برج الذهب.. رحلة إلى بقايا زمن جميل في إشبيلية الإسبانية
العين الإخبارية
برج الذهب.. تحفة معمارية صامدة في إشبيلية الإندلسية
برج إشبيلية أو برج الذهب بالإسبانية، الذي كان يمثل جزءا من تاريخ المنظومة الدفاعية لمدينة إشبيلية، ويعد حاليا معلماً سياحياً من معالم التراث العمراني الإسلامي، بعد أن تحول منذ عام 1994 إلى متحف للمعدات البحرية الأثرية الإسبانية من العصور الوسطى.
البرج الذي يقع على ضفة نهر (الوادي الكبير) في مدينة (إشبيلية) يتميز عن سواه بأضلاعه الـ12 ما يعد نوعا من الابتكار المعماري في صناعة الأبراج في عهد المسلمين بالأندلس.
واشتهرت إشبيلية في ذلك الوقت بالتحصينات الدفاعية وبأسوارها المنيعة التي كانت واحدة من أطول الأسوار في أوروبا تمتد لمسافة تفوق 6 آلاف متر ومدعومة بأكثر من 160 برجا.
وقد بني البرج في عهد الدولة الموحدية لأغراض عسكرية، بناه آخر أمرائها بالأندلس أبو العلاء إدريس الكبير في سنة 617 هجرياً/ 1220 ميلادياً لصد هجمات الإسبان، وقد ظهرت فاعلية البرج في حصار الإسبان للمدينة الذي استمر 15 شهراً لم يستطيعوا خلالها اقتحام المدينة بسبب حصانة البرج والأسوار التي تسنده، لكنّ المدينة استسلمت تحت وطأة الجوع، بسبب انقطاع الإمدادات، في عام 1248 ميلاديا، وبعد نحو 28 عاماً فقط من تشييد البرج.
وظل البرج في العهد الإسباني يقوم بنفس الدور الدفاعي، وفي بعض الأحيان استخدم كمستودع آمن حصين تخزن في داخله كنوز المملكة الواردة من أمريكا والهند، وربما استعمل كسجن.
قيل إن برج أشبيلية سمي بـ«برج الذهب» أو بالإسبانية؛ لأن واجهته كسيت عند تشيده في مناطق منها بقطع من البلاط الأصفر، وفي أخرى بمزيج من القش والجير، فكان البرج في الليل المقمر ينعكس على صفحة الماء بلون أصفر متلألئ، وترى بعض الروايات أنه إنما سمي بهذا الاسم؛ لأن ملك قشتالة بيدرو الأول الذي حكم فيما بين (30 أغسطس/آب 1334 - 1369)، أودع فيه كنوزه وكان أغلبها ذهباً، وقيل إن سبب ذلك أنه كانت تخزن فيه كنوز الذهب والفضة الواردة من أمريكا في القرن السابع عشر، حينما كانت أمريكا اللاتينية خاضعة للمملكة الإسبانية.
في العصر الحديث أصبح البرج معلماً سياحياً من معالم التراث العمراني الإسلامي، وتحول منذ عام 1994 إلى متحف للمعدات البحرية الأثرية الإسبانية من العصور الوسطى، خاصة تلك التي استخدمت في اكتشاف الأمريكتين، مثل نماذج لسفن المستكشفين في القرن الخامس عشر، كما يعرض متحف البرج العديد من الأعمال التي تشرح قيمة وتاريخ الوادي الكبير والمرافق البحرية الاستراتيجية لأرض الأندلس، مثل بقايا بحرية، وآليات للفنون البحرية، وأنواع من المناظير البحرية، لوحات ومطبوعات ذات موضوع بحري، رسوم بيانية للبحرية القديمة، وثائق تاريخية، وبعض المدافع من القرن السابع عشر.