وجاء في مضمون الجواب لسماحة العارف بالله اية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس الله سره)
وجوابه : إننا في حدود تصورنا الممكن لنا، يمكننا أن نحدد ونعد عدة مصالح حقيقية ومهمة، لذلك نوجزها فيما يلي:
أولا : إنه أخذهم امتثالاً لأمر الله سبحانه، لأنه هو الذي أمر بذلك. وهذا صحيح أكيداً، ومن شواهده تلك العبارة الواردة: [شاء الله أن يراهنَّ سبايا]. ولكننا اذا أردنا الغرض من الحكمة الإلهية في ذلك، وأن الله سبحانه لماذا أمره بذلك، لم نجده في هذا السبب وجهاً كافياً، فنعود إلى الوجوه الأخرى التالية.
ثانيا : إنه أخذهم معه ليشاركوه في نيل الثواب العظيم المذخور لشهداء كربلاء، كل منهم بمقدار استحقاقه، فلماذا يكون الثواب حكراً على الرجال دون النساء، ولماذا يكون له منه حصة الاسد ويحرم الباقون، بل الثواب ينبغي أن يوزع على أوسع نطاق ممكن. وهكذا كان.
ثالثا : إنهم جاءوا معه بطلب منهم وقد استجاب لطلبهم فأخذهم معه. وقد جاء هذا الطلب حباً له وشوقاً إليه واستيحاشا من فراقه، وليس كل ذلك أمراً دنيوياً فحسب، بل هو كذلك بصفته إمامهم وقائدهم وولي الله بينهم. مضافاً إلى توقعهم نيل الثواب معه، كما أشرنا في الوجه السابق.
رابعا : إنهم جاءوا معه أو إنه أخذهم معه، بحسب الحكمة الإلهية، ليكملوا ثورة الحسين بعد مقتله، كما حصل ذلك على أفضل وجه. وذلك بان يكونوا ناطقين أمام المجتمع بأهداف الحسين وأهمية مقتله والإزراء بأعدائه. ويمارسوا الإعلام الواسع حينما لا يكون الرجال قادرين على ذلك بعد موتهم واستئصالهم.
وهذا الإعلام كان ضرورياً للمجتمع تماماً، والإ لذهبت حركة الحسين سلام الله عليه في طيِّ النسيان والكتمان، ولما أثرت أثرها البليغ في مستقبل الدهر. فكان من الضروري في الحكمة الإلهية وجود النساء معه لكي يعبرن عن الحسين ويدافعن عنه بعد مقتله.
ومن هنا [شاء الله أن يراهنَّ سبايا]. لأن هذا السبي دليل عملي قاطع على فضاضة أعدائهم وما يتصفون به من القسوة واللؤم وعدم العناية بالدين، وهذا وحده يكفي للإعلام إلى مصلحة الحسين سلام الله عليه فضلاً عن غيره.
وهذا التعريف المتأخر عن ثورة الحسين سلام الله عليه ليس لأجل مصلحة الحسين نفسه، ولا لمصلحة أصحابه المستشهدين معه، لأنهم نالوا بالشهادة ما رزقهم الله جل جلاله من المقامات العالية في الدار الآخرة. وإنما هذا الإعلام أراده الله سبحانه لأجل الناس وهداية المجتمع. فما يقال: من انه إكمال لثورة الحسين سلام الله عليه، يراد به الجانب الظاهري في الدنيا، لا الجانب الباطني في الآخرة.
وهذا التعريف كما يصلح أن يكون تبكيتاً وفضحاً لأعداء الحسين سلام الله عليه في كل جيل. وردعاً عن التفكير في مثل هذه الجريمة النكراء لكل حاكم ظالم على مدى التاريخ. كذلك يصلح لهداية الناس نحو الحسين سلام الله عليه وبالتالي نحو دين الله عز وجل ونحو أهداف الحسين الإلهية، وبالتالي نحو طاعة الله عز وجل والتربية الصالحة في إطاعة الدين، وعصيان الشهوات والتمرد على كل ظلم وفساد، سواء كان في المجتمع أم في النفس الأمارة بالسوء.
ـــــــــــــ ..... ـــــــــــــ ..... ـــــــــــــ ..... ـــــــــــــ ..... ـــــــــــــ
الجواب للسيد اية الله العظمى محمد محمد صادق الصدر (قدس الله سره)
في كتاب اّضواء عَلى ثـَورة الحُـــسين(عليه السلام)