" الالتزام بنقل الملكية , أو أي حق عيني آخر , ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق إذا كان محله شيئاً معيناً يملكه الملتزم ، و ذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل " .
ثم أكدت المادة 898 هذا المعنى في صدد حق الملكية بقولها :
" إن الالتزام بنقل ملكية العقار في السجل العقاري خاضع ... للأحكام المتعلقة بالسجل العقاري " .
كما نصت المادة 896 / 1 على أن :
" حق تسجيل الحقوق العينية العقارية يكتسب بمفعول العقود " .
وإذا كان نظام السجل العقاري يمتد إلى جميع العقود الناقلة للملكية ، فإن عقد البيع مع ذلك هو أهم العقود التي يجري عليها التسجيل و أوسعها انتشاراً ... و لذلك فإننا نقصر الكلام هنا على عقد البيع باعتباره سبباً مكسباً لحق التسجيل .
وللحديث عن آثار عقد البيع العقاري غير المسجل ، يتعين التمييز بين بيوع الأقسام قبل المباشرة بإشادة البناء فعلاً أو قبل إنجازه ، و بين البيوع العقارية بوجه عام :
( 1 ) ـ بيوع الأقسام قبل المباشرة بإشادة البناء فعلاً أو قبل إنجازه لا ينتج أي أثر قبل تسجيلها :
بمقتضى قانون إعمار العرصات رقم 14 لعام 1974 لا يعتد بأي بيع يجري خارج السجل المؤقت ، و يعد باطلاً .
كما يعد كل بيع للعقار المرخص أو لأحد أقسامه عن غير طريق السجل احتيالاً يعاقب عليه البائع - أصيلاً أو وكيلاً - بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 641 عقوبات .
( 2) ـ عقد البيع العقاري غير المسجل ينتج جميع آثار عقد البيع فيما عدا نقل الملكية :
إن عقد البيع العقاري غير المسجل ينتج جميع آثار البيع فيما عدا نقل الملكية ، و على ذلك ينشئ البيع العقاري غير المسجل جميع التزامات البائع ، فيلتزم بمقتضاه البائع :
ـ بنقل الملكية إلى المشتري ،
ـ و بتسليم المبيع ،
ـ و بضمان التعرض و الاستحقاق ، و ضمان العيوب الخفية .
وينشئ البيع العقاري غير المسجل كذلك جميع التزامات المشتري ، فيلتزم بمقتضاه المشتري :
ـ بدفع الثمن و المصروفات ،
ـ و بتسلم البيع .
إذاً :عقد البيع غير المسجل لا ينقل حق الملكية العقارية من تلقاء ذاته ، و لكنه ينشئ التزاماً بنقل هذا الحق في السجل العقاري .
// من الهامش : قارن م 783 مدني ألماني و م 656 مدني سويسري , حيث يترتب على البيع إنشاء التزامات , ومنها التزام البائع بنقل ملكية العقار في السجل العقاري .
و قارن م 1126 / 2 مدني عراقي التي تنص على أن :
" العقد الناقل لملكية العقار لا ينعقد إلا إذا روعيت فيه الطريقة المقررة قانوناً " .
وظاهر من هذا النص أن البيع العقاري في العراق يعد عقداً شكلياً لا ينعقد إلا بالتسجيل// .
ولقد كانت الملكية في أحكام المجلة العدلية تنتقل بمجرد العقد في العقار و المنقول على حد سواء ، و عندما صدر نظام الطابو العثماني خرج العقار على الأصل المقرر في المجلة ، و أصبحت الملكية و سائر الحقوق العينية في العقار لا تنتقل بمجرد العقد ، بل بالتسجيل في السجل العقاري ... و من ثم لم يعد العقد سبباً من أسباب كسب ملكية العقار ، بل طريقاً من طرق اكتساب حق التسجيل في السجل العقاري .
وقد احتفظ القانون المدني - ومن قبله القرار 3339 - بهذه القاعدة ، و على هذا جرت كل من : أ ـ المادة 826 التي أدرجت العقد بين طرق اكتساب حق التسجيل في السجل العقاري .
ب ـ والماد 896 /1 التي نصت على أن حق تسجيل الحقوق العينية العقارية يكتسب بمفعول العقود .
