بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين


بركات دماء الإمام الحسين عليه السلام


لا يمكن لأحد من بني البشر أن يدرك ويحصي بركات الدم الحسيني والثورة

الحسينية، وآثارها ونتائجها في تاريخ الإسلام،


فقد أرسى دم الإمام الحسين عليه السلام وأهله وأصحابه على مدار التاريخ مساراً

وضّاءاً لكل الأحرار في العالم،


نتوقّف مع بعض مبادئه وبركاته
:



أ- هيهات منا الذلة


ليست شعاراً شكلياً رفعه الإمام الحسين عليه السلام
، بل هو نهج رسمه لكل الأجيال القادمة،



بأن الخضوع للظالم لا مكان له في قاموس الحسينيين، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

فقد أعلن (عليه السلام) عندما توضّحت نوايا الغدر والخذلان والإصرار على محاربة الإمام (عليه السلام)

وطاعة يزيد الفاسق قائلاً: "
فسحقاً لكم يا عبيد الأمة وشذّاذ الأحزاب ونَبَذَة الكتاب ونفثة الشيطان وعصبة الآثام


ومحرّفي الكتاب ومطفئي السنن وقتلة أولاد الأنبياء ومبيدي عترة الأوصياء...".


ثم قال عليه السلام
:"ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة!


يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجدود طابت وحجور طهرت واُنوف حميّة ونفوس أبيّة لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام
...".


ب- مدرسة الثبات على الحق



صرّح الإمام الحسين عليه السلام في العديد من المناسبات عن علمه المسبق بتصميم بني أمية على قتله،


فقد صرّح لأخيه محمد بن الحنفية قائلاً
:"لو دخلت في جُحْر هامّة من هذه الهوامّ لاستخرجوني حتى يقتلوني
".


وقال (عليه السلام) لجعفر بن سليمان الضبعي
:"والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة (يعني قلبه الشريف) من جوفي".



وروي أنّه لمّا عزم على الخروج من المدينة أتته أم سلمة (رض) فقالت:
يا بني لا تحزنّي بخروجك إلى العراق،


فإنّي سمعت جدّك يقول: يقتل ولدي الحسين (ع) بأرض العراق في أرض يقال لها: كربلا.


فقال لها: "
يا أماه وأنا والله أعلم ذلك، وأنّي مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بدّ، وإنّي والله لأعرف اليوم الذي اُقتل فيه، وأعرف من يقتلني،

وأعرف البقعة التي اُدفن فيها، وإنّي أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي...
وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشرّدين، وأطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيّدين،
وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معيناً".

ومع هذا لم يتبدّل شيء في مواقف الإمام الحسين (ع) من بني أمية التي تمثّل أكبر

مصاديق الجور والظلم في الدين والسياسة والحكم،


وإدارة شؤون الرعية وغيرها، بل إن ذلك زاده إيماناً وقوة في الدفاع عن الحق، و

أداء التكليف الإلهي في مواجهة الظالمين


فإن المرحلة بنظر الإمام الحسين (ع) ، ينطبق عليها قوله:
"من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله، ناكثا عهده مخالفا لسنة رسول الله،

يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يُغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله" .

ج- شعار مدرسة التضحية والشهادة لا بيعةً للظالمين


كتب يزيد فور موت أبيه إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ـ وكان والياً على المدينة من قِبَل معاوية ـ

أن يأخذ على الحسين عليه السلام بالبيعة له ولا يرخّص له في التأخّر عن ذلك. وذكرت مصادر تاريخية أخرى

أنّه جاء في الرسالة:إذا أتاك كتابي هذا فأحضر الحسين بن عليّ وعبدالله بن الزبير فخذهما بالبيعة، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما

وابعث إليّ برأسيهما وخذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم ،

فأجابه الإمام الحسين (ع) بصراحة قائلاً:"إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة

ومختلف الملائكة ومحل الرحمة،


بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله،


ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة".


إذاً فما دام الإمام الحسين (عليه السلام) لا يعطي البيعة ليزيد مهما تكن الأسباب، فلا طريق للحسين (ع) إلاّ الشهادة،

وقد كان موقف الإمام (عليه السلام) في الامتناع من البيعة ليزيد موقفاً علنياً وصريحاً وواضحاً لا يشك فيه أحد،

يقول الإمام (عليه السلام) لمحمد بن الحنفية (أخيه):"
يا أخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت والله يزيد بن معاوية أبداً
".


د- الشهادة موت جميل


ولما تناهت إليه الأنباء بان يزيد دسّ الرجال لاغتياله وسفك دمه وهو في مكة قبل مسيره إلى العراق.

ألقى خطبة جاء في مقدّمتها:"خط الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة،

وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء"…



وفي هذا دلالة على الوعي وطلب الشهادة واستقبال الموت في سبيل الله

وان الشهادة جميلة عند أعاظم الرجال كجمال القلادة في جيد الفتاة.
وفي موقف آخر قال عليه السلام :"لا أرى الموت إلاّ سعادةً والحياة مع الظالمين إلاّ برماً".

بهذه الصورة الرائعة سنّ الإمام الحسين (عليه السلام) سنّة الإباء لكلّ من يدين بقيم السماء


وينتمي إليها ويدافع عنها، وانطلق من هذه القاعدة ليغيّر الواقع الفاسد.اليقين بالموت لايضعف الهمم.


عظم الله لكم ولنا الأجر