هو ابو إسحق إبراهيم بن أبى الفتح بن عبد الله بن خفاجة،ولد سنة 450 هـ بجزيرة شقر شرقى الأندلس.وكان مولوده أيام ملوك الطوائف،وقد أستقلت الدولة العامرية فى بلنسيه و على رأسها عبد العزيز بن عبد الرحمن،وقد خلفه أبنه المظفر.ولما حاصر ملك "قشتالة" بلنسيه و ضيق عليها الخناقأستنجد المظفر بالمأمون بن ذى النون صاحب طليطلة الذى أبعد خطر الأسبانثم خلع المظفر و جعل أحد وزرائه والياً عليها.وقد جرت هذه الحوادث فى طفولة بن خفاجة.
وكان بن خفاجة قد أصبح شاباً عندما أغار الفارس الأسبانى رذريق المعروف بالسيد على بلنسية و دخلها عنوة فخضعت لسلطانه حتى وفاته. ثم دخلها المرابطون و جعلوها من جملة ولاياتهم. و كان الخراب قد أصاب المدينة من جراء المعارك المتلاحقة. فمدح ابن خفاجة أمير الأندلس المرابطى إبراهيم بن يوسف بن تاشفين.
و أنتقل ابن خفاجة إلى المغرب و نزل مدينة "تلمسان" حيث نظم قصائد فى الحنين إلى الأندلس. وقد عرف عنه إنه كان فى شبابه صاحب لهو و مجون،فلما تقدمت به السن أقلع عن لهوه ومال إلى حياة الرصانة. وقد توفى فى جزيرة شقر سنة 533 هـ.
لأبن خفاجة ديوان شعرى حوى قصائد فى وصف الطبيعة و الغزل و الشكوى و الفخر و الحماسة و المدح و الرثاء. و هو لما يبتعد فى شعره عمن سبقه من شعراء العرب عامة و بنى العباس خاصة،ولا يمتاز عن المشارقة إلا بالنزعة الأندليسية التى تظهر حب الشاعر لطبيعة بلاده. و يبدو إبداع بن خفاجة فى تفننه و فى خلق الصور التى تجعل الطبيعة جديدة فى قصائده، و شغف الشاعر بذكر الجنان و الرياض جعله يحمل لقب الجنان،فإذا وصف المرأة نابت نضارة الطبيعة عنها.
و ليست الطبيعة أقل ظهوراً فى مراثيه منها فى مدائحه.أما وصفه للطبيعة نفسها فقد نال فيه شهره واسعة،فقد سلك طريقته غير واحد من الأندلسيين كأبن زمرك الذى قال فيه أبن الخطيب إنه خفاجى النزعة،و تحفل قصائد ابن خفاجة بذكر الماء و الخضرة و الطير و الشجر و القمر والنجوم و النسيم و الريح و المطر و لاسيما الشجر و ما يتعلق به. قال فى وصف النهر:
لله نهر فى بطحـــــــــــــــــــــا ءوشعر ابن خفاجة بما فيه من عاطفة الحب للوطن يمثل أصدق تمثيل شغف الأندلسى بأرضه.فهى قبلته كيف أتجه و أينما أغترب.لا يتقطع عن ذكرها و الحنين إليها.و لا يرى فى الدنيا بلداً يضاهيها،فهى جنة الخلد:
أشهى وروداً من لمى الحسناء
وغدت تحف به الغصون كأنها
هدب يحق بمقلة زرقاء
والماء أسرع جريه متحدراً
متلوياً كالحية الرقطاء
يا أهل أندلس،لله دركم
ماء وظل،وأشجار،وأنهار
ما جنة الخلد إلأ فى دياركم
ولو تخيرت،هذا كنت أخترت