"ﻛﺮﺑﻼﺀ".. ﻛﺮﺏ ﻭﺑﻼﺀ ﻳﻌﻴﺪ ﻋﻤﻴﺪ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﺑﻴﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﺔ؛ ﺑﻨﻲ ﺃﻣﻴﺔ ﻭﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ ﻭﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﺻﺮﺍﻉ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻭﻗﺎﺑﻴﻞ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻓﻲ ﺳﻨﺔ 61 ﻫﺠﺮﻳﺔ ﺧﺘﻤﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺃﻭ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺃﻟﻄﻒ؛ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﻳﺎﻡ، ﺑﻴﻦ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ـ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ـ ﻭﺟﻴﺶ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ.. ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺟﺪﻻً ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻟﻨﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻭﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﺁﺛﺎﺭ ﺟﺪﻟﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﺗﻌﺪ ﻛﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ ﺍﻟﻤﻬﺘﻤﻮﻥ ﺃﺑﺮﺯ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﺑﻴﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﺭ ﻣﺤﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ، ﻭﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﻤﻬﺘﻤﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﻳﺰﻳﺪ ﻛﺨﻠﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺟﻮﺑﻪ ﺑﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ، ﻛﺎﻥ ﻧﻘﻄﺔ ﺗﺤﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﻭﺃﻥ ﺧﻼﻓﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺍﻣﺖ ﺛﻼﺙ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺣﻔﻠﺖ ﺑﺎﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺻﻠﺔ؛ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺮﺑﻼﺀ، ﻭﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﺤﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻬﺒﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﺓ، ﻭﺭﻣﻲ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﺑﺎﻟﻤﻨﺠﻨﻴﻘﺎﺕ.. ﺳﺒﺐ ﺣﺪﻭﺙ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﻫﻮ ﺑﺮﻭﺯ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻓﺔ ﻗﺎﻟﺖ ﺇﻥ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﺣﺎﻧﺖ ﻷﻥ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ، ﻭﻛﺘﺒﻮﺍ ﻟﻪ ﻳﺤﺜﻮﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪﻭﻡ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻟﻴﺴﻠﻤﻮﺍ ﻟﻪ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﻳﺒﺎﻳﻌﻮﻩ، ﻭﻟﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﺘﺨﺎﺫﻝ، ﻭﺍﻋﺘﺮﺿﻪ ﻭﺭﻓﺎﻗﻪ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﻓﻲ ﺻﺤﺮﺍﺀ ﺗﺴﻤﻰ ﺃﻟﻄﻒ، ﻭﺍﺷﺘﺪ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻭﺣﻤﻲ ﻭﻃﻴﺲ ﺍﻟﺤﺮﺏ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺒﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ ﺳﻮﺍﻩ، ﻭﺃﺻﻴﺐ ﺑﺴﻬﻢ ﺍﺳﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﻧﺤﺮﻩ، ﻭﺃﻣﻄﺮﺕ ﺿﺮﺑﺎﺕ ﺍﻟﺮﻣﺎﺡ ﻭﺍﻟﺴﻴﻮﻑ ﺟﺴﺪﻩ، ﻭﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻭﻣﻦ ﻣﻌﻪ، ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﺇﻻ ﺍﺑﻨﻪ ﻋﻠﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻔﻆ ﺣﺴﺐ ﻭﻧﺴﺐ ﺟﺪﻩ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ. ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺼﺪﺭ؛ ﺃﻗﺪﻣﻬﺎ ﻛﺘﺎﺏ (ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ) ﻟﻠﻄﺒﺮﻱ، ﻭﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ) ﻟﻠﺪﻳﻨﻮﺭﻱ، ﻭﻛﺘﺎﺏ (ﻣﻘﺘﻞ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ) ﻻﺑﻦ ﻳﺤﻴﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺪ ﺃﻗﺪﻡ ﻣﺼﺪﺭ ﺗﺎﺭﻳﺨﻲ، ﻭﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﻳﻌﺘﻤﺪﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺆﺭﺥ ﻣﻨﺼﻒ ﻣﺘﺠﺮﺩ، ﺇﻻ ﻭﻳﺠﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺻﺎﺣﺐ ﺣﻖ، ﻭﻻ ﻭﺟﻪ ﻟﻠﻤﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻦ ﻳﺰﻳﺪ.. ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﺤﺎﻳﺪﺍً، ﻓﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻧﺤﻴﺎﺯ، ﻭﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺗﺘﺒﻊ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺐ ﻭﻳﻨﻘﻞ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻮﺍﺳﻢ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ؛ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻋﺒﺎﺱ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ (ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ) ﺹ 199 ﻳﻘﻮﻝ: "ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻒ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻭﻳﺰﻳﺪ ﻣﺘﻨﺎﺟﺰﻳﻦ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﻗﺪ ﺟﻤﻌﺖ ﻟﻬﻤﺎ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﻭﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺔ ﻣﻨﺬ ﺃﺟﻴﺎﻝ، ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺳﺒﺐ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﻨﻔﺮﺓ ﺑﻴﻦ ﺭﺟﻠﻴﻦ؛ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺙ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، ﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺄﺓ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ.."، ﻭﻳﻌﻴﺪ ﻋﻤﻴﺪ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ، ﻭﺃﺣﺪ ﺃﺑﺮﺯ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻃﻪ ﺣﺴﻴﻦ ﺧﺮﻳﺞ (ﺍﻷﺯﻫﺮ، ﻭﻓﺆﺍﺩ ﺍﻷﻭﻝ، ﻭﺍﻟﺴﻮﺭﺑﻮﻥ) ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﺑﻴﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﺔ؛ ﺑﻨﻲ ﺃﻣﻴﺔ ﻭﺑﻨﻲ ﻫﺎﺷﻢ، ﻭﺃﻧﻪ ﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻣﺜﺎﻝ ﻗﺪﻳﻢ ﺣﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺧﻮﻳﻦ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻭﻗﺎﺑﻴﻞ. ﻭﻗﺪ ﻟﺨﺺ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺗﻠﺨﻴﺼﺎً ﺭﺍﺋﻌﺎً ﺑﻘﻮﻟﻪ: "ﺍﻧﺘﺼﺮ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﺄﺷﺮﻑ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻏَﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﻛﺮﺍﻫﺔ ﻟﻠﻨﻔﺎﻕ، ﻭﺍﻧﺘﺼﺮ ﻳﺰﻳﺪ ﺑﺄﺭﺫﻝ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﺸﻊ ﻭﻣﺮﺍﺀ"، ﻭﻟﻌﻞ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺃﺑﻲ ﻓﺮﺍﺱ ﺍﻟﻤﻠﻘﺐ ﺑﺎﻟﻔﺮﺯﺩﻕ ﻟﻠﺤﺴﻴﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺎﺭﺕ ﻣﻀﺮﺏ ﺍﻷﻣﺜﺎﻝ: «ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻌﻚ ﻭﺳﻴﻮﻓﻬﻢ ﻣﻊ ﺑﻨﻲ ﺃﻣﻴﺔ»، ﻫﻲ ﺧﻴﺮ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻓﻘﺪ ﻛﺸﻔﺖ ﻣﻌﺎﺩﻥ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ. ﻓﻤﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﻄﻤﻊ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻊ ﺳﻴﻮﻓﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻨﻲ ﺃﻣﻴﺔ
. ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﻓﺪﻋﻖ 2012-11-24 1:06 AM