هذا ، و قد وقفت محكمة النقض إزاء حق المشتري في مداعاة البائع لأجل تسجيل البيع في السجل العقاري موقفين متعارضين ، ذهبت في أولهما إلى حرمان المشتري من هذا الحق ، ثم ما لبثت أن اعترفت له به .
ونعرض فيما يلي هذين الاتجاهين على التوالي :
1 ً ـ الاجتهاد القديم لمحكمة النقض :
ذهبت محكمة النقض في البداية إلى أن العقود العادية المتضمنة إنشاء أو نقل حق عيني تعد غير نافذة ، وغير مانحة لحق التسجيل ، وأن أثرها ينحصر في مطالبة البائع الناكل عن التسجيل بالتعويض فحسب .
2 ً ـ الاجتهاد الجديد لمحكمة النقض :
تخلت محكمة النقض في مطلع العام 1949 عن اجتهادها السابق ، وأصدرت قرارها الشهير الذي جاء فيه :
" إن عقد البيع العادي المنظم خارج أمانة السجل العقاري ، إذا كان مستوفياً الأركان القانونية لانعقاده ، فإنه يعد عقداً صحيحاً ، يصلح أساساً لإقامة الدعوى ، والمطالبة بإنفاذ ما ورد فيه من التزام بالتسجيل بحكم قضائي " .
وانطلاقاً من هذا القرار شرعت أحكام القضاء تأخذ بالنظرية الجديدة القائلة أن العقود المنشئة أو الناقلة للحقوق العينية العقارية ملزمة لأطرافها ، و يتعين تنفيذها رضاء أو قضاء .
نقض سوري عام 1976:
1 ـ إن العقد لوحده يبقى قاصراً عن أن ينتج آثاره حتى بين المتعاقدين إلى أن ينفذ بتسجيل الحق المترتب فيه أصولاً في السجل العقاري .
2 ـ إن الالتزام بنقل الملكية يبقى قائماً حتى يتم هذا النقل مع الالتزام بالصيانة المادية والقانونية حتى تاريخ النقل .
والمقصود بالصيانة دفع كل ما من شأنه أن يحول دون هذا النقل في السجل العقاري .
نقض سوري 1982 :
البائع ملزم بنقل الملكية خالصة إلى المشتري , والقانون جعل التسجيل من مستلزمات نقل الملكية , وعلى البائع يقع هذا الالتزام , وعدم تقديم البائع الوثائق اللازمة ليتمكن الشاري من تسجيل البيع يعتبر إخلالاً بالعقد موجباً للفسخ والتعويض .
نقض سوري 1982 :
وإن كانت العبرة بالملكية لقيود السجل العقاري , إلا أنه لا شيء يمنع من تثبيت العقود كما هو صريح المادة 11 من القرار رقم 188 لعام 1926 , وذلك لأن الاجتهاد مستقر على جواز المداعاة بالعقود غير المسجلة ولو كانت متتالية , وعلى إمكان إبطال أي تسجيل إذا تم بالتواطؤ
و بقصد الإضرار بالغير .
نقض سوري 1983 :
إن الملكية العقارية لا تنتقل إلا بالتسجيل و بموجب سند رسمي , إلا أنه لا مانع من الإدعاء بالعقود و إثباتها وفقاً للقواعد العامة , فإذا وجد المسوغ لإثبات العقد بالبينة الشخصية فهي مقبولة .
// من الهامش : في القانون العراقي التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على الإلزام بالتعويض إذا أخل أحد الطرفين بتعهده ، سواء اشترط التعويض أم لم يشترط ... ( و كذلك في الأردني ) ...
و في القانون العراقي : العقد الناقل لملكية العقار لا ينعقد إلا إذا روعيت فيه الطريقة المقررة قانوناً ... فالبيع العقاري في العراق يعد عقاراً شكلياً لا ينعقد إلا بالتسجيل// .
ـ حوالة حق المشتري في إلزام البائع بالتسجيل :
قلنا أن عقد البيع الذي لم يسجل في السجل العقاري ينشأ عنه التزام بنقل ملكية العقار ، و هذا الالتزام كما جاء في قرار لمحكمة النقض :
" مال منقول تجوز حوالة الحق فيه ، حتى إذا نفذ هذا الالتزام بتسجيل عقد البيع ، فإن المشتري يؤول إليه حق ملكية العقار ، أي حق عقاري ، وعندئذ يصح القول بأن هذا الحق العيني لا يكون محلاً لحوالة الحق " .
منقول للفائدة