِهَجْركَ قَدْ أصْبَحْتُ أحْسُدُ مَنْ
مَاتُوا وَأغْبِطُ ـ مِمَّا ذُقْتُ ـ مَنْ قُتِلُوا
فالمَوْتُ أهْوَنُ مِنْ هَجْر ٍ يَجيءُ بهِ
فِيْ كُلّ ِ آونَةٍ مِنْ من نَارِهِ الأجَلُ
سعيد يعقوب