الجبهات الهوائية:
عندما تتواجه كتل هوائية متباينة الصفات مع بعضها البعض لا تختلط مع بعضها، بل تظل منفصلة عن بعضها بسبب إختلاف كثافتها، ويفصل بينها نطاق انتقالي (Transition zone) أوبيني (Interface zone) يدعى جبهة (Front). وقد اقترح هذه التسمية مجموعة من علماء الأرصاد الجوية السويديون، خلال الحرب العالمية الأولى، إذ شبهوا الكتل الهوائية المتباينة المتواجهة بالجيوش العسكرية المتواجهة مع بعضها عبر جبهة القتال.
يعود سبب عدم إختلاط الكتل الهوائية مع بعضها البعض لإختلاف كثافة هوائها، ولذلك تعرف الجبهة في الدراسات المناخية والأرصاد الجوية أحياناً على أنها "الحد أو النطاق الانتقالي الفاصل بين كتل هوائية مختلفة الكثافة"، وبما أن كثافة الهواء تتعلق مباشرة بدرجة حرارته، لذلك فانه من البديهي أن تشكل الجبهات نطاقا فاصلا بين كتل هوائية متباينة الحرارة. وأحيانا تشكل حداً فاصلا بين كتل هوائية متباينة الرطوبة. وبما أن الكتل الهوائية تكتسب صفاتها الحرارية والرطوبة من أقاليم مصادرها الواقعة في عروض جغرافية مختلفة، فيمكن أن ينظر إلى الجبهات على إنها نطاق يفصل بين كتل هوائية متباينة أقاليم المصدر والخصائص أيضا.
ويجب أن لا ينسى أن للكتل الهوائية متداد أفقي سطحي وآخر علوي. ولذلك فان نطاق الجبهة الفاصل بين الكتل الهوائية المتباينة يمتد على كل المساحة بين الكتل- ويشغل نطاقا ثلاثي الأبعاد (طولي وعرضي وعمودي). وفي الواقع يشكل الامتداد العلوي للجبهة سطحاً أو نطاقاً يدعى السطح الجبهي (Frontal Surface) أو النطاق الجبهي (Frontal Zone) بينما ينحصر اسم الجبهة (Front) في المواقع التي يتقاطع معها السطح أو النطاق الجبهي مع سطح الأرض (الشكل 3).
نتيجة لتجاور الكتل الهوائية متباينة الخصائص على جانبي الجبهة والنطاق الجبهي، يمثل سطح الجبهة نطاق انقطاع في صفات الكتل الهوائية الحرارية والرطوبة والضغط الجوي وحقل الرياح المصاحب لها. لذلك يسود خلال النطاق الجبهي تدرج حاد في كل من درجة الحرارة والضغط الجوي والرطوبة واتجاه الرياح يتولد عنها أنماط من الطقس اليومية. والحقيقة أن تشكل النطاقات الجبهية بين الكتل الهوائية وتحركها يتحكم في الكثير من تغيرات الطقس في المواقع إلي تسود فيها.
عندما تتحرك الجبهات تحت تأثير حركة الرياح العلوية تشبه في تحركها الأمواج. لذلك تدعى أحيانا بالأمواج الجبهية (Frontal Waves). وفي كل الحالات تبدأ الجبهات بالظهور فجأة ويتزايد حجمها وأحيانا يبلغ طولها عدة آلاف من الكيلو مترات ويتراوح اتساعها بين 10و100وحتى 200كم، ثم تتبدد تدريجيا، ليتشكل غيرها من جديد.
أصناف الجبهات:
عندما تتقدم الكتل الهوائية المتباينة باتجاه بعضها البعض منها ما يتقدم ليحل مكان الكتل الأخرى، ومنها ما يتراجع أمام الكتل المتقدمة. وتسمى الجبهة المتشكلة بينهما باسم الكتلة الهوائية المتقدمة. ووفقا لذلك تصنف الجبهات إلى أربعة أصناف رئيسية هي:
الجبهات الباردة، والجبهات الحارة، والجبهات الثابتة، والجبهات المنطبقة.
