النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

الجزء الثانى : رواية قنابل الثقوب السوداء

الزوار من محركات البحث: 11 المشاهدات : 331 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    صديق مشارك
    تاريخ التسجيل: December-2018
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 138 المواضيع: 111
    التقييم: 193
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة

    الجزء الثانى : رواية قنابل الثقوب السوداء

    الجزء 2
    عصا الثار بين مخالب الالكترون..
    بعد عام من تولى يعقوب رئاسة وزراء اسرائيل...
    يجلس فطين فى بيته وبجانبه ولده فهمان ، يشاهد التلفاز و يقرأ فى احدى كتب الفيزياء كما هو معتاد كل يوم ، يقرأ ليبتكر بعض الالعاب السحرية الجديدة من خلالها ، ويشرح لولده تكنولوجياتها العلمية او بعض خدعها ، فسمع على احد وكالات الانباء العالمية نية العالم لاستعمار القمر ، تتقدمهم ..الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء ناسا ، وكالة الفضاء الروسية “روس كوسموس”، وكالة الفضاء الأوروبية ESA، إدارة الفضاء الوطنية الصينية (CNSA) وتتابع الوكالة كلامها قائلة..ولم تكن رحلاتهم بالصواريخ بل عبر تقنية المصاعد الفضائية التى بين الارض والمدار القمرى ، هذه المصاعد لم ينتهوا منها بعد ولكنهم على وشك الانتهاء.
    وذكرت المصادر ان المشكلة كلها كانت تكمن فى وجود حبال تتحمل الضغط اكثر من مادة الكيفلار او الانابيب الكربونية الماسية المعروفتين انذاك، حيث ان قوة الشد المطلوبة هى 300 غيغا باسكال وهذه القوة لم تتوفر في المادتين سالفتى الذكر.
    وكل وكالة من هؤلاء تقول انهم حصلوا على مادة اقوى بكثير من هاتين المادتين ولم يفصحوا عنها ، كل ما يقولونه انها مادة خارقة وسر من اسرار الدولة.
    ارتعشت يداه فسقط ما فيها ، ثم نكس راسه وهوت حتى كاد الانكسار وذلة النفس يقتلعاها من جسده.
    وظل على حاله حتى اعلن خبر اخر ، وهو بشان قتيل فندق هيلتون طابا.وهو اعلان خبر تقييد جريمة قتل العالم المصرى المشهور ضد مجهول .وتابع المذيع كلامه..
    المقتول كان من العلماء المشهورين ، كان بروفيسور فى كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية ببيركلى فى كاليفورنيا.
    وهو مصرى الجنسية كما ذكرنا وكان يصحبه بروفيسور امريكى يدعى بيتر ، تخصصه فيزياء طبية ، اختفى إثر الحادث ، وما زالت المخابرات الاسرائيلية تجدّ فى البحث عنه فلم تجده حتى الان.
    كانا عائدين من الولايات المتحدة الامريكية ، وكانت المخابرات المصرية فى انتظارهما فى المطار لاستقبال بروفيسور بيتر وتلبية رغباته ، وكانت رغبته هى اصطحابه والعالم المصرى الى الفندق الذى كان متنازعا عليه بين اسرائيل ومصر والذى انتهى فيه النزاع باحقية ملكيته لاسرائيل.
    والحقيقة ان النزول بالفندق كانت رغبة العالم المصرى وبروفيسور بيتر معاً.
    يعرف فطين هذا العالم جيدا ويعلم مدى اهمية اختصاصه ويعلم انه انتوى ان يعمل فى بلده ، كما يعلم ان الموساد الاسرائيلي متورط فى مسألة قتله ، بل التورط وصل فى ذهن فطين الى حد اليقين.
    وحدّث نفسه قائلا..لم يكن غريبا عنهم مثل هذه الاعتقالات ، فتاريخ اليهود معروف بقتل الافذاذ من العرب ولا سيما المصريين والفلسطينيين ، وانما الغريب ان يعتقل فى صحبة المخابرات المصرية ، وتابع حديث نفسه قائلا ...
    ويُعتقل اين ؟ فى الفندق ! .. الم يكن فندقنا ! ما هذه الدنية !! .. ثم هز راسه وتابع ..
    يبدو ان رئيسنا العار قدمه قربانا لدولة اسرائيل ولاسيما انه عميل وجبان.
    ثم تذكر مقالا قرأه منذ عام تقريبا لاحد الكتّاب المناهضين لحكم الرئيس المصرى الحالى وقد قيل فيه...
    فمن شانه انه اغتصبته اسرائيل من قبل وتم اعادته لنا بالتحكيم الدولى سنة 1988 ثم ها هو يعود اليهم بالتحكيم الدولى بعد ان طعنت فى قرار 1988وتم اعادته بلا رجعة بقرار ايضا من لجنة التحكيم الدولى إثر البحث الدؤوب ليعقوب اسحاق فى محاولة استعادته ، وقد قام بتحريك المياه الراكدة واثار العديد من القضايا التاريخية والتى استشهد منها ان اليهود لهم احقية فى ارض مصر وهو لم يطلب كثيرا بل يطلب فقط هذا الفندق.
    وهى خطوة هامة ضمن المخطط الصهيونى للسيطرة الكاملة على ارض فلسطين ، اذ انه يوجد انفاق عديدة انذاك لاتحاد المقاومة الفلسطينية فى جنوب سيناء ، وترددْ اسرائيل على الفندق سيعطيهم شرعية التحرك بسيولة للبحث عن هذه الانفاق.
    وقد دأب رئيس الوزراء يعقوب اسحاق للسيطرة الكاملة على ارض فلسطين.
    فهم يسعون جادين لتحويل ارض فلسطين كلها الى ثكنات عسكرية بعد ان كثر نسلهم الذى تجاوز ال 23 مليونا هذا العام ، بعد ان هجّررئيس الوزراء الكثير منهم.
    ولم يكن الامر قاصرا على الهيمنة على دولة فلسطين بل امتدّ ليشمل دول العالم العربي والغربي ، ولِمَ لا و 55% من اقتصاد العالم فى ايديهم انذاك.
    قويت شوكتهم وسيطروا على مجريات الاحداث فى الشرق كله بل وعلى مجريات الاحداث العالمية وتوغلوا حتى دخلوا ابواب الامم المتحدة واثّروا فى قرارتها ، حتى ان الرئيس الامريكى انذاك لم يستطع ابعادهم حيث انهم مراوغون ويتميزون بخفة الحركة وحسن التدبير.
    ونحن العرب ما زالنا منذ زوال الخلافة التركية حتى الان ننحدر شيئا فشيئا وخاصة بعد انخفاض مستوى انتاج النفط بدرجة كبيرة نسبياً، فضلاً على نقص مصادر المياه التى فى نقص مستمر. .. انتهى المقال .
    رفع راسه حتى كادت تلامس السماء ، واصابته حمية الغضب ثم قال لنفسه ..
    سلبوه ، ثم قتلوا العالم المصرى فيه.. الا لعنة الله على لجنة التحكيم الدولى.
    يا للخزى والعار .

