إن خفض انبعاثات غازات الدفيئة ليس كافيًا لوقف ظاهرة الاحتباس الحراري، وفي هذه المرحلة، سيتعين علينا التخلص من بعض ثاني أكسيد الكربون الموجود بالفعل في الغلاف الجوي. والخبر السار في هذا الأمر هو أن هناك الكثير من الطرق لعمل ذلك بالفعل، أما الخبر السيئ فهو أن هذه الأساليب تتطلب بشكل عام كميات هائلة من الطاقة.

وسيتمثل عمل التكنولوجيا المُثلى لعزل الكربون من الجو في توليد الكهرباء بدلًا من حرقها. وفي دراسة نُشرَت في شهر يوليو في دورية “ساينس أدفانسس” Science Advances، يصف كلٌّ من وجدي السادات وليندن أرتشر -باحثان في جامعة كورنيل– تصميمًا لخلية كهروكيميائية يمكنها التقاط ثاني أكسيد الكربون من الجو.

يُصنَع القطب الموجب للبطارية من الألومنيوم المعدني، والذي يتميز بأنه رخيص ومتوفر كما أنه سهل الاستخدام، في حين يتكون القطب السالب من الكربون المسامي، والذي يحقنه الباحثون بخليط من غازي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون. يتفاعل الألومنيوم والأكسجين وثاني أكسيد الكربون داخل البطارية لإنتاج الكهرباء وأوكسالات الألومنيوم. ويقول السادات وأرتشر إنه على مدى العمر الافتراضي للبطارية التي يبلغ جهدها 1.4 فولت، فإن الخلية التي صمماها تقوم بعزل كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوجرام من الألومنيوم المستخدم.


وقد اتضح أيضًا أن المنتَج الكيميائي الثانوي الذي ينتهي إليه الكربون –أي أوكسالات الألومنيوم- ذو قيمة كبيرة؛ إذ يُقدر الطلب العالمي على الأوكسالات -والتي تُستخدم كعامل تنظيف وتبييض- بحوالي 230 ألف طن متري سنويًّا، وكل طن يأتي من المنتجات الثانوية للبطارية هو طن نوفر على أحد المصانع التي ينبعث منها الكربون إنتاجه. وبحساب جميع كميات الكربون التي يمكن توفيرها، فإن هذه البطاريات تجمع 3.52 كجم من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوجرام من الألومنيوم المستخدم في صناعتها. ويوضح أرتشر هذا قائلًا: “إذا وضعنا في الحسبان المصادر الرئيسية لانبعاث ثاني أكسيد الكربون، فإن هذه البطاريات تربح المنافسة وتحتل الصدارة”.

ويقول أرتشر إنه لا تزال تفصلهما مسافة طويلة عن تحويل تصميمهما إلى تكنولوجيا قابلة للاستخدام. ففي البداية، يحتاجان إلى إثبات أن هذه التكنولوجيا اقتصادية من حيث التكلفة وقابلة للتوسع. وإذا تمكنا من القيام بذلك، يتصور أرتشر أنه في يوم من الأيام ستجد هذه البطاريات طريقها إلى الاستخدام في محطات توليد الكهرباء أو الأنابيب التي تنبعث منها عوادم السيارات، ويضيف: “بهذه الطريقة، فإننا لن نتخلص فقط من غاز ثاني أكسيد الكربون، بل سنستخدمه”.