1-الجبهات الباردة (Cold Fronts) وحالات الطقس المصاحب لها:
تتشكل هذه الجبهات من جراء تقدم الكتل الهوائية الباردة القطبية الجافة (cPk) لتحل مكان الكتل الهوائية المدارية الرطبة الدافئة (mTw) أو المدارية القارية الدافئة(cTw) . وتتراوح سرعة تقدمها بين 15- 27 عقدة (27 و46 كم/ ساعة).
تمثل الجبهة الباردة على الخرائط الطقس والمناخ بخط منحن يحمل على طوله على أبعاد متساوية مثلثات صغيرة تشير إلى اتجاه حركة الجبهة (الشكل 4)، وفي حال كانت الخرائط ملونة ترسم هذه الجبهة باللون الأزرق.عندما تتقاطع خطوط الأيزوبار (خطوط الضغط المتساوي) مع خط الجبهة على هذه الخرائط تلتوي خطوط الأيزوبار مشكلة قطاعا متطاولاً من الضغط المنخفض.
وبسبب برودة الهواء واحتكاكه مع سطح الأرض يكون الطرف الأمامي للجبهة شديد الانحدار نسبيا يتراوح انحداره بين1/100 و2/100 (1- 2%) وسطياً، أما في الأعلى ينحني سطح الجبهة نحو الخلف (الشكل 5).
وعادة يكون الضغط الجوي أكثر انخفاضا في نطاق الجبهة ويزداد كلما ابتعدنا عنها. والحقيقة، عند مرور الجبهة تجنح قيم الضغط الجوي ودرجة الحرارة إلى الانخفاض، لكنها لا تلبث وأن تزداد فوراً وبسرعة في كل مكان ورائها. ولذلك، يتشكل خلال الجبهة تدرج شديد في الضغط ودرجة الحرارة.
وفي نطاق الجبهة يندس الهواء البارد تحت الهواء الدافئ، الذي يرتفع بدوره إلى طبقات الجو الأعلى. وإذا كان هذا الهواء غير مستقر رطب، يتكاثف أثناء ارتفاعه عند وصوله إلى مستوى التكاثف الرفعي مكوناً غيوماً كثيفة من نوع الركامي المزني كولونيمبوس (Cumulonimbus) تؤدي إلى هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية على طول نطاق ضيق من الجبهة. وعلى مستويات عاليه تدفع الرياح العلوية البلورات الجليدية في أعالي غيوم كومولوينمبوس مشكلة غيوم من نوع سمحاقي طبقي "سيروستراتوس" Cirrostratus)) وسمحاقي "سيروس" (Cirrus)العالية التي تظهر أمام الجبهة الباردة بحوالي 100-200كم. وبعد مرور الجبهة، يرتفع الضغط الجوي ويتحول إتجاه الرياح، فإذا كانت جنوبية غربية تتحول إلى شمالية غربية باردة سريعة وتتوقف الأمطار. ويبين الشكل (5) مقطعا عموديا عبر الجبهة الهوائية الباردة وظواهر الطقس المصاحبة لها.
وتتحرك الجبهات الباردة في سرعات مختلفة تصل حتى 50 كم/ الساعة. والحقيقة أنه كلما كانت سرعة الجبهة الباردة بطيئة كلما غطت الغيوم والأمطار وراء الجبهة مساحات كبيرة وكانت غزيرة. وإذا كان الهواء الدافئ المرتفع مستقرا تتشكل غيوم من نوع المزني الطبقي نيمبوستراتوس (Nimbostratus)، ولربما يتشكل الضباب في منطقة هطول الأمطار. أما إذا كان الهواء الدافئ المرتفع مستقرا جافا، فلن يتشكل سوى بعض الغيوم المتفرقة المبعثرة وينعدم الهطول ويسود طقس جاف بارد قارص.
2-الجبهات الدافئة (Warm Fronts) وحالات الطقس المرافقة لها:
تتشكل الجبهات الدافئة نتيجة لتقدم الكتل الهوائية المدارية البحرية الدافئة (mTw)والقارية الدافئة (cTw)لتحل مكان الكتل الهوائية القطبية البحرية الباردة (mPk). تتحرك الجبهات الدافئة على شكل سلسلة من القفزات المتتالية تبلغ سرعة تقدمها حوالي10عقدة (19كم/ ساعة) وسطيا.