    تكتلت فى نفسه كل مشاعر الغضب ، تلك الحمية الوطنية التى تاججت فى داخله ولم يجد سبيلا لاخمادها الا القصاص ، ثم همس فى نفسه ..القِصاص اذن .
    انطبقت شفتاه فى حنق وكوّر يده ضاربا بها فخذه ، تناول عصاه السحرية وكانت بالنسبة له كعصا موسي ، ولبس لاسته المزركشة ومضى يرفل فى جلبابه الفضفاض قاصداً فندق طابا للانتقام.
    لم يعرف بالضبط الشخص الذى قتله ، لكن فطين يري ان كل اسرائيل قتلته شعبا وحكومة.
    وبرغم ذلك فقد اثر ان يعرف الشخص او الوحدة التى عملت على اغتياله.
    وذاك عن طريق مراقبة القائمين على اعمال الفندق والمترددين عليه حتى يصل الى الخيط الذى يوصّله الى المجرم الحقيقيّ وان كانوا كلهم مجرمين.
    هو متاكد ان وراء الجريمة احد اجهزة المخابرات الاسرائيلية وفى الغالب من وحدة الكيدون الخاصة بتنفيذ عمليات الاغتيال خارج اسرائيل.
    هبط الدرج منتفخ الاوداج واقلّ سيارة من منطقته وهى احد مناطق جنوب سيناء متجها الى الفندق.
    نزل من السيارة وقبل وصوله بعدة مترات وقف قليلا ليعاين الداخل اليه والخارج منه ، ولم يفته معاينة تكنولوجيات بنائه اذ ان المقاتل لابد ان يعرف بالضبط ساحة قتاله ..فقال عنه...للاسف انها تكنولوجية استخرجت من رحم امريكا واوروبا عليهما اللعنة.
    وظل يتحسر على حال المصريين والعرب، فامتزجت الحسرة بالغضب وهذا الامتزاج مع شجاعته ولد انفجار بركانى داخله .

