كَتب يزيد كتاباً إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان (وإلى المدينة) يُخبره بموت معاوية، ويأمره بأخذ البيعة من هل المدينة عامّة ومن الحسين بن علي خاصّة.
فأرسل الوليد إلى الإمام الحسين وقرأ عليه كتاب يزيد، فقال الحسين: أيها الوليد: إنّك تعلم انا أهلُ بيتٍ بنا فَتَح الله وبنا يَختم، ومِثْلي لا يبايع ليزيد شارب الخمور وراكب الفجور وقاتل النفس المحترمة.
وخرج الإمام الحسين من المدينة خائفاً يترقّب وقصد نحو مكّة؛ فجعل أهل العراق يكاتبونه ويراسلونه ويطلبون منه التوجّه إلى بلادهم ليبايعوه بالخلافة، لأنه أولى من غيره، فإنه ابن رسول الله وسبطه، والمنصوص عليه بالإمامة من جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لقوله: (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا).
أي سواء قاما بأعباء الخلافة أو غُصبتْ عنهما.
إلى أن اجتمع عند الحسين إثنا عشر ألف كتاب من أهل العراق وكلّها مضمون واحد، كتبوا إليه: قد أينعتِ الثمار واخضرّ الجناب، وإنما تقدم على جندٍ لك مجنّدة، إن لك في الكوفة مائة ألف سيف، إذا لم تقدم إلينا فإنا نخاصمك غداً بين يدي الله.
فأرسل الحسين ابن عمّه مسلم بن عقيل إلى الكوفة، فلمّا دخل مسلم الكوفة اجتمع الناس حوله وبايعوه لأنه سفير الحسين وممثّله فبايعه ثمانية عشر ألفاً أو أربعة وعشرون ألفاً.
وكتب مسلم إلى الحسين يخبره ببيعة الناس ويطلب منه التعجيل بالقدوم، فلما علم يزيد ذلك أرسل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، فدخل ابن زياد الكوفة وأرسل إلى رؤساء العشائر والقبائل يُهدّدهم بجيش الشام ويطمعهم.
فجعلوا يتفرّقون عن مسلم شيئاً فشيئاً، إلى أن بقي مسلم وحيداً، فأضافته امرأة فطوّقوا الدار التي كان فيها، وخرج مسلم، واشتعلت نار الحرب، وقتل مسلم منهم مقتلة عظيمة، وألقي عليه القبض يوم عرفة وضربوا عنقه، وجعلوا يسحبونه في الأسواق والحبل في رجليه.