ليالي سانت بطرسبورغ البيضاء.. الجمال يتجاوز منطق الطبيعة
أجواء مدينة سانت بطرسبورغ الساحرة تجذب السائحين
المصدر: موسكو – فهيم الصوراني
إذا كانت السياحة إلى مدينة سانت بطرسبورغ الروسية لا تعرف الفصول، فظاهرة الليالي البيضاء، غير المألوفة حسب قوانين الطبيعة، ستكون بانتظار ضيف العاصمة الشمالية لروسيا في فترة زمنية محددة من كل عام.
يزور سانت بطرسبورغ نحو 8 ملايين سائح سنوياً، لكن أغلبهم يختار الفترة الممتدة من أواسط شهر يونيو وحتى أواسط يوليو، للتمتع بمشاهدة الليالي البيضاء التي تكون في ذروتها، أي أطولها، بهذه الفترة تحديداً.
ويطلق عليها تسمية الليالي البيضاء؛ لأنها تأتي في الفترة التي تغرب فيها الشمس في الأفق لفترة قصيرة، بحيث لا يبقى وقت تقريباً لتظلم تماماً في كافة أنحاء هذه المدينة حصراً، بل ويمكن خلالها رؤية حتى النجوم اللامعة في السماء.
والليالي البيضاء في سانت بطرسبورغ ليست ظاهرة طبيعية فقط، بل هي رمز المدينة و«علامتها التجارية»، وأصبح تقليداً ثابتاً منذ زمن طويل، أن تقام أهم الفعاليات الثقافية في هذه الفترة بالذات، حيث جرت العادة على الاحتفال بحلول الليالي البيضاء منذ تأسيس سانت بطرسبورغ على يد الإمبراطور بطرس الأكبر، الذي تنسب المدينة لاسمه، قبل أن يتغيّر بعد الثورة البلشفية إلى لينينغراد، ومن ثم العودة مجدداً إلى التسمية التاريخية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
شفق قصير
وبشكل غير ملحوظ تقريباً، يتحول الليل في المساء بهدوء وانسيابية إلى الفجر ومن ثم الصباح مباشرة، ويزهر الشفق القصير بألوان غير عادية، مانحاً متعة استثنائية للتجوال في شوارع فارغة تقريباً على الأقل حتى الصباح، ومشاهدة الحياة الليلية في المدينة، والاستمتاع بالهندسة المعمارية القديمة في كل خطوة، ما يجعل من سانت بطرسبورغ مدينة داخل متحف.
ويمكن مشاهدة السفن والمراكب وهي تمر على طول نهر نيفا، في انتقال بطيء وغير ملحوظ بين فترتي المساء والصباح، دون العبور بممر فترة الليل، الإلزامية والحتمية حسب منطق الطبيعة.
ويعطي المشهد غير المألوف، لمن لم يره في السابق، المدينة نكهة جمالية ورومانسية في غاية الروعة والخصوصية، فأفق السماء ينعكس في الليل بمشهدٍ شبه خرافي، لاسيما على نهر النيفا وضفافه، وكأن القصور والكاتدرائيات تطفو عليه بشكل متموّج، كما هو حال الجسور المتحركة المميزة، وكأنها تبوح للمشاهد بأن مسلسل المفاجآت والعجائب في سانت بطرسبورغ لن ينتهي.
إضاءة طبيعية
ومن الملاحظ كذلك، أن الناس لا تكاد تفترق عن كاميرات التصوير لاقتناص أكبر عدد من المشاهد الخلابة، والحصول على صور جميلة تحت الإضاءة الطبيعية للشفق، في شعور عفوي، بما يشبه القلق الغرائزي، بأن هذه المشاهد قد تتبخر فجأة. وعلى من يريد أن يحالفه الحظ بهذا المشهد أن يبدأ بحجز مكان له في أحد فنادق سانت بطرسبورغ مع بداية العام، أي قبل 6 أشهر تقريباً لعدم تفويت فرصة الإقامة في فندق مناسب، وذلك بسبب الأعداد الهائلة من السياح الراغبين في زيارة المدينة.