    وصف الفندق من الخارج ....الموعد نهارا
    واخذ يحدث نفسه حينما رأى هذه التحفة التكنولوجية الهائلة التى اوجست فى نفسه خيفة ممزوجة بعلامات الذهول رغم ما تحمل نفسه من غضب.
    واستحضر علمه وثقافته التى اكتسبها من عشرات الكتب ومئات المقالات التى كان وما زال يقرأها عن حضارة الانسان الاول وكيف بدات تتطور وتتبلور جيلا بعد جيل حتى وصلت الى هذه العظمة الرائعة فى عالمنا اليوم.
    وقام بوصف الفندق من الخارج كأنه هو من صممه .
    حدث نفسه قائلا ..
    من اعلاه وُضعت خلايا شمسية نانوية ، تجمع اكبر كم من الطاقة الشمسية عبرالواحها وذلك لاستخدامها فى كهرباء الفندق وادارة الاجهزة الكهربائية بتحويلها من تيار مستمر الى تيار متردد عن طريق محول التيار.
    لكن لِمَ كل هذه الخلايا ؟ يبدو انهم يخزنون الطاقة فى بطاريات من الرصاص وذلك لاستخدامها فى الليل حيث الخلايا الشمسية التى تغطى جدران الفندق وسطحه من الخارج لا تعمل لفقدان ضوء الشمس.
    هم يوفرون الكهرباء من الطاقة الشمسية المسماة بالطاقة الكهروضوئية، ويبتعدون تماما عن الطاقة الكهرومائية.
    وذاك لان الماء قليل فى هذه المنطقة وكذلك المنطقة العربية كلها ، وهو ما تسبب فى وجود خلافات بينها حول حصة كل منهما من الانهار التى تمر من خلالهم. ثم اطلق عبارة متاوها وقال ..وهذا فتيل قنبلة قد يُنزع فى اى وقت فتنفجر المنطقة كلها بالحروب . واستطرد حزينا ..والنفط ليس افضل حالا من الماء فقد اشرف هو الاخر على الزوال.
    كما ان الفندق يلبى بعض احتياجاته من الماء عن طريق مجموعة اجهزة ال MOF "اختصارا لكلمة الاطر الفلزية العضوية" والتى تستخلص الماء من البخار المتطاير فى الهواء وتسخنه وتحوله الى ماء يمتد عبر اقماع او صمامات ثم تاخذ فى الهبوط لتستقر فى صهاريج.
    وصف الفندق من الداخل ..
    زاده شكل الفندق من الخارج غضبا عليهم ، ثم دلف باب الفندق ودخل .
    فاذا بالناظرين يحملقون فيه وكأنهم رأوا رجلا نهض من قبره واتى اليهم من الماضى السحيق .
    فى ردهة الفندق يوجد بار للمشروبات الروحية امام الداخل مباشرة ، و مناضد للمشروبات والاطعمة التى تقدم من قبل العاملين فى الفندق.
    يجلس عليها الكثير من العرب والعجم غير انه على ما يبدو ان الجنس المصرى مختفى تماما بسبب حادثة مقتل العالم المصرى .
    مناضد بها اناث كثيرات، ويبدو من اشكالهن ان اكثرهن يهوديات ، وعلى يمين الداخل من الردهة راقصات عاريات تماما ، فغضّ طرفه عنهن.
    ثم نظر الى تكنولوجيات الفندق من الداخل وحدث نفسه بها كما حدث نفسه منذ قليل فى شان وصفه الخارجى ...
    جدران الردهة من الجدران الذكية ، فهى مطلية برقائق إلكترونية موصلة للكهرباء ، تعمل كجهازاستشعار كهرومغناطيسي لكشف وتتبع كل ما هو إلكتروني.
    تتراص عليها شاشات عرض تصطف بعضها بعضا تنقل للنزلاء فى احيان كثيرة جمال الداعرات.وبجانب الشاشات مجسات متناهية فى الصغر او كقرون استشعار تكاد لا ترى بالعين المجردة ومتطورة جدا كانظمة امان ضد اى مخاطر او اختراق اللصوص للفندق.
    كما يوجد فى القاعة شريط ضوئى مدون به اسعار المشروبات والماكولات والحجرات واسعار الغانيات .
    فى اخر الردهة شريط ضوئى متحرك يحدد سعر كل ما بداخل الفندق من مشروبات روحية واطعمة واقامة وسعر كل فتاة داعرة باليوم والساعة .
    ثم قال .. لابد ان اشرب فانى الهث من العطش .
    انتظرتُ حتى يمر الشريط واعرف سعر زجاجة مياه .اوه ياللهول سعر زجاجة مياه مئة دولارا.
    لا جرم فلا بديل لديّ فانى الهث من العطش بسبب الاحترار الحرارى اللعين الذى سيجشمنى هذا المبلغ.
    هذا الاحترار الذى غدا يرتفع تدريجيا بسبب تلوث الهواء بالغازات الصناعية فضلا عن قطع الاشجار وتقليص عدد الغابات وتحويل هذه الاماكن الى ناطحات سحاب.
    وصف الرجل اليهودى ..
    ولم يغب عن فطين النظر فى وجوه زبائن الفندق ليحدد شانهم من المسالة التى جاء من اجلها ، وهو الانتقام .
    وقد ركّز على بعض الجالسين وتفرّسهم فلم يجد فيهم ما يبرأ ظمأه ويشفى غليله. .
    وفجاة راي رجلا ولج من باب الفندق الرئيس اشبه باولئك المقاتلين الذين يظهرون على حلبة المصارعة الحرة .
    تبادل الاثنان نظرات الحنق والغل معا، ونظْرته جعلته يفكر فى شانه انه قد يكون الهدف والغاية ، على كلٍِ هو هدف دسم يبرا سقمه ويشفى غليله.
    نظر اليه بامعان فلم يجد الا كنلة تكنولوجية متحركة ، كل جسده عبارة عن شرائح دقيقة او نانوية متزاحمة فى اشارة مرور عروقه العفنة.
    كانه تحول من انسان الى الة ذكية.
    تلك الشرائح التى تمنحه قوة فكرية وعضلية هائلة .
    وعلى يمينه روبوت ذكّره وسماه يهوذا وكان يستحثه بغل على ضرب روبوت اخر انثه وسماه حتشبسوت ، كانا مبرمجين على حالة غريبة تتمثل طول الوقت فى سجود حتشبسوت ليهودا ويهودا يركلها ويبصق عليها ، ولم يكفّ مطلقا عن استنفار يهودا لضربها ، فكان يقول : اضرب يهوذا ، اضرب هذه الحضارة الملعونة ، وكأن مصممهما يهودى لم ينس ما فعله الفراعنة بهم قبل مجئ موسي عليه السلام.
    هذان الروبوتان قد اثارا جموحه اكثر نحو الغضب واستنفرانه وزادانه يقينا انه قاتل العالم الجليل ، فزاد اصرارا على قتله .
    يقول فطين فى نفسه ...
    هذا الاحمق يلتف حول معصمه هاتف محمول مصمم على هيئة سوار واضح منه انه يستخدم تطبيقات خارقة عليه ، وليس مستبعداً انه الان يسال هاتفه من خلال تطبيق "سرى" مطورعن كيفية التعامل معى او قتلى .
    وليس مستبعدا كما قرات ان حساسات المحمول الذكية الملتفة حول معصمه تتصل على هاتفى الان وتخبره انى انا
    فطين المصرى -مصرى متعصب - من قاطنى جنوب سيناء -ساحر- ....الخ.
    وليس بعيدا ان تحتوى راسه على حاسوب ذكى يتصل بمجسات دقيقة يتمكن من خلالها التحكم فيما حوله من اجهزة بمختلف انواعها وكذلك رقاقات الكترونية تحت الجلد تكسبه قوى خارقة.. وأجهزة إنترنت بالجسد.
    وما بقى له الا ان يتصل راسه هذا بثقب اسود لتزويد جسده بالطاقة.

    لكنى انا "فطين" ما يعجزنى شئ وما هُزمت قط ولن ادع هذا المنتفخ النافش ريشه صاحب الانفة والخيلاء بتكنولوجيته اللعينة ،تلك التى اذلتنا نحن العرب على مر تاريخنا وبالاخص منذ يوم الاستقلال الامريكى وتطور الحضارة الامريكية والغربية على مر التاريخ الانسانى الحديث.
    وقررت الالتحام به وتصفيته .
    لن اجهل هذا الخنزير اليهودى ولن يخيفنى ولو كانت تتجول بداخله ثقوب سوداء مجهرية او تقنيات قنابل هيدروجينية .

