حين ظهرت المشناه، قامت مجموعة من الحاخامين عُرفوا بالأمورائيم (بين القرنين الثالث والسادس للميلاد) بمناقشة هذا المؤلّف، والزيادة عليه، وإدخال التعديلات والتوفيق بين أمور كانت تبدو كأنها متناقضة. وحصيلة هذا الاجتهاد هي الغمارا. وتشكل الغمارا والمشناه معاً التلمود (جمع: تلموديم)، وتعني هذه الكلمة: الدراسة.
في الواقع يوجد تلمودان: التلمود الأورشليمي (تمّ جمعه في أرض اسرائيل) والتلمود البابلي. ويشمل التلمود البابلي 37 من مجموع الـ 63 باباً القائمة عادياً، كما يرد فيه العديد من المؤلفات المتأخرة؛ وهو يشمل 2.5 مليون كلمة في 4,894 صفحة. أما التلمود الأورشليمي فإنه يختلف في مبناه، وهو أقصر من التلمود البابلي، بالغ الإيجاز، وقد يكون مُلغزاً احياناً، ويتركز في الأمور القانونية. أما التلمود البابلي، فإنه يحوي كمية أكبر من مواعظ الكتاب المقدس وتفسيراته، ومن الأسهل مواكبة مناقشاته.
تلتزم الغمارا عادة بمبنى المشناه، ولكنها تتفرع بالاستطراد وتداعي الأفكار إلى شؤون أخرى، وهكذا يتكون مزيج من الملاحظات ذات الطابع الحر، قد تكون في القانون أو الأخلاق أو في طرائف مختلفة.
وجاءت صياغة جزء كبير من التلمود بالآرامية، خلافاً للمشناه. ونظراً للطابع الخاص للتلمود وكونه القاعدة للافتاءات الدينية التي ينطبق الكثير منها على الحياة اليومية، فان التفاسير بشأن هذا المؤلف وافرة وغزيرة.
والأسلوب المتبع في التلمود يتّسم بطابع المحادثة أو بأسلوب الحذف، على غرار "ملاحظات للمحاضرة". وقد تكون لنصوص التلمود، خلافاً لنصوص الكتاب المقدس، أوجُه مختلفة للقراءة، كما تكثر فيها أخطاء الناسخين، والاقتباسات غير الصحيحة، والتعابير المنمقة التي تهدف أحيانا إلى التملص من رقابة متربصة.
ويحوي كل من التلمود الأورشليمي والتلمود البابلي، اضافةً إلى الهدف الديني الأساسي، معلومات هامة عن الأحداث، والعادات واللغة في ذلك العصر. لذلك، فقد كانا موضع دراسة مفصلة وعميقة من جانب دارسين محدثين في التاريخ وعلم الديانات وعلم اللغات.
بدأت عملية التنظيم المنهجي للتلمود قبل أن يظهر في صيغته النهائية في بداية القرن السادس الميلادي بعدة أجيال. وتعود أقدم المخطوطات القائمة اليوم من التلمود إلى القرن التاسع. وأصدر دانيال بومبرج، وهو مسيحي، أول تلمود كامل مطبوع بين عامي 1520-1523. وابتكرت دار نشره شكلاً هيكلياً للتلمود ظل قائما حتى الآن دون أن يطرأ عليه أي تغيير، بما في ذلك ترتيب الصفحات والنموذج الطباعي للتفاسير الرئيسية.
إلى جانب المشناه والتلمود تراكمت مجموعة من النصوص المخصصة لتفسير الكتاب المقدس والمعروفة باسم ميدراش (جمع: ميدراشيم). وأقدم نصوص الميدراش تحوي نصوصاً تفسيرية للحكماء من عصر التنائيم. وتخوض هذه النصوص في الهلاخا (الفتاوى الشرعية) والأغادا (الأساطير).
في عصر الأمورائيم كان تفسير التوراة يقتصر على الشؤون المتعلقة بالأساطير (أغادا). وأهم مجموعة لتفسيرات الأمورائيم هي ميدراش رابا، وتأتي فصوله حسب ترتيب أسفار الكتاب المقدس، وتحوي تفسيرات حسب السطور (مثلاً: بريشيت رابا - عن الخليقة) وتفسيرات أوسع تتميز بالطابع الوعظي (مثلا: فايكرا رابا – عن اللاويين).