أنواع الحروف
الحرف في اللغة هو الطَّرف، وقد سُمِّي حرفاً؛ لأنه يأتي في طرف الكلام، وتنقسم الحروف إلى قسمين: عاملة، وغير عاملة، أمّا الحروف العاملة، فهي الحروف التي تُؤثِّر في ما دخلت عليه بالرفع، أو النصب، أو الجرّ، أو الجزم، كحروف الجر، وحروف النصب مثلاً، وأمّا الحروف غير العاملة فهي مُهمَلة، لا تُؤثِّر في ما بعدها رفعاً، أو نصباً، أو جرّاً، أو جزماً، كحروف العطف، وكهمزة الاستفهام، مثل: أَحَضر عمر؟ فدخول همزة الاستفهام على الاسم، أو على الفعل، لا يغيِّر في حالة الإعراب وعلامته.
حروف العطف ومعانيها
تشترك بعض حروف العطف في المعنى الذي تدلّ عليه، وهي: الواو، الفاء، ثم، أو، أم، وحتى. أمّا الحروف التي تختلف في المعنى الذي تدلّ عليه فهي: بل، لكن، ولا. وفي ما يأتي المعاني التي تدلّ عليها حروف العطف:
الواو: تُفيد الواو معنى المشاركة دون ترتيب، كالمثال السابق: حضر خالدٌ وزيدٌ. فقد اشترك المعطوف عليه (خالد)، والمعطوف (زيد) في الحضور، ولم تُفِد الواو الترتيب في حضورهما، وقد تفيد الاشتراك في الفعل مع قلّة الترتيب؛ إذا كان هناك دليل، مثل: دخل المدير ومساعده إلى الغرفة؛ إذ غالباً ما يدخل المساعد بعد المدير، وقليلاً ما تفيد الواو التخيير، كأن يُقال: اركب السيارة والدراجة، أو التقسيم، مثل: يُقسَم الفعل إلى ماضٍ، ومضارع، وأمر. الفاء: تفيد الترتيب مع التعقيب -أي بعد الفعل مباشرة- مثل: دخل الطبيب ففحص المريض، أي دخل أولاً ففحصه مباشرة بعد دخوله. وكثيراً ما تتضمّن الفاء بالإضافة إلى الترتيب، معنى السببيّة في عطف الجمل، مثل: اجتهدنا فنجحنا، أي نجحنا بسبب اجتهادنا.
ثمّ: تُفيد الترتيب مع التراخي -أي قد يكون هناك مدة زمنية- مع المشاركة، أو دونها مثل: سافر خالدٌ ثم زيد، حزمتُ أمتعتي ثم سافرت.
أو: ولها معانٍ عديدة كالتخيير، مثل: سأخرج الساعة الواحدة أو الثانية، وتفيد الإباحة، مثل: صاحِب العالِمَ أو الزاهدَ -أي يبيح ويسمح له بأمرين، ويدلّ حرف العطف (أو) على اختيار أمر واحد فقط،- وتُفيد أيضاً الشك، مثل: جلسنا ساعةً أو ساعتين، وتأتي لتدلّ على الإبهام، مثل القول: أنا أو أنت مخطئ، فالمُتكلِّم يعرف أن المخاطَب هو المخطئ إلا أنَّه ذكر كلامه بهذا الوجه؛ تأدُّباً وليس شكّاً، وتأتي للإضراب عن القول الأول، مثل قول الله تعالى: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)،
وتفيد التقسيم، مثل: تُقسم الكلمة إلى: اسم، أو فعل، أو حرف. وجدير بالذكر أنّ (إمّا) تأتي بمعنى (أو)، لكنَّها ليست حرف عطف، كأن يُقال: كنّا إمّا خمسة رجال وإمّا ستة.
أم: وتفيد التعيين، وتُسبَق إمّا بهمزة التعيين؛ إذا طُلب تعيين أحد الأمرين، مثل: أتحبّ أن تلعب كرةَ القدم أم كرةَ اليد؟ وإمّا أن تُسبَق بهمزة التسوية التي تُسبَق بكلمة سواء، مثل: (وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ).