    فطين يصف المعركة ..
    ووضعتُ نفسي فى حالة ترقب واستنفار لحين لحظة الانقضاض .ولم انتظر قليلاً اذ رمقنى شزراً مطلقا الفاظ السب والتهكم اذ قال بقرف.. ايها العربى الجلف الساحر الملعون ، اعلم ما بداخل عقلك العفن .
    رددتُ عليه..اعلم انك مجهز برقاقة لقراءة الافكار يا صاحب الراس الحاسوبي ، كما اعلم هذا السوار الذى حول معصمك ، سوف ياتى يوم نحوله الى اغلال وقضبان نغلكم به ونحبسكم فيه.
    اغتاظ اليهودى واوما بسبابتيه اليمنى واليسرى الى يهودا وحتشبسوت ليهاجمانى، هذه الحتشبسوت التى تحولت فجأة من حالة السجود الى حالة الهجوم.
    فتحفّزت للكر والفر ،ارتعشت شفتاى من الغضب واصطكت اسنانى وفارالدم فى عروقى وزئرت زئير الاسد ، وتداعى على مسامعى دمدمة الحروب وصليل السيوف وكأن الماضى طرقنى ليذكرنى من انا .
    ثم قلت لنفسي الق عصاك يا فطين .
    ولمْ امهلهما وبدات انا بالهجوم ، تناوبتْ عصاى الضرب عليهما وكانا يدرءان ضرباتى من خلال اذرعهما المعدنية التى خصصت لذلك.
    فى حركة بهلوانية خفضت حتشبسوت راسها ولفت جسدها لفة دائرية مع قدمها التى اصطدمت بقدمى فاوقعتنى على الارض ، فلما هممت بالنهوض وثبتْ وثبة الفهد وجثمتْ على صدرى وازالت لاسة راسي ثم لكزتنى فى صدري ووجهى ثم ابتسمت ثم لثمتنى وجلست على قضيبي تتهدهد ، فاغتظتُ لذلك فاعدتُ اللاسة على راسي وقبضتُ على يدها وكدت افصلها من جسدها وقلت نحن العرب لم نعش من اجل هذا فحسب ايتها الخائنة الداعرة.
    غير ان يهودا انقذها بعد ضربى ، فنهضتُ ونهضا .
    ادرت عصاى كالمروحة فى الهواء وهجمتُ عليهما وكانا يرجعان الى الخلف اتقاء عصاى .
    ثم جندلتُ يهودا بضرب قدمه فخر على الارض ، وضربتُ قلبه فاتلفتُ شريحته ثم اتلفت بطاريته بضربة قوية جدا بوساطة العصا ، فسمعت صوت ازيز اسلاك وشممت على اثره رائحة شياط.
    ثم وجهت عصاى الى حتشبسوت واطلقت الزئبق الذى كان بداخل العصا فتحولتْ الى حية كانها تسعى.فارتعدتْ اوصالها وولّْتْ هاربة بالقفز الى اعلى والتصقتْ بسقف ردهة الفندق.
    وتعجب فطين قائلا سبحان الله لو ان هذه الحتشبسوت لم تملك تلك الخلايا العصبونية فى راسها التى تشعر لِم خافت.
    نظر اليهودى نظرة استعلاء وتهكم الى روبوتيه و بصق عليهما ولعنهما ، ثم قفز قفزة على راسى فخررت واقعا ثم حاول استخراج غاز سام من هاتفه الملتف حول معصمه ليدخله فى انفى او فاهى بيد انى فقهت الامرسريعاً فقاومتُ يده حتى ابعدتها عنى .
    دفعته فتدحرج قليلا ثم نهض وعاود الكرّة وتقدم نحوى مهاجماً بذراعيه ذات الشرائح الالكترونية ولكزنى فى بطنى ووجهى وضربنى فوق راسي فشُجت بعدما سقطت اللاسة منها ثم انخفض براسه مائلاً وضرب قدمى بذراعه اليمنى فخررت إستى .
    وثب قافزا على صدرى وكيّل لى لكمات اخرى موجعة سالت على اثرها الدماء من شدقى وفمى وانفى .
    كان بارعا جدا فى القتال وكان ذلك لان شريحة الهاتف قامت بعمل المدرب الملقن الذى كان يوجهه دائما لاخذ الموقع المناسب للهجوم او الدفاع وكيفية توجيه الضربات .
    تسربل وجهى بالدم حتى غشى عيناى وكاد يحجب الرؤيا عنى.
    واليهودى يضربنى بتؤده وثقة ويختال ضارباً ، ويبصق على وجهى قائلا مصرى عفن .. مصرى عفن .
    لم تسعفنى قوتى او عزيمتى فى الخلاص منه اذ كان متمكناً فى جثومه.
    تالمتُ من ضرباته ولكن هناك ما اوجعنى اكثر واستنفر عزيمتى ، وهو انى ابصرت وشما محفورا على ساعديه يحدد ملامح المنطقة العربية من النيل الى الفرات واقدام اليهود تطأ أرأس العرب.
    فانفجرت غضبا وقلت لا لا.
    ومع صيحات غضبي تردد على سمعى وبصرى قهقهات الداعرات والنزلاء وعاملى الفندق ، يقهقهون فى حالة هيسترية .كانهم يسخرون من الحالة التى تملكتنى فتذكرت حالة حكامنا عند الازمات ، فاصواتهم تسد الافاق وهم اضعف من جناح بعوضة.
    دفعته دفعة شديدة فانقذف مرتطماً جدار الحائط الزجاجى فانكسر ثم هبّ واقفا فاقبلت عليه وجندلته بالعصا بيد انه قفز الى اعلى ليتقيها .
    ادرت العصا بيدى التى امسكتها من مركزها فبدت كانها تدور كالمروحة وهى تحف حفيف كحفيف هواء مروحة عملاقة حتى وكانها تبعث اعاصير وسمعت لها هزيم كهزيم الرعد القاصف فاوقعتُ فى نفسه خيفة اصابته بالوهن وفتت عزيمته فتطايرت مع الهزيم رماداً.
    ضربته فى معصم يده فتهشم الهاتف ، فجن جنونه وقال له اتعلم بكم هذا الهاتف يا جاهل يا متخلف يا اهل الكهف والناقة فى الصحراء..
    ثم عاجلته بضربة معلم ، ضربة فى راسه فشُجت وأُدميت وأُتلفت الشريحة الالكترونية التى كانت تتصل بكل شرائح جسده فانطلقت اشعة من راسه نتيجة تحرر الالكترونات من مستويات الطاقة مصحوبة بنزْف دم من راسه وسمعت سرينة انذار تنبا بتعطل الاجهزة بداخله .
    بعدها تحول الى قزم راكع امامى يطلب الصفح والمغفرة غير انى لم انس دم العالِم فسالته من قتله ؟
    فاجاب :سلوا انفسكم .
    فنكست راسي هنيهة وقلت فى نفسي ..نحن الذى فتحنا لكم الباب وانتم اعملتم فينا السيف.
    فاغتظت لحالنا واستجمعت قواى كلها وضربته ضربة صاعقة فافترش جسده الارض وجحظت عيناه وسكن جسده ووليتُ هاربًا.
    نظرتْ حتشبسوت من السقف وسالت الجموع هل ولى ؟ ثم هبطت من السقف بعدما شعرت بالامان

