لا تقل دموع التماسيح.. بل قلوب التماسيح
لماذا تختلف التماسيح عن بقية الزواحف؟
السر في قلوب التماسيح وليس في دموعها كما يقولون. قلوب التماسيح تشبه قلب الانسان، لكنها تختلف عن قلوب كل الزواحف الأخرى. القلب في التماسيح يحتوي على بطين وأذين، البطين ينقسم الى غرفتين يفصل بينهما حائط عضلي مثل بطين قلب الانسان. هذا التصميم في بطين قلب التمساح يجعل الدم في البطين الأيمن لا يختلط بالدم في البطين الأيسر. ورغم ذلك، فإن الدم يستطيع ان ينتقل خارج هذه الدائرة بعيداً عن القلب، وهذا ما يجعلها تختلف عن الانسان أيضاً. ويتصل البطين الأيمن بالرئة فضلاً عن اتصاله ببقية الدورة الدموية في الجسم عن طريق الأورطى الثانوية أو الأورطى اليسرى، ويتدفق الدم من البطين الأيمن عبر الاورطى اليسرى الى الدورة الدموية لبقية اجزاء الجسم وبالتالي لا يمر على الرئة. وهو ما يعرف بنظام الالتفاف الرئوي. وفهم كيفية تحكم التماسيح في نظام الالتفاف الرئوي يعتبر خطوة نحو سبر أغوار وأسباب وتوقيت تحويل الدم عن الرئة. وأجرى الأساتذة دوجلاس سليم بقسم علوم الاحياء بجامعة كالجاري في كندا وكورت جامبرل بمركز الدراسات البحرية بجامعة نيوفونلاند في كندا ايضاً وديفيد جونز بقسم علوم الحيوان بجامعة بريتش كولومبيا الكندية بحثاً مستفيضاً في هذا الموضوع. تتميز التماسيح بصمام دائري يقع بجوار البطين الأيمن ويحرس مدخل الاوردة الرئوية التي تحمل الدم الى الرئة فضلاً عن وجود شريان أورطى اضافي (الاورطى اليسرى) يتكون هذا الصمام من عضلة قلبية وعقد من أنسجة رابطة تتداخل مع بعضها مثل سحاب البنطال، ويسبب انقباض عضلة الصمام اغلاق السحاب ويغلق تماماً الاوردة الرئوية ويمنع تدفق الدم الى الرئتين. ويسبب ذلك تغيرات معقدة فيزيقية في ضغط الدم مع كل دقة قلب في التمساح، وهذا يجبر الدم على التدفق عبر الاورطى اليسرى ويعود مرة اخرى الى الدورة الدموية الجسدية وعدم المرور بالرئة. وظيفة نظام الالتفاف الرئوي عند التماسيح والآلية التي يتحكم بها التمساح في ذلك لاتزال غير مفهومة جيداً. وأثبتت دراسات اخرى على قلوب التماسيح بعد ازالة الاوردة الرئوية ان التنشيط الناتج عن مادة بيتا الادرينالية (مثل الادرينالين في الانسان) يخفف من المقاومة في الطريق الى الرئتين وبالتالي ينخفض الضغط في البطين الأيمن ويوقف عملية الالتفاف الرئوي. فعندما تكون التماسيح في حالة انفعال لا تمنع مرور الدم في الرئتين، كما ان قطر فتحة بانيزا التي تربط بين شرياني الاورطى اللذين يعطيان التماسيح الفرصة لالتفاف الدم حول الرئة تختلف احياناً ويبدو ان تغيرها يخضع لأحد انواع الهرمونات. غير ان الانقباضات في الأوعية الدموية الناتجة عن الحث الهرموني لا يمكن ان تكون نتاج التغيرات المعقدة المذكورة في ضغط الدم العام في التماسيح مع كل دقة قلب، وبالتالي لابد ان تكون هناك تغيرات كبيرة ومرحلية في المقاومة في الطريق الى الرئة مع كل دقة قلب. وتفيد التغيرات المرحلية في المقاومة بوجود النشاط المرحلي للصمام الدائري خلال كل دورة قلبية وان انقباض العضلات المحيطة بالصمام ترتبط بشكل ما بانقباضات البطين الأيمن. وقدم الباحثون في هذه الدراسة دليلاً على ان نشاط الصمام الدائري متزامن مع انقباض البطين الايمن من خلال آلية توقيت زمني تعتمد على الخلايا لتنظيم عملية الالتفاف الرئوي بما يتوافق مع ضربات القلب. الصمام الدائري في التماسيح محاط بكتلة عضلية منعزلة بشكل ما عن البطين الأيمن، وتنتج هذه العضلة اشارات خاصة تنفصل مؤقتاً بفارق زمني يبلغ ربع ثانية تقريباً عن اشارات البطين الأيمن. وتطلق الدائرة الداخلية (الصمام الدائري يحتوي على دائرة للفتح والإغلاق) اشارات لاغلاق الصمام ووقف تدفق الدم الى الرئة مما ينتج عنه ارتفاع آخر في الضغط في البطين الأيمن، ويأخذ النظام وضع الالتفاف الرئوي. وقد يكون المدى الزمني لتأخير مرور الدم في الرئة له تأثير رئيسي على ضغط البطين الأيمن ودرجة الالتفاف الرئوي. وهناك تأثيرات لعصب فاجال والحث الهرموني على التأثيرات المختلفة على الدائرة الداخلية، ويبدو ان العنصرين يضعفان درجة انقباض الصمام الدائري الذي قد يمنع الالتفاف الدائري. ورغم ان هذه النتائج لا توفر صورة كاملة عن كيفية سيطرة النظام العصبي على مستوى الالتفاف الرئوي، إلا ان النتائج إذا أضيفت الى نتائج دراسات سابقة تفيد بتدخل النظام العصبي في الأمر، وتوفر دليلاً قوياً على الحث العصبي أو توجيه اشارات تسير في الدم لتؤثر على الشرايين والصمام، وبالتالي يتأثر مستوى الالتفاف عند التماسيح.