أنا ذلك الرجل القادم من تضاريس الجبال الشاهقة الذي يحمل في جوفه صمودها و لكنه يحمل في قلبه عطف الكون بأجمعه على هذه الإنسانية التائهةأنا تلك الروح القادمة من أعالي البساطة و النقاء
و الخارج من كتب التاريخ و جغرافيا الروايات العالمية
كان في حوزتي كتابا عندما جئت إلى الدنيا
و كنت أقرأ الشعر في مسمع أغنامي التي كنت أرعاها
كان يجذبني الصفاء منذ أول وهلة شعرت فيها بالحياة
صوت فيروز الصباحي كان الحافز الأول لي على كتابة الشعر
عندما غنت لي مرة (يا مراسال المراسيل) انبثق في قلبي الحنين بشكل مفاجئ لكل الأشياء التي لم أعرفها بعد
فمتلئت قصائدي بالحنين إلى النور و العدل و الحب و الخير لكل البشرية
و عندما صدحت مرة أخرى بأغنيتها (يا جبل لبعيد)
نادتني من أعماق روحي قصيدة لتلك الفتاة التي لم أجدها بعد
صوت أمي في الصباح أيضا كصوت فيروز تماما
يمنحني الدفء والنشاط
و في ذات مساء غنت لي أم كلثوم رباعيات الخيام و صدحت بقوله:
"أولى بهذا القلب أن يخفقا
و في ضرام الحب أن يحرقا
ما أضيع اليوم الذي مرَّ بي
من غير أن أهوى و أن أعشقا"
شعرت عندها أن شيئ ما تحرك في أعماقي
و أن الليل أصبح ضياءا بصوت أم كلثوم السماوي
عندما احببت في المرة الأولى كانت حبيبتي قصيدة
و في المرة الثانية كانت حبيبتي أغنية
ثم استحالت إلى رواية طويلة
فعندما بدأت أشعر برغبة في الحب جنحت إلى الخيال و كتبت قصيدة جعلتها حبيبة لقلبي
أصبحت الآن شاعرا لأني لم أجيد الحديث الأرضي الذي كان يجيده أصدقائي
فتحدثت بالشعر لأظهر للحياة بشكل أوضح مدى رغبتي في المثالية و الإنسانية