    اذا كثرت الضباع ولّت الاسود هاربة..
    خرج فطين مسرعاً من ردهة الفندق ، مسرح القصاص ، وكان مترقبا خائفا.
    القى نظرة الى عصاه نظرة الممتن لها لِمَا قدمته له فى المعركة ودعا لها بالبقاء وطول العمر.
    خرج متجها الى منطقته التى تبعد زهاء مئة كيلومتر من الفندق.
    ظل يجرى حتى اتجه الى احد الشوارع السيناوية الرئيسة ، ثم اشار الى احد سيارات الاجرة فوقف ، رمق السيارة وتفحّصها بنظراته التى لا تخطئ ابداً فوجدها تعمل بطاقة الالواح الشمسية كمعظم السيارات انذاك ، ولكن تقنية هذه السيارة متطورة اكثر فتفحصها وصفا ...
    السيارة بسائق آلى يتحدث ، وليس مستبعدا انها تستخدم الخلايا الكهربائية التى تعمل بوقود الهيدروجين ، ولقد قرا فيما قرا ان هذه السيارات تعمل بوقود الهيدروجين الذى يتفاعل داخل خلية فى السيارة بدلا من البطارية المعروفة لينتج الماء والكهرباء ولقد اسموا البطارية بالبطارية الهيدروجينية.
    او لعله يتحدث مع القمر الصناعى الذى يحرك السيارة بتقنية التحكم عن بعد.
    قال لنفسه ساخرا...
    رباه ..قد يكشف عن هويتى ، لعله يقلنى مسرعا فاجد نفسي داخل وزارة الدفاع الاسرائيليى او وكالة الاستخبارات الامريكية السي اى ايه.
    يبدو من تطوره انه من احدى الخدمات التى تقدّم لنُزلاء الفندق ، بل قد يكون من احدى السيارات التى اهدتها امريكا لليهود تعبيرا منهم عن عودة قطعة من ارض اليهود ..فندق سونستا طابا.
    فامتزج الخوف بالحنق وتحوقل واخذ يسب اللعنات على التكنولوجيا التى تلاحقه وتذكره بخيبة العرب.
    ثم استذكر معركة الفندق وكيف انه تغلب على ثلاثة مدججين باعظم الاسلحة التكنولوجية ، فتيقن ان الامل الوحيد فى حياة كريمة موجود مع القليل من العلم بشرط ان نمتلك الانتماء الى بعضنا ونمتلك الشجاعة.
    واخيرا بعد كل هذا التفكير اعتذر عن الركوب فُرد عليه لاعليك سيدى ، ثم مرت سيارة اجرة اخرى سائقها عربي فركبها ورحل .
    اخذ يفكر فى حادثة الفندق وتداعياتها الخطيرة على مستقبل ولده الذى لم يكن لديه الا اياه ، تارة يلوم نفسه خشية ضياع مستقبل ولده فهمان وتارة يباركها على فعلها ويحفزها على الثبات والرجولة .
    وانهى النزاع الذى يدور بخلده بين الملامة والمباركة بترك سيناء كلها والهروب بابنه بعيدا عن مسرح الانتقام الذى نفذه ، هذا الانتقام الذى القى بظلاله على صدره فجثم وعسكرفيه ليولد فى مكنون نفسه الخوف والتهجير والتشريد.
    دفع الاجرة ونزل متجها الى منزله وهو يدعو نفسه للثبات ، ذاك الدعاء الذى لم يتركه قط كل يوم بسبب عملية المعجنة الاشبه بالتحرش بين الجنسيين المصرى والفلسطيني فى الحافلات الكبيرة ذات الطراز القديم الذى كان اجداده يقلونه بخمسة قروش.
    فضلا عن رائحة العرق والفاقة اللذين يبدوان علي الشعبين من ثياب واحذية ممزقة تكاد لا تستر الاجساد ولا الاقدام.
    فالوصول الى المنزل اشبه بالسعى فى ردهة هذه الحافلات الممتلئة بالركاب ، واستنشاق اريج وعطر الاموات"يتهكم ".
    ولم ينس قط اسباب هذا الازدحام فتتجسد له دائما امام ناظريه وكان يقول لنفسه دائما..
    وسبب ازدحام سيناء وخاصة الشمال الشرقى منها يرجع الى سببين ،
    الاول يرجع الى تهجيرالكثير من المصريين من المدن الكبيرة مثل القاهرة.وكانت هذه الاخيرة إثْر تضييق الخناق عليهم من الحكومة المصرية الاشبه بطردهم من منازلهم بسبب الازدحام الشديد فى القاهرة الذى بلغ حد ان السائرين يسيرون فى شوارعها الفرعية ملتصقين.
    فكانت نداءات الحكومات تحثهم وتحفزهم على الرحيل الى المناطق القليلة السكان وبخاصة الوادى الجديد الممتلئ بالمياه الجوفية.
    والثانى انها امتلات بعدد المهجّرين الفلسطينيين ،
    هؤلاء المهجرون الذين بدات وفودهم تتوالى على ارض سيناء وخاصة الجناح الشمال الشرقى منها بعدما ابرم الرئيس المصرى اتفاقية رباعية اطرافها يعقوب اسحاق رئيس وزراء اسرائيل وامريكا العظمى ومصر ومنظمة التحرير الفلسطينية ، وبالتبعية اكتظت سيناء بمهجرى الفلسطينين والمصريين معا.
    وكان سبب ابرام هذه الاتفاقية راجع فى الاساس الى عملية انتقامية من يعقوب اسحاق اثر العمليات الفدائية التى قام بها رجال فلسطين منذ عام.
    ما عادت ارض فلسطين تسع الدولتين الفلسطينية واليهودية بسبب الدعوات المستمرة للاخيرة لقادتهم وتحفيزهم على الانجاب ثم الاستيطان لبدء معركة هارمجدون الخاصة بهم فى الفترة المقبلة ، و يتثنى لدولة اسرائل بعدتها وعتادها احتواء الشرق من النيل الى الفرات، ونقطة انطلاقهم الرئيسة فلسطين بعد السيطرة عليها تماما.

