قَصَّت علينا كتب السيرة أن أبو بكر الصديق قبل إسلامه كان تاجرًا ذا خلق محمود، ومحسنًا لقومه ومحببًا، وكان رجال قومه يأتونه لكثير من الأمور لعلمه وتجارته وحسن مجالسته، فلما أسلم وأظهر إسلامه جعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يجلس إليه، فأسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة وهم: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وفي هذا المقال نذكر نبذة مختصرة وموجزة عن هؤلاء الخمسة وهم كالآتي:
1- عثمان بن عفان
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية، من قريش: أمير المؤمنين، ذو النورين، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبو عمرو، ولد بمكة سنة 577م، وكان غنيًا شريفًا في الجاهلية، وأسلم بعد البعثة بقليل، وكان ممن هاجر إلى الحبشة الهجرتين، ومن أعظم أعماله في الإسلام تجهيزه نصف جيش العسرة بماله.
تقلد عثمان بن عفان الخلافة بعد وفاة عمر بن الخطاب في السنة الثالثة والعشرين من الهجرة وافتُتحت في أيامه أرمينية والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبس، وأتم جمع القرآن الذي بدأه أبو بكر، وهو أول من أمر بالأذان الأول يوم الجمعة، قتل على يد وفود الكوفة والبصرة ومصر صبيحة عيد الأضحى في سنة 35ه= 656م بالمدينة، وكان حينئذ عمره اثنتين وثمانين سنة، وقيل: ست وثمانون سنة[1].
2- الزبير بن العوام
الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي، أبو عبد الله، وأمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم، وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم وحواريه، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول من سل سيفه في الإسلام، ولد سنة 594م، وأسلم وهو ابن ست عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، وقيل: غير ذلك، فكان رابعًا أو خامسًا في الإسلام.
شهد الزبير بن العوام بدرًا وأحدًا وغيرهما، وشهد الجابية مع عمر بن الخطاب، كما شهد فتح مصر، وكان غنيًا كثير المتاجر، قتل على يد ابن جرموز بوادي السباع في موقعة الجمل سنة 36ه= 656م، كان عمره عندئذ سبعًا وستين سنة، وقيل: ست وستون[2].
3- سعد بن أبي وقاص
هو سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، يكنى أبا إسحاق وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية، ولد سنة 600م، وأسلم قديمًا وهو ابن سبع عشرة سنة وهاجر إلى المدينة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله فشهد بدرًا وفتح القادسية والعراق، ومدائن كسرى، ويقال له: فارس الإسلام.
نزل الكوفة وظل واليًا عليها مدة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، ثم عُزل عنها وعاد إلى المدينة حتى توفي، واخُتلف في تاريخ وفاته والمشهور أنه توفي سنة 55هـ= 675م، في قصره بالعقيق وحُمل إلى المدينة ودفن بالبقيع، وصلى عليه مروان بن الحكم، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة وهو آخر العشرة المبشرين بالجنة وفاة وكان قد فقد بصره[3].
4- طلحة بن عبيد الله
هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، أبو محمد، القرشي التيمي، وأمه الصعبة بنت عبد الله الحضرمية، ولد سنة 596م وكان من دهاة قريش ومن علمائها، أسلم على يد أبو بكر فكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، سماه النبي الله صلى الله عليه وسلم بطلحة الخير، وطلحة الفياض، وطلحة الجود، ودعاه مرة بالصبيح المليح الفصيح، شهد أحدًا وما بعدها من المشاهد، وبايع بيعة الرضوان، وكانت له تجارة وافرة مع العراق، قتل يوم موقعة الجمل سنة 36هـ= 656م ودفن بالبصرة وكان عمره حينئذ ستين سنة[4].
5- عبد الرحمن بن عوف
هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث، أبو محمد، الزهري القرشي، ولد بعد الفيل بعشر سنين، أي تقريبًا ما يوافق سنة 580م،كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، وقيل: عبد عمرو، أسلم مبكرًا فكان أحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وبعد إسلامه سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، شهد بدرًا وأحدًا، فجرح فيها إحدى وعشرين جرحًا، وسقط منه ثنيتاه، وشهد الخندق وبيعة الرضوان وسائر المشاهد، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد المهاجرين الأولين، وهاجر الهجرتين، وكان يحترف التجارة والبيع والشراء، فاجتمعت له ثروة كبيرة، ولما حضرته الوفاة أوصى بألف فرس وبخمسين ألف دينار في سبيل الله، توفي في المدينة سنة 32ه= 652م وعاش اثنتين وسبعين سنة، وقيل: خمس وسبعين، وقيل: ثمانية وسبعين[5].
[1] ابن سعد: الطبقات الكبرى تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1410 هـ= 1990م، 3/ 39- 61، والطبري: تاريخ الرسل والملوك، دار التراث، بيروت، الطبعة الثانية، 1387ه، 4/ 365- 423، وابن الجوزي: صفة الصفوة، تحقيق: أحمد بن علي، دار الحديث، القاهرة، مصر، 1421هـ= 2000م، 1/ 110- 115، وابن الأثير: أسد الغابة، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415ه= 1994م، 3/ 578، والزركلي: الأعلام، 4/ 210.
[2] ابن عساكر: تاريخ دمشق لابن عساكر، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415هـ= 1995م، 18/ 332- 438، وابن الأثير: أسد الغابة، 2/ 307، والذهبي: تاريخ الإسلام، تحقيق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2003م، 2/ 279، والزركلي: الأعلام، 3/ 43.
[3] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 92، وابن عساكر: تاريخ دمشق، 20/ 280- 373، والمزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1400هـ= 1980م، 10/ 309- 314، والزركلي: الأعلام، 3/ 87.
[4] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 3/ 160- 169، وابن عساكر: تاريخ دمشق، 25/ 54- 125، وابن الأثير: أسد الغابة، 3/ 84، والمزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، 13/ 412- 424، والزركلي: الأعلام، 3/ 229.
[5] الذهبي: تاريخ الإسلام، 2/ 210، وابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415ه، 4/ 290- 293، والطيب با مخرمة: قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر، 1/ 291، 292، والزركلي: الأعلام، 3/ 321.
قصة الإسلام