حتى: وهي خاصة ببلوغ المعطوف الغاية بالنسبة إلى المعطوف عليه من زيادة أو نقصان، مثل: احتفظ البخيل بماله حتى القروشِ، ويكون المعطوف جزءاً أو بعضاً من المعطوف عليه، ويكون اسماً ظاهراً وليس ضميراً، فلا يصحّ القول: وصل جميع الموظفين حتى هو؛ لأنَّ المعطوف هنا ضمير. وتأتي (حتّى) أيضاً جارّة لما بعدها، بمعنى انتهاء الغاية المكانية، أو الزمانية، مثل: بقينا حتى الساعة الخامسة، ويأتي الفعل المضارع بعدها منصوباً؛ حين تكون بمعنى (إلى أن)، وقد أُضمِرت أن وُجوباً بعد (حتى)؛ لذلك يأتي الفعل بعدها منصوباً، كما في قول الله تعالى: (وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ).
بل: وتفيد الإضراب عن القول الأول؛ إذا جاء مُثبَتاً نحو: كتبتُ مقالةً بل قصة، أو استدراكه؛ إذا جاء منفيّاً، أو منهيّاً عنه، مثل: لا تُصاحب الأحمق بل العاقل.
لا: وهي نافية للعطف، تفيد إثبات الحكم لما قبلها، ونفي الحكم لما بعدها، مثل: ينتصر القويُّ لا الضعيفُ.
لكنْ: وهي ساكنة النون وليست مشدّدة، وتفيد الاستدراك، بشرط ألّا تقترن بالواو، وأن تكون مسبوقة بنفي أو نهي، وأن يكون معطوفها مفرداً وليس جملة، مثل: لا تشرب ماءً عكراً لكن صافياً.
أسلوب العطف هو أسلوب يتوسَّط فيه حرف العطف بين المعطوف عليه، والمعطوف، مثل: سامية جميلة وخلوقة، وقد توسّط حرف العطف الواو بين المعطوف (خلوقة) والمعطوف عليه (جميلة).
وتدخل حروف العطف على الاسم، والفعل. ويتّضح من خلال المثال السابق أنَّ أركان العطف هي بالترتيب: المعطوف عليه، وحرف العطف، والمعطوف، ويتَّفق المعطوف، والمعطوف عليه في حالة الإعراب من رفع، أو نصب، أو جر، أو جزم، وقد يشتركان، أو يختلفان في الدلالة، كأن يُقال: حضر خالدٌ وزيدٌ، فقد اشترك خالد وزيد في المدلول والمعنى وهو الحضور، واشتركا في الرفع. أمّا في جملة: سنخرج إلى الملعبِ بل الحديقةِ، فقد اختلف المعنى، ولم يشترك المعطوف (الحديقة)، والمعطوف عليه (الملعب) في معنى الخروج، واشتركا في الجرّ.[١٣] عطف البيان أسلوب العطف نوعان:
عطف النَّسَق وهو ما سبق الحديث عنه،
عطف البيان : الذي يُلحق بالبدل المطابق. ومثاله: قرأتُ قصيدة للشاعر المتنبي، فالمتنبِّي عطف بيان بدل ممّا قبله، وهو الشاعر.
إعراب المعطوف والمعطوف عليه
التوابع في اللغة العربية أربعة، هي: النعت، والعطف، والتوكيد، والبدل، والتابع هو ما يتبع قبله في الإعراب رفعاً، أو نصباً، أو جرّاً، أو جزماً، وعليه يُعرَب الفعل، أو الاسم المعطوف إعراب المعطوف عليه، فيتبعه في الرفع، أو النصب، أو الجر، أو الجزم، ويُعرَب المعطوف عليه حسب موقعه الإعرابيّ، ومثال ذلك: لم يأتِ خالدٌ بل زيدٌ، حيث يُعرَب الاسم (خالد) فاعلاً مرفوعاً وهو معطوف عليه، ويُعرَب الاسم (زيدٌ) معطوفاً مرفوعاً وعلامة رفعه تنوين الضم الظاهر على آخره.
أمّا في الآية: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)،[١٥] فإنّ الفعل (خلق) يُعرَب فعلاً ماضياً وفاعله ضمير مستتر، والجملة الفعليّة من الفعل وفاعله صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب
والفاء حرف عطف يفيد الترتيب والتعقيب، ويُعرَب الفعل (سوّى) فعلاً ماضياً معطوفاً على الفعل (خلق)، وفاعله ضمير مستتر.