    وقد وصل حد العبث بالمطرودين المصريين الى دعوتهم لحفر انفاق تحت الارض والاقامة فيها معللين ذلك بوفرة المياه ـ مما اثار تهكم صحف المعارضة والاحزاب وكل تيارات الاسلام السياسي .
    وهذه بعض عبارات التهكم والسخرية على احد فلول النظام الخائن عبارة تقول
    "انحن نمل يجب ان تكون منازلنا فى الجحور" ؟ وعبارة ساخرة تقول ..انحن مياه جوفية ؟
    واخرى .. لعل الفقر والضعف هو الموت فوجب علينا ان نحيا اموات فى القبور.
    واخرى.. نحن لسنا اموات يا سيادة المسئول .
    وعالم نفس يقول يريدون ممارسة الاستعلاء المعنوى والمادى معا حيث يودون السير فوق رءوسنا.
    وعنوان ساخر اخر فى احد الصحف : احسن الى جوارك من الجماحم ايها المسلم -... الخ "
    وكان الرئيس يواجه كل هذا بتكميم افواه التابعين وقطف رؤوس قادتهم ، فسياسة التصفية النفسية والجسدية هى منهجه ، افلح فى الاحاطة بالمجاهرين له بمناهضته ، واما سرا ، فهناك رجال مصلحون يعملون فى صمت وخفية ، ولذلك لم يحط اعمالهم ذاك الرئيس ، ينتظرون لحظة الانقضاض لتخليص شعبهم من الظلم .
    انه فى ذاك الوقت كان "المجلس العسكرى العظيم ".
    المهم ..انتهت معركة المعجنة وما ان وصل الى مدخل العمارة حتى نادى عليه احد الجيران وكان تاجر عقارات كبير واسمه بطرس يوحنا ، نادى عليه ليخبره ان هناك من يسال عليه زهاء ساعة مضت.
    ساله فطين عن شكله فقال له انه يهودى .
    فارتسمت على وجهه علامات الارتياع ، ثم اردف بطرس قوله الم يحن بعد ؟
    رد فطين معك المال ؟ قال فى المحل فرد عليه فطين احضره .
    مضى بطرس مهرولا ملهوفا الى محله لاحضار مال لشرائه.
    وكان يهاتف احد الكبار من ذوى المال انه على مشارف الانتهاء من شراء منزل فى احد ضواحى جنوب سيناء.فرد عليه بان يشترى باى سعر.
    اسرع فطين نحو منزله مهرولا وما ان دلف نحو الباب حتى سمع صراخ ابنه فهمان من الداخل ففتح الباب بقوة ظانا ان الحكومة المصرية وصلت قبله من اجل القبض عليه .
    لم يجد احدا معه ووجده يبكى فساله عن سبب بكائه دون انتباه لسماع مبرر البكاء الذى اخذ يغمغم بعبارات متهدجة بسبب تالمه من حادثة الحريق.

    لم ينتبه لان امر فطين جلل ، استكفه عن البكاء واخذه من يده قاصدا الرحيل بلا عودة .
    رحل تاركا البيت الذى كان يمثل قطعة من جسده ، ففيه تزوج بالمرحومة زوجته التى كانت مثله فى العلم والوطنية والوفاء.رحل بعد بيعه لجاره الذى كان يلح فى شرائه دائماً.
    فى اول دقائق الرحيل لم ينتبه كثيرا لبكاء فهمان ولكن ذهب الى الماضى واخذ يتذكر قول زوجته له عندما قالت له .. "فطين هذا المنزل اغلى من حياتى ، ففيه تزوجتك وفيه ولدت فهمان وفيه عشتُ الذ اوقات عمرى" .
    ولما كانت فى النزع الاخير قبل ان تفارق الحياة قالت له لا تبع المنزل ، اجعله ذكرى اطلال جميلة ، اجعل كل خطوة خطوتها فيه وكل قبلة قبلتك فيه حياة تعشها معى لعلّ الله يجمع بيننا فى بُعد اخر عبر ثقب فضائىّ او ارضى مجهرىّ.
    لا تنقل كتبنا لمكان اخر دعها كما هى ، كتب درسناها معا وتدارسناها لابد ان تحيا فى مكانها .. ثم تذكر قولتها
    فطين.. لعلّ الله يجمع بيننا فى بُعد اخر عبر ثقب فضائى او ارضى مجهرى،، فاجعل الذكرى تدفعك لان تاتى الىّ ،، فلا تبع المنزل.
    فاغرورقت عيناه بجانب ولده الذى لم يكف بعد عن البكاء.