ترسم الجبهة الدافئة على خرائط الطقس والمناخ على شكل خط منحن يحمل على طوله على أبعاد متساوية أنصاف دوائر صغيرة تبين الاتجاه الذي تتحرك إليه الجبهة (الشكل4) وإذا رسمت الجبهة على خرائط ملونة فتظهر باللون الأحمر.
عندما تلحق الكتل الهوائية الدافئة بالكتل الهوائية الباردة ينزلق الهواء الدافئ قليل الكثافة فوق الهواء البارد الأكثر كثافة، ويتشكل بينهما على طول نقاط التماس نطاق الجبهة الحارة ممتدا على شكل سطح أفقي مائل على مسافة تزيد عن 1200كم فوق الكتلة الهوائية الباردة ويتراوح ارتفاعه من سطح الأرض عند الجبهة وحتى ارتفاع 7كم، ويتراوح انحداره بين 1/150و1/300 (0.67و 0.33%) وسطيا (الشكل6). ويساعد انحدار نطاق الجبهة البسيط على تطبق الهواء الدافئ المرتفع فوق الهواء البارد السطحي ويؤدي إلى تكوين حالة استقرار جوية يرافقها انقلاب حراري على مستويات منخفضة على طول الأجزاء الوسطى والعالية من النطاق الجبهي (الشكل6).
أثناء ارتفاع الهواء الدافئ الرطب غير المستقر يتشكل على طول نطاق الجبهة المائل أشكال متعددة من الغيوم والسحب تؤدي إلى أمطار غزيرة ومتوسطة لكنها منتشرة على مساحات كبيرة. وتكون درجة الحرارة عند الجبهة السطحية فوق الصفر، لكنها تزداد وراء الجبهة ضمن الكتلة الهوائية الدافئة، وفي الوقت نفسه تتناقص كثيرا أمام الجبهة خلال الكتلة الهوائية الباردة.
على بعد 1200كم من الجهة الحارة، خلال الكتلة الهوائية الباردة، وعلى ارتفاع يزيد عن 7كم تتشكل خلال نطاق الجبهة غيوم من نوع السمحاقي سيروس (Cirrus) العالية التي تنذر بقدوم الجبهة الحارة. وكلما اتجهنا باتجاه الجبهة تزداد الغيوم كثافة وانخفاضا فتتشكل غيوم من نوع السمحاق الطبقي سيروستراتوس (Cirrostratus) المكونة من البلورات الجليدية، ثم تظهر الغيوم الركامية والطبقة المتوسطة التوستراتوس (Altostratus) والركامية المتوسطة (Altocumulus)على ارتفاعات متوسطة. وعلى بعد حوالي 500كم من الجبهة يبدأ تساقط الثلج بغزارة من غيوم المزن الطبقي نيمبوستراتوس(Nimbostratus) الكثيفة، وتسود على السطح رياح جنوبية شرقية سريعة. ويبدأ الضغط الجوي بالتناقص يبطئ مع الإقتراب من الجبهة السطحية. وتأخذ درجة الحرارة بالإزدياد، وعلى بعد 300كم تقريبا من الجبهة تصبح درجة الحرارة معتدلة ويصبح الهواء البارد السطحي ضحلاً، ويتحول الهطول الثلجي تدريجيا إلى هطول مطري يغطي مساحة واسعة. وعلى بعد يناهز 150كم منها تتبخر الأمطار الدافئة فيتشبع الهواء البارد مما يؤدي إلى تشكل غيوم طبقية ستراتوس (Stratus) أو ضباب التبخر. يبين الشكل الجبهة الدافئة والطقس المرافق لها في كل مراحله.
عندما نعبر الجبهة الحارة السطحية إلى الكتلة الهوائية الحارة، تزداد درجة الحرارة ودرجة نقطة الندى وينتقل اتجاه الرياح من جنوبية شرقية إلى جنوبية أو جنوبية غربية ويتوقف انخفاض الضغط الجوي ويتوقف هطول الأمطار.
