عرف العصر الأيوبى عدداً من من الشعراء و الكتاب نقف عند عدد منهم من أجل إعطاء صورة عامة عما كان عليه الأدب فى ذلك العصر ...
أبن سناء الملك:
- هو القاضى السعيد هبة الله بن القاضى الرشيد جعفر بن المعتمد سناء الملك.ولد فى سنة خمسين و خمسمائة،و أخذ الحديث عن الحافظ أبى طاهر أحمد بن محمد الموشحات فأجاد فيها و نال شهرة واسعة.بين شعراء عصره،له فى الموشحات ديوان "در الطراز"،و فى الشعر و النثر و المراسلات كتاب جامع سماه "نصوص الفصول و عقود العقول"، كما أختصر كتاب "الحيوان" للجاحظ و سماه "روح الحيوان".
و من أمثلة نظم ابن سناء الملك:
و ما كان تركى حبه عن ملالة
ولكن لأمر يوجب القول بالترك
اراد شريكا فى الذى كان بيننا
و إيمان قلبى قد نهانى عن الشرك
و من قوله:
يا عاطل الجيد الا من محاسنه
عطلت فيك الحشا الا من الحزن
فى سلك جفنى در الدمع منتظم
فهل لجيدك فى عقد بلا ثمن؟؟؟
أبن النبيه المصرى:
- هو كمال الدين بن النبيه المصرى،كان أديباً و شاعراً بارعاً.أتصل بالملك الأشرف موسى،و كتب له إن الإنشاء.له ديوان شعر منقح يدل على براعته فى النظم،على جمال اللفظ و رقة العبارة: لاسيما فى الغزل و الخمريات.و تكثر فى قصائده الصور البيانية المتنوعة من مثل قوله فى الغزل و الخمريات.و تكثر فى قصائده الصور البيانية المتنوعة من مثل قوله فى الغزل:
صن ناظراً مترقباً لك ان يرى
فلقد كفى من دمعه ما قد جرى
يا من حكى فى الحسن صورة يوسف
آها لو إنك مثل يوسف تشترى
ولأبن النبيه قصيدة غزلية مشهورة منها هذه الأبيات:
أفديه أن حفظ الهوى أو ضيعاً
ملك الفؤاد فما عسى أن أصنعا
من لم يذق ظلم الحبيب كظلمه
حلواً فقد جهل المحبة و أدعى
يا أيها الوجه الجميل تدارك الصبر-
الجميل فقد عفا و تضعضعا
هل فى فؤادك رحمة لمتيم
ضمت جوانحه فؤاداً موجعاً؟؟؟
ابن مطروح:
- هو شاعر من أبناء صعيد مصر،ولد بأسيوط و نشأ بها،و أقام بقوص من بلاد الصعيد مدة،و تنقلت به الأحوال،فأتصل بالملك الكامل و دخل فى خدمته.وكان الملك الصالح إذ ذاك نائباً عن ابيه الملك الكامل بالديار المصرية.ولما تسلم الملك الصالح ملك مصر جعل ابن مطروح ناظراً فى الخزانة.كما عين وزيراً لما أصبحت دمشق فى حكم الملك الصالح.ثم تقلبت أحوال بين اليسر و العسر،إلى أن توفى بمصر و دفن فى سفح جبل المقطم.
أورد ابن خلكان فى "وفيات الأعيان" عن ابن مطروح قوله "كانت أدواته جميلة.جمع بين الفضل و المروءة و الأخلاق المرضية".و أضاف ابن خلكان قوله انه كانت تجمع بينه و بين ابن مطروح مودة قوية.
و يورد ابن خلكان ما كان بين ابن مطروح و البهاء زهير من صداقة،فيقول: " كانت بينه و بين بهاء الدين زهير صحبة قديمة من زمن الصبا،و أقامتهما ببلاد الصعيد،حتى كانا كالأخوين و ليس بينهما فرق فى أمور الدنيا.ثم أتصلا بخدمة الملك الصالح،و بينهما مكاتبات بالأشعار فيما يجرى لهما".