    ضلَّ الحُلماء بين الخوف والفقر...
    فى طريق الرحيل ..
    فى الطريق ساله مرة اخرى عن سبب بكائه ووعظه ان الرجال لا تبكى ، ساله دون النظر اليه او حتى مسح دموعه فاجابه فهمان كذلك مرة اخرى غير ان سمْع ابيه وبصره وكافة حواسه لم تتجاوز الا محيط الخوف الذى يجول بخاطره ، ووصية زوجته له بالا يبيع المنزل . بل انه لم ينتبه للحريق الذى احدثه ولده فهمان رغم رائحته النفّاذة.
    الخوف هو كل ما سيطر على حواسه ورغم انه الليث الاشجع لم يخرج من الباب وقفز من شرفة الحجرة الخلفية وحمل ابنه والمال الذى قبضه من بيع المنزل وكذلك عصاه وركب اول سيارة ومضى حيث لا يدرى.
    كانت سيارة السائق متآكلة تنبح وتزئر ، على طول الطريق تقدم السيارة اعظم سمفونية رقص شرقى فى التاريخ لانها تسير تتمايل وتتبختر على عزف وطبل العفشة المتاكلة والابواب التى تطرق مداخلها .
    فقال له السائق الى اين؟ فلم يرد فاعاد السائق السؤال الى اين ؟ قال سرْ بنا كيفما تشاء لانى لا ادرى بعد ، فتعجب الرجل وقال انا نفسي لا ادرى اين اذهب منذ ولدت.
    فتاه فطين وتاه السائق فى ظل لوحة درامية جمعت بين الخوف والفقر.
    تاها وتهنا جميعا لما ضعفنا وانفرط عقد الامة وحكامنا يحكمونا من حيث تغرب الشمس.
    فطين سكران فهو يخشى ان تاتيه الطعنة من بنى وطنه او حكومته ، والسائق سكران بسبب الفقر المدقع الذى توارثه عن ابيه وجده.
    بُرعم حضارة ينمو فى رحم الشرق...
    بعد ساعتين من العزف الموسيقى الشرقى نزل فطين فى مكان خالِ ليعطى لنفسه فسحة من الوقت لاخذ قرار سليم بشان اتقائه اعدام محتمل.
    نظر فطين الى ابنه متساءلاً : ما الذى ابكاك؟
    فرد..الم اقل لك ابتِ ...ردّ فطين بتعجب او قلتَ ؟ ..ثم تابع كلامه .. قل مرة اخرى.
    بدا فهمان الذى لم يتجاوز من العمر السبعة عشر عاما بعد يقص مبكياته بصوت متهدج ذى حشرجة ...
    بينما كنت اطهى الطعام اذ التحم نار الموقد مع الزيت واشتعل الحريق وارتفع ثم امسكتْ النيران فى المطبخ الخشبىّ وبدات تزحف للخارج.
    قمت بقفل محبس الغاز الرئيس على الفور.
    والماء كما تعلم لا ياتى الينا الا كل شهر مرة او مرتين ثم ينقطع مرة اخرى ، فلحظة اشعال الحرائق لم اجد من الماء الا بعض زجاجات المياه فى الثلاجة فضلا انه غير فعّال ايضا فى اطفاء الحرائق .
    خفت واصابتنى رعدة ثم تمالكت نفسي وفكرت ان اسحب الاكسجين من المطبخ والذى هو سبب الحرائق.
    ذهبت الى الثلاجة واستخرجت كل قطع الخمائر التى كانت فى الثلاجة التى تستعملها انت فى اعمال الخبز وانى اعلم يا ابتِ ان الخميرة تنفخ العجين .
    وانا اعلم كذلك انها مادة قلوية .
    ثم فتحت حقيبة العابك السحرية فوجدت ثلاث زجاجات خل ، اسكبت اثنين منها فى حلة من حلى المطبخ على الخمائر فتحرر ثانى اكسيد الكربون ثم سكبته على بعض الشموع التى نحتفظ بها فى منزلنا للاضاءة فترسب الغاز فى قاع الحلة لانه اثقل من الهواء ثم القيته على النار فانطفأت الا قليلا منها ، فاحضرت زجاجة الخل الثالثة ووضعتها على الخميرة وفعلت كذلك ما فعلته اولاً فانطفأت.