إن ما ذكر حول الجبهة الدافئة ومراحل الطقس المصاحبة لها يتحقق إذا كان الهواء الدافئ رطبا غير مستقر، أما إذا كان الهواء جافا نسبيا ومستقرا، سيؤدي إلى تشكل غيوم متوسطة وعالية فقط، لكن بدون أمطار. أما إذا كان الهواء رطبا نسبيا وغير مستقر إلى حد ما فسيؤدي إلى هطول زخات مطرية على شكل عواصف رعدية، وقد تتشكل على ارتفاعات متوسطة خلال الهواء البارد السفلي غيوم من نوع الركامية الطبقية ستراتوكومولوس (Stratocumuilus) ناجمة عن تبخر الأمطار وتكاثفها مرة أخرى.
3-الجبهات الثابتة (Station Front)والطقس المصاحب لها:
تتشكل الجبهات الثابتة بين كتل هوائية متباينة لكنها لا تتحرك باتجاه بعضها. وتمثل على خرائط الطقس والمناخ بخط منحن مرسوم عليه على أبعاد متساوية وبشكل متناوب مثلثات صغيرة زرقاء اللون بجهة الكتل الهوائية الدافئة، وأنصاف دوائر صغيرة بجهة الكتل الهوائية الباردة (الشكل4). وعادة تظهر مثل هذه الجبهة بين الكتل الهوائية القطبية القارية (cpk)والكتل الهوائية القطبية البحرية (mpk).
تهب الرياح السطحية على طرفي الجبهة الثابتة باتجاهين متعاكسين متوازين مع الجبهة. وغالبا ما يكون الطقس صحواً أو غائم جزئياً بدون هطول أمطار. لكن في حال وجود هواء دافئ رطب على أحد طرفي الجبهة، يميل هذا الهواء تدريجيا إلى أن ينزلق فوق الهواء البارد فيتشكل غطاء واسع من الغيوم مع أمطار خفيفة واسعة الانتشار. وتحدث مثل هذه الظاهرة في حال تجاور كتل هوائية قطبية (mpk)مع كتل هوائية مدارية (mTw).
انتهاء الجبهات وتجددها:
تظل الجبهات قوية متماسكة طالما ظل التباين الحراري بين الكتل الهوائية على طرفيها موجود. لكن مع مرور الزمن، وتقدم الكتل الهوائية كثيرا في أقاليم مغايرة لأقاليم مصادرها تتعدل صفاتها وخاصة الحرارية منها، فيضعف التباين الحراري بينها وبين المحيط الهوائي الجديد حولها، وتضعف الجبهة تدريجيا وفي نهاية المطاف تتبدد عندما تختلط الكتل الهوائية مع بعضها البعض. وتدعى هذه الظاهرة بتبدد الجبهة "فرنتوليسيس" (Frontolysis).
أما في حال تزايد التباين الحراري بين الكتل الهوائية على طرفي الجبهة، تقوى الجبهة وتتجدد وتصبح أكثر فعالية، وتعرف هذه الظاهرة بتجدد الجبهة فرنتوجينيسيس(Frontogenesis) .
3-الجبهات المنطبقة (Occluded Front):
تعد الجبهات المنطبقة أكثر تعقيداً من بقية الجبهات الأخرى، إذ إنها تتشكل في حال وجود ثلاث كتل هوائية متباينة الخصائص متلاحقة وراء بعضها البعض، أحداها باردة والأخرى باردة جداً مع وجود كتلة هوائية دافئة بينهما. وعادة ماتحدث مثل هذه الحالات في الأعاصير المتشكلة في العروض الجغرافية الوسطى. فيتشكل بين الكتل الهوائية جبهتان هوائيتان متتابعتان، جبهة هوائية دافئة بطيئة في المقدمة متبوعة بجبهة هوائية باردة أو جبهة هوائية باردة جداً تتقدم بسرعة في الخلف (الشكل 7). فعندما تلحق الجبهة الباردة بالجبهة الدافئة ترفعها عن سطح الأرض وتحل مكانها، ملتقية بالكتلة الهوائية الباردة الأمامية مشكلة معها جبهة منطبقة. وبذلك يكون التباين الحراري بين الكتل الهوائية على جانبي الجبهة قليلاً إلى حد ما، كونها كتل هوائية باردة. أما في الأعلى فتظهر الكتلة الهوائية عائمة فوق الكتلتين الهوائيتين الباردتين، غير مؤثرة في درجة الحرارة السطحية.