ولابن مطروح شعر غزلى يتمثل فيه طابع العصر و هو أصطناع المحسنات البديعية،و من ذلك :
هى رامة فخذوا يمين الوادى
وذروا السيوف تقر فى الأغماد
وحذار من لحظات أعين عينها
فلكم صرعن بها من الاساد
من كان منكم واثقاً بفؤاده
فهناك ما أنا واثق بفؤادى
و ينتزع ابن مطروح فى بعض قصائده منزعاً صوفياً،يتوس فيها إلى ربه بالدعاء،ويلتمس منه الشفاء فقال مناجياً ربه:
يا رب ان عجز الطبيب فدوانى
بلطيف صنعك واشفنى يا شافى
أنا فى ضيوفك قد حسبت و إن من
شيم الكرام البر بالأضياف
جعفر بن شمس الخلافة:
- هو أحد أدباء العصر الأيوبى الكبار،له مصنفات جمع فيها منتخبات تدل على جوده أختياره.كما كان شاعراً مجيداً فترك ديواناً متنوع الموضوعات الشعرية.ومن شعره قوله فى مجال الحكمة:
هى شدة يأتى الرخاء عقيبها
و أسى يبشر بالسرور العاجل
و إذا نظرت فان بؤساً زائلاً
للمرء خير من نعيم زائل
البهاء زهير:
- هو البهاء زهير بن محمد بن على بن يحيى بن الحسن الأزدى المصرى.ولد فى أحد ضواحى مكة،وقضى حياته عاملاً فى مصر و غيرها من المناطق العربية،بعدما دخل فى خدمة الملك الصالح أبى الفتح أيوب بن الملك المالك الكامل.وقد بلغ رتبة الرياسة لديوان الأنشاء فحل مكان صديقه القاضى عبد الرحيم البيسانى.
كان البهاء زهيرمن فضلاء عصره و أحسنهم نظماً و نثراً و خطاً،و من أكرمهم أخلاقاً.أما شعر البهاء زهير فشائع بين الناس، وقد طبع ديوانه غير مرة و نقلت منه قصائد إلى الفرنسية و الإنجليزية،ويمتاز شعره بخفة الروح و رقة المعانى،كما تفيض بعض ألفاظه بالنكات المستملحة. و من شعره:
كيف خلاصى من هوى
مازج روحى و أختلط
وتائه اقبض فيه
حبى له ما أنبسط
يا بدر ان رمت به
تشبها رمت شطط
ودعه يا غض النقا
ما انت من ذاك النمط
وتجدر الاشارة إلى ان شعر البهاء زهير مرآة صادقة تتجلى فيها الروح المصرية التى تمتاز بالدعابة و خفة الروح،كما إنه يجد لذة فى تذكر الأمكنة التى تعود أرتيادها فى مصر و خارجها.
و البهاء زهير ،فى كل ما طرق من فنون الشعر،لا تكاد تفارقه هذه الروح المصرية.و شعره فى شؤون الدين و الدنيا،فى المدح و الهجاء،فى الغزل و الخمريات.
أما فى النثر فقد ذهب البهاء زهير فى إصلاح الأدب العربى إلى وضع طريقة جديدة خرج بيها عن التقاليد المرسومة فى طريقة الكتابة.فهو يميل إلى الإيجاز بدل الأطناب،و يقتصد فى زخرفة الألفاظ كما ينزع الى الموضوع و البساطة،فلا يلجأ كثيراً إلى المجاز و المناية.
القاضى الفاضل:
- بلغ القاضى الفاضل فى النثر الفنى شأناً عجز عن بلوغه سائر أدباء العصر الأيوبى.وهو عبد الرحيم بن على البيسانى اللخمى،ولد بعسقلان فى فلسطين حيث ألم باللغة و الأدب.ثم أنتقل إلى الأسكندرية و عمل فى دواوينها.ثم أشتهر بين الأدباء فنقل إلى القاهرة زمن العاضد الفاطمى.و للقاضى الفاضل نتاج نثرى متنوع و ديوان شعرى،وقد توفى سنة 596 هـ.