فرض الله تعالى على عِباده الحج إلى بيته العتيق في العمر مرة واحدة، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة. والحج يهدم ما كان قبله؛ فعن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: "لما جعل الله الإسلام في قلبي، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يدك فلأبايعك. فبسط، فقبضتُ يدي. فقال: ما لك يا عمرو؟ قلت: أشترط. قال: تشترط ماذا؟ قلت: أن يُغفر لي. قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟"[1].
والحج من أفضل أعمال البر؛ فعن أبي هريرة قال: "سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمانٌ بالله ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور"[2].
قال أبو الشعثاء: (نظرت في أعمال البر، فإذا الصلاة تجهد البدن، والصوم كذلك، والصدقة تجهدُ المال، والحجُّ يجهدهما).
والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"[3].
والحج المبرور: هو الذي لا يخالطه إثم. وقيل: المتقبل. وقيل: الذي لا رياء فيه ولا سمعة، ولا رفث ولا فسوق. وقيل: علامة برِّ الحج أن تزداد بعده خيرًا، ولا يعاود المعاصي بعد رجوعه.
وعن الحسن البصري قال: (الحج المبرور أن يرجع زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة).
الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب؛ فعن جابر -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أديموا الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد"[4].
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة"[5].
ونفقة الحج لها فضل عظيم؛ فعن بريدة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف"[6].
والحاج في ذمة الله وحفظه؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله، ورجل خرج غازيًا في سبيل الله، ورجل خرج حاجًّا"[7].
هذه الهبات العظيمة تجعل الإنسان دائم الشوق إلى الحج..
إليك إلهي قـد أتيـــــــتُ ملبيًا *** فبارك إلهـــي حجتـي ودعائيـــــــا
قصدتك مضطرًّا وجئتك باكيًا *** وحاشاك ربي أن تــــــــــرد بكائيـا
كفاني فخــــرًا أنني لك عابـد *** فيا فرحتي إن صرتُ عبدًا مواليـا
أتيتُ بلا زاد وجودك مطمعي *** وما خاب من يهفو لجودك ساعيا
إليك إلهي قد حضـرتُ مُؤمّلاً *** خلاصَ فؤادي من ذنـوبي ملبيًـــا
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الدكتور محمد العريفي.
[1] رواه مسلم.
[2] متفق عليه.
[3] متفق عليه.
[4] رواه الطبراني والدارقطني، وصححه الألباني.
[5] أحمد والترمذي، وصححه الألباني.
[6] أحمد والبيهقي، وصححه السيوطي.
[7] رواه أبو نعيم، وصححه الألباني.