[ لو رفع ابنك صوته عليك ماذا تفعل؟ ]
.

قال أنا متضايق جدا من ابني المراهق؛ لأنه صار مدمنا على الألعاب الإلكترونية، ثم أضاف بقوله إني متوقع أن يكون ابني مثلي أو أحسن مني ولكنه صار خلاف ما توقعت وبدأت أشعر باليأس والإحباط، فقلت له: كم مرة باليوم تنتقد ابنك عندما تشاهده يلعب بالألعاب الإلكترونية؟ قال: كثيرا، قلت: وهل جربت أن تأخذه معك عندما تخرج مع أصحابك أو عند إنجاز مهمة؟ أو هل تجلس معه كل يوم ساعة كاملة تخطط معه لعمل برنامج مشترك؟ أو أنك تشبع شغفه التعليمي بأشياء يهتم بها؟ أو تعرفه على أشياء جديدة وخبرات جديدة بالحياة؟ أو أنك تكلفه ببعض المسؤوليات ليعملها؟ فصمت وهو ينظر إلي، فقلت له: لماذا أنت صامت؟ قال: لأني لم أفعل كل ما ذكرته أو قد أكون فعلتها مرة أو مرتين ولما لم أر نتيجة لم أكررها، قلت: إذن ابنك جيد لأنه عرف كيف يستغل وقته بالألعاب الإلكترونية بدلا من عمل المشاكل، فاستغرب من كلامي.

ثم قلت له: إن أبناءنا المراهقين يكرهون فينا عدم فهمنا لهم في هذه المرحلة لأنهم انتقلوا من عالم الطفولة إلي عالم الكبار، ولكننا نحن ما زلنا نتعامل معهم على أنهم أطفال صغار، ولهذا هم لا يتفاعلون معنا ولا يستجيبون لنا، وبعض الآباء لديهم (عقلية المباحث) مع أبنائهم؛ لأنهم يراقبونهم 24 ساعة ويتجسسوا عليهم فيخسرون أبناءهم، وبعض الآباء لديهم (العقلية التسييبية) وهي أن يتركوا الحبل على الغارب ولا يسألوا أبناءهم أين خرجوا أو من أين جاؤا، قال: وأنا صرت بالنهاية بعدما صار عندي احباط من هذه العقلية التي تتحدث عنها.

قلت: لا بد أنك تفرق بين حل المشاكل التعليمية أو الصحية وبين المشاكل الاجتماعية والتربوية، فالتعليمية والصحية وغيرها ربما تعالج المشكلة بيوم أو يومين وتعرف خطوات العلاج بوضوح من جلسة واحدة، بينما المشكلة الاجتماعية وخاصة التربوية تحتاج لوقت طويل وأن تجرب أكثر من خطة علاجية وحل حتى تنجح بالعلاج، وقد يستغرق منك هذا الجهد أشهر أو سنوات، قال: هذا ما اكتشفته مؤخرا، قلت: والمراهق عندما يرفض توجيهك أو كلامك فلا يعنى ذلك أنه مقتنع برفضه، بل قد يكون هو مقتنع بكلامك ولكنه يريد أن يرى أبا قويا في النقاش والجدال، ويشاهد أبا واثقا من نفسه لأنه يمر الآن بمرحلة النضج وإثبات الذات، أو قد يكون هو سعيد بالألفاظ اللغوية التي يستخدمها لأول مرة في حياته أثناء النقاش معك بسبب النمو اللغوي والمعرفي عنده، فأنت لا تأخذ الموضوع بشكل شخصي وتفقد علاقتك بابنك لأنه رفض توجيهك.

وإذا ارتفع صوت ابنك المراهق عليك بالنقاش فلا تكمل معه النقاش، بل قل له طالما الأصوات ارتفعت فنتوقف عن النقاش ساعة ثم تعال لنكمل النقاش، حتى لا تتحول العلاقة لتحد ورفع للصوت والضرب أحيانا، وأنا أعرف كثيرا من العائلات خسرت أبناءها وبناتها في مرحلة المراهقة بسبب رفع أصواتهم وعدم احترام الوالدين وقت النقاش.

والأمر الأخير والمهم، أن المراهق تزداد مشاكله الخارجية؛ كلما فقد ذاته وثقته في بيته وبين عائلته وأرحامه، فارتباط المراهق بعائلته مهم جدا؛ لأنه بهذه المرحلة يبحث عن الانتماء، فلا نعطه فرصة لينتمي بصحبة سيئة في الخارج، بل نعزز ثقته بنفسه ونربطه بعائلته ونساعده على اختيار الصحبة الصالحة