تمثل الجبهة المنطبقة على خرائط الطقس والمناخ بخط منحن أزرق اللون تظهر على أحد طرفيه مثلثات صغيرة متناوبة مع أنصاف دوائر صغيرة على أبعاد متساوية تشير إلى اتجاه حركة الجبهة (الشكل 4). ويمكن تمييز نمطين من هذه الجبهات المنطبقة:
آ- نمط الجبهة المنطبقة الباردة(Cold-type occluded Front) :
وتعرف أيضاً بالإنطباق البارد (Cold occlusion). ويتشكل هذا النمط من الجبهات عند وجود كتلة هوائية دافئة محصورة بين كتلتين من الهواء باردتين، الأمامية باردة والخلفية أشد برودة. فتشكل الكتلة الدافئة جبهة دافئة مع الكتلة الأمامية الباردة، فعندما تتحرك الكتلة الباردة جداً بسرعة وراء الكتلة الدافئة تندس تحتها فترفعها وجبهتها الدافئة عن سطح الأرض تدريجيا، وتندس تحت الكتلة الهوائية الباردة الأمامية مشكلة جبهة جديدة باردة بينها. وبذلك تظهر الكتلة الهوائية الدافئة في المستويات الأعلى عائمة فوق كل من الكتلتين الهوائيتين الباردتين مشتركة معهما في تشكيل جبهة هوائية دافئة مرتفعة مع الكتلة الهوائية الباردة في الأمام، وجبهة هوائية باردة مرتفعة مع الكتلة الهوائية الباردة جداً في الخلف (الشكل 7).
ب- نمط الجبهة المنطبقة الدافئة (Warm-type occluded Front):
وتعرف أيضاً بالإنطباق الدافئ (Worm occlusion)، ويحدث هذا النمط من الإنطباق، كما هو الحال في الإنطباق البارد، لكن بوجود كتلة هوائية دافئة محصورة بين كتلة هوائية شديدة البرودة في الأمام وباردة في الخلف. فتشكل الكتلة الهوائية الدافئة جبهة دافئة مع الكتلة الهوائية الأمامية الباردة جداً. فعندما تتبع الكتلة الهوائية الباردة الخلفية الكتلة الهوائية الدافئة تشكل معها جبهة باردة، لكنها ما تلبث وأن تندس تحتها فترفعها وجبهتها الدافئة، المتشكلة مع كتلة الهواء الباردة جدا الأمامية، وتنزلق معها فوق الكتلة الهوائية الأمامية الباردة جدا، مشكلة عند سطح الأرض بينها وبين الكتلة الأمامية الباردة جدا جبهة دافئة نسبيا (الشكل 7). وفي الأعلى تتشكل جبهة دافئة مرتفعة في الأمام بين الكتلة الهوائية الدافئة المرفوعة والهواء البارد جدا، وجبهة باردة مرتفعة في الخلف بينها وبين الكتلة الهوائية الباردة.
وكما ذكر سابقاً، فإن مثل هذه الجبهات المنطبقة تحدث عادة في الأعاصير السيكلونية المتشكلة في في العروض الجغرافية الوسطى، والتي تحدث نتيجة للتموجات الحاصلة في التيارات الهوائية العالية. ففي هذه السيكلونات يسود على سطح الأرض حركة هوائية دورانية حلزونية باتجاه عقارب الساعة في النصف الشمالي وعكسها في النصف الجنوبي من الأرض، يلتف فيها الهواء البارد حول الهواء الساخن من الخلف مشكلا معه جبهة باردة، ويندفع الهواء الدافئ إلى الأمام مشكلا مع أطراف الهواء البارد الأمامية جبهة هوائية دافئة. وأثناء تحرك السيكلونات نحو الشرق تحت تأثير التيارات الهوائية العالية، وازدياد الحركة الدورانية الحلزونية تلحق الجبهة الباردة بالجبهة الدافئة مشكلة جبهة منطبقة (الشكل 8).