    فرح ابيه لدرجة ان رواية ابنه انسته الفاجعة التى قد تلحق به وبابنه ثم ساله من علّمك هذا؟
    ساله فطين رغم علمه المسبق بشراهة ابنه على حب القراءة ، لكن النظرى شئ والعملى شئ اخر.
    فاجابه ..انت تعلم انى على دراية بما تقدمه من العاب سحرية تبهر الناس ، وانا منذ الصغر وانا اتاملها واحاول ان اعرف اسرارها ، كما انى لم اترك لك كتابا الا قرأته .
    كنت ادرس خواص هذه الادوات السحرية الفيزيائية والكيميائية على حد سواء ، لم يتجشم عقلى فى دراستها .
    وفيما درست ان الحرائق عبارة عن اكسدة وتشتعل بسبب وجود الاكسجين فى الجو الذى يرتفع وهذا يفسر السنة الهب التى تعلو عند مزيد من المواد القابلة للاحتراق.
    فلو احللنا غازا اخر اثقل من الهواء مثل ثانى اكسيد الكربون لترسب فى قاع الحرائق ومنع الاكسدة فانطفأت اى ضيقت الخناق على الاكسجين.
    كُتب امى رحمها الله لها عطر خاص ترتاح له انفى عند قراءتها.
    فرد عليه فطين متاوها ..ضاع العلم وسط الخوف ، وما اخافنا يا ولدى الا الفرقة والصراع ، ثم فارق الحزنُ نفسه
    فانفرجت اساريره اخيرا ونظر الى ابنه بفخر ، ثم امسك منكبيه منتصبا نظره الى وجه ابنه البرئ وكلمه قائلا .. أعلمُ يا ولدى انك نابغة لكنى ارى نبوغك يتطور ويزدهربطريقة مذهلة فاسال الله ان يحرسك ويحميك .

    ثم هزه فخرا قائلا انت ابن ابيك فعلا وارجو من الله ان يمكننى من اخراجك من مصر لتستكمل تعليمك بالخارج .
    ولا ادرى يا بنى ان لم انجو من حادثة القتل ماذا تفعل بعدى.
    فحدق فى ابيه دهشا وقال . قتلت يا ابتِ ..قتلت؟
    فاجابه..انتقمتُ لمصر يا ولدى ..ثم قصّ له القصة.
    وزفر زفرة طويلة ثم تابع كلامه بعدها.. بنى .. رويت لك لاعودك واعلمك الثقة والجلد والصبر رغم حداثة سنك ، فانى اشعر بان حِمْلك ثقيل ثقيل عندما تكبر ، اشعر بان هذا العالم سيحترب ويحتاج الى علمك وحسن خلقه.

    التفكير فى اضرار الحادثة ....
    عاود فطين التفكير فى حادثة الفندق من جديد ، فهو على يقين بان المعركة مصورة باكثر من طريقة ، يكفى ان هذا الملعون كان منتفشا باحدث الاجهزة المتطورة وان اى رقاقة الكترونية فى جسده كافية بكشفه ، كما ان هاتفه الملتف حول سواره القذر مسجل عليه كل هويته علاوة على مجسات الاستشعار المطلية فى جدران ردهة الفندق بل يكفى الهواتف التى قامت بتصوير المعركة وليس ببعيد ان يقبض الامن المصرى عليه بتهمة الخيانة والارهاب ، بل قد يرسلوه الى امريكا للتحقيق معه فى مكتب التحقيقات الفيدرالي حتى يعلموا من ورائه .
    كل هذا لا يشغله كثيرا وانما شغله ولده الذى لم يبلغ عامه السابع عشر بعد ، فسوف يرموه فى “الأحداث أو الإصلاحية” او يلقوه فى غيابات الانفاق مع السكان الجدد.ثم انتفض من حديث النفس الصامت الى الجهر بكلمة حازمة "لا والله لن يكون ، لك عمرى يا ولدى ".
    وفكر اول ما فكر ان يذهب الى بلد نائية ليهرب ولكن ماذا يفعل فى اسمه.. ؟ يغيره؟ ووجهه.. يبدله؟ ؟؟؟ لم يفكر الان فى اكثر من الهروب فى اللحظة الانية.
    الذهاب الى الوادى الجديد ..
    لم يجد فطين افضل من الوادى الجديد فمساحتها كبيرة وبعيدة جدا عن جنوب سيناء .
    وقد اكتظت بالسكان لوفرة المياه تحت الارض ، اذ ان الناس بالفعل رحلوا اليها قادمين من اكثر القرى والمدن جفافا ، اتوا اليها بسبب ابارها ومياهها الجوفية التى لا تنضب ابدا فكل عام يتم اكتشاف مناطق مياه جوفية جديدة.
    مما حدا باكثر الناس فقرا ان يحفر بئرا ويجلس فيها بسبب ارتفاع فاتورة المياه التى تاخذ فى الارتفاع كلما قل النفط فى المنطقة العربية.
    ومما ساعد على رحيل السكان اليها ان كثيرا من المستثمرين المصريين والعرب شرعوا فى عمل مشاريع عليها بسبب توفير خدمات الطاقة ، الا وهى الطاقة الشمسية ، وكانت شبكة الارصاد الجوية تسميها بلد الشمس ،ونتيجة لهذه المشاريع تم توفير بعض فرص العمل لاهل المحافظة.
    حتى سياراتها فكلها تقريبا تستخدم الطاقة الشمسية للتسيير بسبب الانخفاض الحاد فى الاحتياطى العالمى من النفط.
    رحمك الله يا عبد الناصر انشاتها لتخف الضغط السكانى فى المدن وها هى الان تحفظ الوادى الجديد من المجاعة .
    رحمك الله يا جمال .

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    نـوتيلآ
    تاريخ التسجيل: August-2014
    الدولة: العرآق _مـيسـآن
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 70,113 المواضيع: 2,180
    صوتيات: 3 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 39714
    مزاجي: حسـب آلظـروف
    أكلتي المفضلة: آلسـمـگ
    موبايلي: كلكسي Ã12
    آخر نشاط: منذ 17 ساعات
    مقالات المدونة: 2
    جميله

    شكرا

  3. #3
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: September-2016
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 529 المواضيع: 0
    التقييم: 229
    مزاجي: حزين
    آخر نشاط: 3/April/2023
    مقالات المدونة: 3
    جميل جدا ..شكرا

  4. #4
    صديق مشارك
    [QUOTE=انثى مخمليةة;7359969]جميله

    شكرا[/QUOTE
    ارجو النقد ان امكن]

  5. #5
    صديق مشارك
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبض العشاق مشاهدة المشاركة
    جميل جدا ..شكرا
    ارجو النقد ان امكن

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال