تعودت سلوك طريق آخر كلما صادفت شرطيا .وأيام الدراسة المتوسطة كنت أمر من قبالة مركز الشرطة وأشعر بخوف رهيب وأرتجف .وفي يوم أديت إمتحان الرياضيات وكنت كسولا جدا في هذا الدرس الصعب وخرجت منزعجا وفوجئت بمجموعة منهم ترغمني على دخول مركز الشرطة الذي أكرهه وعرفت عند دخولي أن سبب إرغامي وآخرين كان لعرضنا ومجموعة قتلة في غرفة خاصة ثم المجئ بأحد الضحايا الذي دخل وكان يمر من قبالتنا واحدا واحدا وينظر في وجوهنا ويؤشر الشخص الذي يعرفه أنه كان من ضمن الجماعة الذين آذوه.
كنت أخشى أنه سيؤشر بإصبعه علي ويقول ..هذا هو المجرم الذي ضربني وسرق نعاجي..فالحادثة كانت ..أن مجموعة من اللصوص هجموا على أحد الرعاة وضربوه بآلات حادة وشوهوا وجهه وعطلوا أعضاء في جسده وكاد يموت ثم سرقوا نعاجه. وكانوا يسحبونه سحبا بعد أسابيع من الأستشفاء ليشخص القتلة.. عرفت فيما بعد أن المسكين لن يؤخذ برأيه لو أنه أشر على واحد من أعضاء العينة العشوائية التي أنا منها لأن الشرطة تأكد لديها ضلوعهم في الجريمة والمجئ بنا كان لضبط الأمور وللتأكد من قدرة الضحية على معرفة الجناة فقد يكون من ضمن الموقوفين من لم يؤذه فعلا أو لم يشترك في ضربه لتخفف عنه العقوبة أو انه لم يشترك أصلا لكنه كان قريبا من مكان الحادث..
وفي العرف الانساني لايجوز إرغام الناس ليكونوا ادوات بيد الشرطة إلا بموافقة منهم كما يحصل حين يرغب مواطن في المساعدة من أجل المصلحة العامة وبعد قناعة بما يفعل رجال الشرطة.لكننا في العراق لانفرق بين الانسان المحترم والسخلة المبللة بالماء فكلها عندنا سواء.
خرجت من مركز الشرطة ولم أعرف أيهم كرهته أكثر ..الشرطة أم العصابة؟..كرهت العصابة لانهم صنعوا فعلا بشعا .والشرطة لأنهم اوقفوني الى جانب العصابة دون إرادة مني.
بعد التغيير مازلت أرقب سلوك عناصر الشرطة في السيطرات التي تتوزع في أنحاء من المدينة وعند التقاطعات وأنظر الى سلوك كثيرين منهم مع العامة وكيف يتصرفون بطريقة منافية للذوق ومخالفة لقوانين حقوق الانسان وتتصاعد الشكايات من سلوكيات غريبة تبدر هنا وهناك.
رجال المرور الذين يقدمون الضحايا يوميا بسبب عنف الارهاب وحقده يعمد عديد منهم الى إبتزاز الناس في الشوارع وصار سواق السيارات يتعاملون مع السيطرات التي يقتربون منها كحال من يكتشف انه في مواجهة قطاع طريق أو سيطرة وهمية أو مسلحين .وأكثر ماأحزنني أني قرأت الشماتة في عيون الناس وخاصة السواق الذين كانوا يسخرون من حوادث الاستهداف تلك.
كنت أسمع على الدوام مقولة..الجنة لايدخلها شرطي.. وربما كان السبب أن الشرطة يتجاوزون على التعاليم الدينية في غالب الاحيان ويؤذون العامة برغم أن مسؤوليتهم المهنية والاخلاقية تحتم عليهم خدمة الشعب..وأشهد أن هناك من رجال الشرطة والمرور من يعمل بمايرضي الله ..والله لايضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى.
هادي جلو مرعي